عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجلس الشعب المحتل

اكتسب مجلس الشعب الذى انتخب عقب ثورة يناير 2011 شرعيته من الأصوات التى حصل عليها نواب الشعب، والتى تفوق أى تقديرات لأعداد الناخبين فى عهد مبارك الأسود على ما فيه من تزوير. وظل المجلس العسكرى الحاكم بأمره (أمر مبارك طبعاً) يفاخر بإنجاز انتخابات نزيهة غير مسبوقة لاكتمال أول وأهم سلطة فى البلاد بعد الثورة انتخابات

وهى السلطة التشريعية ممثلة فى البرلمان بغرفتيه (مجلس الشعب ومجلس الشورى)، لكنه لا يأتى على ذكر قرار حله بموجب إعلان العار المكبّل والمسمى بالإعلان الدستورى التكميلى!. ظل مجلس الشعب يعقد جلساته فى العلن على مرأى ومسمع من الجميع، لكن أعين التربص وحدها هى التى نجحت فى تتبع سوءاته وتصديرها للمشهد الإعلامى بصورة يومية، بل إن تلفيق الحوادث ونسبتها إلى البرلمان أصبح عملاً روتينياً لإعلام مبارك، خاصة فى الأيام التى يعجز فيها المتربصون عن اصطياد أية هفوة لعضو من الأعضاء!. كلنا تابعنا شائعة قانون مضاجعة الوداع التى لم يتحل مروجوها بفضيلة الاعتراف بالخطأ، وفوق هذا تمادى الكثيرون من المحسوبين على المثقفين فى ترويجها والاستشهاد بها فى مختلف المحافل إما عن علم بكذبها وتلك مصيبة، أو عن جهل بكونها محض تلفيق وافتراء وتلك مصيبة أكبر تشى بكسل وجهل النخبة الإعلامية الزائفة.

الحرب ضد المجلس الوحيد الشرعى فى البلاد بدأت إذن بتتبع الأخطاء (التى بالمناسبة لم تكن قليلة)، ثم انتقلت إلى مرحلة التلفيق والكذب، لكنها بلغت ذروتها حينما لجأ معسكر الضلال إلى قلب الحقائق بصورة كاملة، فقد كنت أتابع بنفسى جلسة مجلس الشعب التى رفض فيها رئيس المجلس أن يستثنى نفسه أو رئيس مجلس الشورى من الحد الأقصى للأجور، فإذا بإعلام الدولة يعلن عكس ذلك تماماً فى إشارة إلى أن رئيس مجلس الشعب يستثنى نفسه من الحد الأقصى للأجور!!.

مجلس الشعب الذى يتمسك أنصار المجلس العسكرى بالشرعية فى نعته دائماً بالمنحل! هو فى حقيقة الأمر أحق بالبقاء والاستمرار بشرعية الصندوق من المجلس العسكرى ذاته الذى زعم أن شرعيته فى البقاء ممتدة من استجابة الشعب للتصويت فى استفتاء مارس!! فمجرد قيام الشعب بتلبية الدعوة للاستفتاء (وهو لا يملك بديلاً آخر) اعتبره جهابذة المجلس اعترافاً –ضمنياً- بوجودهم (علماً بأن هذا الوجود لا يعنى سلطة بعينها)، لكن نزول الملايين للتصويت فى انتخابات مجلس الشعب لم تمنح هؤلاء النواب شرعية كافية فى نظر هؤلاء الجهابذة للبقاء فى مجالسهم لحين الفصل فى النزاع القائم بين سلطتى القضاء (ممثلة فى المحكمة الدستورية العليا) والتشريع (ممثلة فى البرلمان)، وأقول لحين الفصل فى النزاع لأن السلطة لا يحق لها بداهة حل سلطة أخرى إذا ما اعتمدت الدولة مبدأ الفصل بين السلطات، سواءً أكان هذا الفصل جامداً (كما هو الحال فى نظام الولايات المتحدة الأمريكية) أو مرناً (كما هو الحال فى النظام الإنجليزى).

 فمسألة بطلان مواد من قانون الانتخابات

لا ترتب حلاً تلقائياً لكامل هيئة مجلس الشعب إلا إذا احتكمنا إلى الشعب ذاته خاصة فى غيبة دستور دائم للبلاد، وفى غيبة وجود صلاحيات لحل البرلمان فى نصوص الإعلان الدستورى المؤقت، فإذا كان المصدر الأول للشرعية الدستورية كما يتوهّمه محبو عسكرة الدولة هو المجلس العسكرى الذى يحكم بتوكيل من الرئيس المخلوع وبشرعية الأمر الواقع، فمن باب أولى أن يكون البرلمان المنتخب فى انتخابات حرة نزيهة لأول مرة فى تاريخ ما بعد يوليو 52 فى مرتبة أعلى من هذا المجلس العسكرى، وبالتالى يعد القرار بحل السلطة المنتخبة من سلطة معينة (سواء مجلس العسكر أو المحكمة الدستورية) أمراً غير منطقى إلا بحكم القوة العسكرية وبقوة احتلال البرلمان من قبل قوات الأمن لمنع أعضائه من الدخول كما هو حادث الآن!.

المجلس العسكرى يصدر الإعلان تلو الإعلان ويسميه إعلاناً دستورياً! فإذا عارضناه يقول: لقد فعلناها من قبل ولم يعترض أحد!!أين إذن هتافات الملايين فى الميادين منددة بحكم العسكر وعسكرة الدستور؟! أين شعارات "لا دستور تحت حكم العسكر" فما بالك بوضع العسكر للدستور؟!..هذا الرد من قبل جهابذة العسكرى يذكّرنى بالنكتة التى يقول فيها القائل يجوز الصلاة بغير وضوء، فلما عارضه الناس وقالوا: لا يصح، رد ببجاحة : لقد فعلتها من قبل وصحّت!!.

البرلمان الحالى بكل سوءاته هو برلمان منتخب من الشعب وهو أولى من العسكر بتولى سلطة التشريع والرقابة على الحكومة لحين إعداد دستور دائم لمصر. البرلمان الحالى بكل سوءاته شرّع لنا فى نحو ثلاثة أشهر قانوناً يسمح بفرز الأصوات فى اللجان الفرعية مما حال دون العبث بنتائج الانتخابات الرئاسية، وهو الذى ألغى وصمة "سيد قراره" التى أهدر بها مبارك أحكام محكمة النقض، وهو الذى حاول عزل الفلول، ووضع حد أدنى وأقصى للأجور، البرلمان "المحتل" يجب أن يعود إلى العمل لحين إقرار دستور جديد ثم يحل نفسه بنفسه وبسلطة الشعب.