رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المزوّرون والمقاطعون والمعاندون

تزييف الإرادة الشعبية له مراتب أعلاها تسويد بطاقات الاقتراع واستبدال الصناديق الانتخابية والعبث بمحاضر الفرز وقوائم الناخبين، وأدناها شراء الأصوات وتدخل السلطة الحاكمة لتوجيه الرأى العام بالتصويت لصالح مرشح بعينه. الانتخابات الرئاسية

فى مصر لا يمكن تنزيهها من صور التزييف المختلفة، فقوائم الناخبين أثارت استياء المرشحين والمراقبين على حد سواء، نظراً لحجبها عن مندوبى المرشحين وامتلائها بأسماء الموتى والعسكريين وزيادة عدد الناخبين بواقع عشرة ملايين ناخب بين تاريخ استفتاء 19 مارس 2011 والانتخابات الرئاسية فى 23 مايو 2012! بداية مارست اللجنة العليا للانتخابات سلطات قضائية بطريقة غير مسبوقة إذ رفضت تطبيق تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية الذى يمنع الفريق أحمد شفيق من الترشح للانتخابات الرئاسية، ثم أحالت القانون إلى المحكمة الدستورية العليا مع افتراض مسبق بعدم دستوريته!! كذلك لا يمكن أن نغفل تحصين قرارات اللجنة ضد الطعن عليها بموجب المادة 28 من الإعلان الدستورى والذى يجعلها الخصم والحكم فى جميع مراحل عملها!. مراقبو الانتخابات رصدوا العديد من التجاوزات وممارسات التضييق على الناخبين، كذلك منع مندوبو بعض المرشحين من دخول اللجان أو حراسة الصناديق الانتخابية أثناء يومى إجراء الانتخابات، هذا فضلاً عن بلاغات عدة بشراء الأصوات واعترافات من اللجنة العليا ذاتها بتجاوزات الدعاية وكسر الصمت الانتخابى من قبل بعض المرشحين..وهناك تفاصيل كثيرة تجعل الاطمئنان إلى نتائج الانتخابات أمراً صعباً.
فى ظل هذه الظروف هناك دعوة إلى مقاطعة المرحلة الثانية لانتخابات الإعادة وهى امتداد لدعوة بالمقاطعة للمرحلة الأولى أيضاً والتى تولّى كبرها عدد من ناشطى مواقع التواصل الاجتماعى. المقاطعة سلاح جيد لكنه مشروط بتطوير وسائل مختلفة لاستخلاص الحقوق من سالبيها، أما هذا النوع من المقاطعة الذى ينتهى ببكاء الاطلال او إثارة الشغب فهو أمر يصب فى صالح المزوّرين، كيف هذا؟ المزوّرون يعمدون إلى استغلال المال لشراء الأصوات وذمم بعض الإعلاميين وبعض المشاركين فى العملية الانتخابية لا داعى لتسميتهم، وبالتالى فإن الرقابة الشعبية المتمثلة فى تزايد أعداد المشاركين فى الانتخابات هى الضمانة الأكيدة لإضعاف قدرة المزورين على شراء الذمم والأصوات، أولاً لأن التكلفة فى حالة تزايد الأعداد المشاركة تكون غير محتملة وثانياً لأن الرقباء يكونون من حشود الناخبين أنفسهم.
إذن فليس مستبعداً أن تكون هذه الدعوة بالمقاطعة قد انطلقت او -على الأقل- يتم تغذيتها من داخل المقار الانتخابية للطرف المزوّر الذى لا أمل له فى النجاح إلا بتزييف الإرادة الشعبية وما أسهل التزييف لو أن هذه الإرادة لم تكن ممثلة إلا بعدد قليل من الناخبين.
هناك أيضاً فريق آخر يريد ان يشارك فى انتخابات الإعادة لا لاختيار رئيس مصر القادم ولكن للانتقام من فصيل بعينه، ولا عزاء لأهداف الثورة ودماء الثوار، فقد أيقن هذا الفريق أن النجاة من فزّاعات المرشح المخيف تكمن فى التصويت غير المشروط للمرشح المنافس!، هؤلاء فى حقيقة الأمر إذ يصوتون بهذه الآلية فهم يعاندون

أنفسهم أولاً، لأن غضبهم أعمى أبصارهم عن تبيّن معالم الطريق، وربما ساهم فى هذا العمى تطرفهم فى الانتماء إلى مرشح ثالث لم يتم تصعيده إلى مرحلة الإعادة.
الثورة اليوم تمر بأصعب مراحلها وليس من المفترض أن يتقبل المصريون كل ما يقذف إليهم من القائمين على أمر البلاد لمجرد رغبتهم الملحة فى تجاوز هذه المرحلة الصعبة! فقد أخطأنا حينما مررنا التعديلات الدستورية التى ندفع ثمنها كل يوم منذ أكثر من عام، واخطأنا حينما وضعنا العربة امام الحصان ورضينا بإجراء الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية بدون دستور حتى أن "جيمى كارتر" الرئيس الأمريكى الأسبق وأحد متابعى الانتخابات الرئاسية المصرية عبر مركزه يؤكد ان إقامة هذه الانتخابات فى غيبة من الدستور يعد سابقة لم يعهدها فى تاريخه السياسى المديد! واليوم يطلب منا أن نمرر الانتخابات الرئاسية بكل عوارها وعيوبها مسلمين رقابنا لأعضاء اللجنة العليا للانتخابات التى عيّن مبارك المخلوع رؤوسها فى مواقعهم التى أهلتهم لإدارة العملية الانتخابية برمتها.
تجدر الإشارة إلى أن إدارة اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية للعملية الانتخابية -فضلاً عن مساوئها السابقة- يشوبها الكثير من الغموض، فاللجنة تجيب الصحفيين عن أسئلة واتهامات بخصوص قوائم الناخبين، لكنها ما إن بوغت رئيسها بسؤال حول العشرة ملايين التى أضيفت خلال أشهر معدودة قال المستشار فاروق سلطان بارتباك واضح أنه غير معنى بهذه القوائم! لكن سرعان ما تدخل المنقذ المستشار بجاتو لينفى ان تكون الزيادة الكبيرة قد حدثت بين انتخابات البرلمان وانتخابات الرئاسة وأنها حدثت بين استفتاء مارس وانتخابات البرلمان! وكأنما بضعة أشهر كافية لتبرير دخول عشرة ملايين مصرى ومصرية إلى قوائم الناخبين ليزداد عدد المؤهلين للتصويت من نحو 41 مليون إلى نحو 51 مليون ناخب!!!
إذا أريد لمصر أن تعبر هذه المرحلة، فعلينا أن ندير عملية ديمقراطية حقيقية، تكون اليد العليا فيها للناخب المصرى الذى بمقدوره وحده اختيار رئيس مصر خلال الأربع سنوات القادمة.