عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

واحد دستور "كمالة"!!

يبدو أن آفة مصر الحقيقية تكمن فى فقهائها وخبرائها أو من يدّعون الفقه والخبرة فى مختلف المجالات، فهذا فقيه دستورى وهذا خبير استراتيجى وذاك عليم ببواطن الأمور يضرب الودع ويفتح المندل!. المتفيهقون الذين يتحدثون اليوم عن إعلان دستورى تكميلى لتحديد صلاحيات الرئيس بعد أن بدأت بالفعل عملية التصويت على رئاسة الجمهورية من قبل المصريين فى الخارج،

يضعوننا فى مأزق دستورى وسياسى جديد يضيف إلى مآزقنا التى انغمسنا فيها طوال عام ونصف من الفترة المزعجة المسماه بالفترة الانتقالية. حجة هؤلاء لتمرير هذا الإعلان ف5ى هذا التوقيت تعكس أحد أمرين، إما تبعية مشبوهة لصاحب الإعلان وهو المجلس العسكرى استمراراً لعرض مهارات وفنون حياكة التشريعات التى مارسها "ترزية" القوانين وحواة الدساتير على مر العقود، ممنين صاحب السلطة الأعلى بمزايا فوقية تجعله دولة داخل الدولة، أو تعكس قصوراً شديداً فى الرؤية لدى هؤلاء وعبودية للنص والأعراف الفاسدة التى جبلوا عليها.
هذا فقيه يقر بأن المجلس العسكرى قد عبث منفرداً بإرادة الشعب، فوضع فوق المواد الدستورية المستفتى عليها فى مارس 2011 عدداً كبيراً من المواد دون الرجوع إلى صناديق الاستفتاء، بما تهتز معه شرعية النظام الانتقالى بصورة كبيرة، لكن الفقيه المحترم يتجاوز ذلك سريعاً ليقف أمام صلاحيات رئيس الجمهورية فى حل البرلمان وضرورة أن تقر هذه الصلاحيات فى الإعلان الدستورى المؤقت صوناً للشرعية، مستشهداً على رأيه -الذى تصدر منه رائحة التشفّى فى حزب الأغلبية لاستبعادهم إياه من عضوية اللجنة التأسيسية للدستور- بكون تلك الصلاحيات موجودة فى دستور 71 وسبق للرئيس المخلوع استخدامها أكثر من مرة!! وكأننا فى حاجة إلى مزيد من الصراعات السياسية بين السلطات خلال الأيام القليلة الباقية، وكأننا فى حاجة إلى محاكاة نموذج فاسد قامت الثورة ضده حتى نستشهد به، وكأننا انصهرنا فى دستور 71 ونصوصه ورفعناه

إلى مرتبة التقديس حتى أن فقهاءنا الأعزاء لا يستطيعون مضياً خارج صندوقه الضيق!، وكأننا لا نعى أن الفترة الانتقالية (الانتقامية) أوشكت على الانتهاء، وأن اكتمال عناصر السلطات فى الدولة يقتضى وجود البرلمان والرئيس المنتخبين حتى تتم خارطة الطريق العبثية التى أرغمنا على المضى فيها، وحتى يتسنى كتابة الدستور الدائم بعد ذلك مباشرة.
   الخبراء والفقهاء يلتحفون بعدد من الساسة الموتورين أصحاب الأحزاب الكرتونية والحركات الهامشية الذين طالما استعان بهم مبارك لإسباغ شرعية زائفة على فرماناته الحمقاء، وهم فى تنقّلهم بين المحطات الفضائية يستعرضون معلوماتهم المستفزة باعتبارها حقائق مطلقة، لكن سرعان ما تتلاشى هذه الحقائق أمام آراء فقهاء آخرين يمطرون أصحابنا بوابل من المداخلات الهاتفية لإفساد عرسهم الذى أقاموه على جسد الثورة ودماء الثوّار.
حقيقة، أمثال هؤلاء الفقهاء الذين تغص بهم شاشات التلفزيون لم يخرجوا مصر من عثراتها فى عهد مبارك، ولم يقودوا الثورة على الطريق الآمن بعد سقوطه، ولا هم تحلّوا بالشجاعة لمواجهة الحكام، ولا تحلّوا بوقار الصمت حينما دعوا إلى قول الزور وقلب الحقائق، هم بقية من عهد زال إلى غير رجعة، وبقى أن يفسحوا المجال لأصحاب الرأى والخبرة شريطة ألا يحتكر هؤلاء بدورهم الحقيقة المطلقة.