عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبد الناصر والخبير الألمانى

كنا قد فرغنا من مؤتمر يتعلّق بسوق المال المصرية وكان ذلك قبل نحو خمسة أعوام من ثورة يناير 2011، انطلقت وعدد من خبراء سوق المال من مختلف الجنسيات نلتمس عبق التاريخ المصرى العظيم فى معابد مدينة الأقصر حيث لم يعد لنا سوى تاريخنا التليد نزهو به أمام الزائرين.

وبينما نحن كذلك إذ وجدتنى وخبير ألمانى جاوز عمره الستين ربيعاً تجمعنا مدرجة ضيقة لا تسع سوانا، فحملتنا مؤثرات التاريخ على الخوض فى نهضة ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، وحملتنى قراءتى الحديثة لكتاب "كفاحى" الذى يحتوى على مذكرات "هتلر" على أن أستفزه بتلك العبارة: "لو أن هتلر انتصر فى الحرب العالمية لكتب أنصاره التاريخ ولوجدنا فيه اختلافاً كثيراً" فإذا الرجل ينتفض كأنما لدغته حية أو أصابته فراعنة الأقصر بلعنتها وقد كال لهتلر أبشع الصفات وكأنما الجيش الأحمر قد غزا ألمانيا ليلة أمس!. تعجّبت من تطرّف الرجل الوادع ضد ذكرى "هتلر" الزعيم النازى الذى انهزم بعد أن فتح جنوده مشارق الأرض ومغاربها، والذى بدّل تاريخ الأرض وغيّر مسارها تماماً بعد أن نشأ فقيراً ولم تكن مؤتمرات حزبه الناشئ تستقبل من الناس سوى العشرات.
ظننت أن الألمان من دون البشر يعرفون أن قاعدة الويل للمهزوم التى رسّخها الحلفاء المنتصرون فى الحرب لم يدفع ثمنها شعب من شعوب العالم أكثر مما دفعه الشعب الألمانى، ظننت أن الشعب الذى اجتمعت عليه جنود العالم لقهره وتمزيقه واستلاب أراضيه، مازال يحمل فى وعيه حنيناً لتلك السطوة المخيفة التى قوّض بها "هتلر" الممالك وأخضع لها الأعناق، ظننت أن جناية الحرب ومرارة الهزيمة لم يعلقها الشعب الألمانى فى عنق النازية وشطط الزعيم بالقدر الذى حق لهم أن يعلّقوهما فى عنق الامبريالية الغربية والماركسية المستبدة، ظننت أن الخبير الألمانى يحفظ أناشيد يرددها الإعلام الفاشى تتغنى بانتصار ألمانيا فى أم المعارك –بحق- لولا أن مستعمرات بريطانيا ومدد الولايات المتحدة وسخرة الجيش الأحمر قد تآمروا على زعيمهم الاستثنائى وأسقطوه....كلها ظنون لعبت برأسى الذى تملأه أراجيز العرب فى وصف طغاتهم وقصص المصريين فى مديح جلاّديهم، لكن صاحبنا الألمانى كشف

لى أنه لولا الصورة الذهنية التى حطت من شأن "هتلر" وجنايته فى العقل الجمعى للشعب الألمانى لما كانت نهضتهم ولما انتصرت قيمهم الجديدة التى لم يبنوها على خرافة تميّز الجنس الآرى. لو أن صاحبنا الألمانى كان يعلّق فى مسكنه صورة لزعيمهم الأسطورى ويحلف بانتصاراته لما استطاعت ألمانيا أن تنهض مجدداً وأن تتقدم فى مجالات الطب والميكانيكا والتكنولوجيا..وفوق كل ذلك وقبله الديمقراطية، لو أنهم فعلوا كما فعلنا مع "عبد الناصر" لظلوا أسرى لصورة زعيم هرول خلف مجد شخصى حتى أغرق بلاده وأوقعها رهن الاحتلال، فما بالنا ولم يحقق "عبد الناصر" أى مجد عسكرى يبرر مجده فضلاً عن خسائرنا التى تعددت على يديه!. يقول قائل الناصريين كان بطلاً وزعيماً فإن أبطلت حجته يقول لك دع عنك ذكرى الرجل فهو بين يدى خالقه!! أولو كان الله يقول فى كتابه العزيز "وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" أولو كان الله يقول "أفلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم"
الشعب الألمانى لم يتجاوز محنته وكبوته إلا بعد أن أقر بفساد الفكرة التى انطلق منها زعيمهم، بعد أن هدم الصنم الذى عبده النازيون حتى أركسهم. ليتنا نعى أن حكم العسكر هو الذى جر على مصر هذا التراجع الذى تعيشه بين الأمم فى مختلف مناحى الحياة، وليتنا نقر بأن مؤسس دولة العسكر المماليك الجدد هو "جمال عبد الناصر".