رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"استقطاع" الرأى

يؤسفنى تشويه الآلية الوحيدة التى تعتمدها الدول الديمقراطية لقياس الرأى العام ومعرفة اتجاهات التصويت. فحتى هذه اللحظة لم تسفر استطلاعات الرأى الخاصة بانتخابات الرئاسة المقبلة إلا عن وجه نظام قديم يعرف نفسية المواطن المصرى،

ويريد أن يقوده للتصويت لمرشح بعينه رغم أنف الديمقراطية والحريات. فليس من المنطقى أن يتصدر السيد "أحمد شفيق" معظم استطلاعات الرأى المعلن عنها فى صحف تنتمى رئاساتها لنظام مبارك سواءً بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما أن نتائج تصويت المصريين فى الخارج -وإن لم تكن معبّرة عن تركيب المصريين بالداخل- فهى على الأقل تؤشّر إلى تأخر هذا المرشح إلى المرتبة الخامسة وبفارق أصوات كبير عن متصدرى قائمة المرشحين الرئاسيين، وهو ما يتعارض بشدة مع كافة نتائج استطلاعات الرأى المشار إليها.
سبق لى أن عملت بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ولمست عن قرب مزايا وعيوب آلية استطلاع الرأى عبر الهاتف التى نشرها فى مصر الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات فى حكومة شفيق، والذى يعمل اليوم على نشرها من خلال مركز خاص لاستطلاع الرأى ما إن أقامه حتى اتخذته صحيفة واسعة الانتشار مصدراً أساسياً ووحيداً لقياس مؤشرات التصويت! وذلك على الرغم من اختلاف نتائجه عن استطلاعات مركز المعلومات التى يجريها حالياً فريق متخصص أثق فى دقته وكفاءته، كما أثق فى تقديره لمحدودية دقة كافة هذه الاستطلاعات لأسباب إحصائية وفنية كثيرة.
الناخب المصرى الذى لم يكوّن رأياً بعد يخاف أن يهدر صوته، وبالتالى يميل إلى اختيار أوفر المرشحين حظاً للفوز بالرئاسة حتى يصوّت له، وهنا تعطى استطلاعات الرأى إشارات خطيرة لشريحة كبيرة من المصريين للتصويت لصالح مرشح بعينه إذا كانت الأغلبية ترشّحه كما تدّعى نتائج المسوح!. أى نفس مريضة تسوّل لأصحابها تزييف إرادة المصريين بهذا الأسلوب الرخيص، حينما تدلّس فى نتائج استطلاع الرأى أو بالأحرى "استقطاع الرأى" لأنها تستقطع عينة تناسب أغراضها وتستقطع منها نتائج تتفق ومرادها؟!
كنا فى مركز المعلومات ندرك جيداً أن مصداقية نتائج

المسوح تتأثر كثيراً بمجرد التقديم للأخصائى على أنه موظف فى مجلس الوزراء، لما فى هذه المؤسسة من اتصال بالحكم، وارتباط ذلك لدى الكثيرين بالعسف والعقاب على الإجابات التى قد لا ترضى الحاكم، لكن بعد الثورة وانقشاع الخوف إلى حد كبير ربما يتأثر المبحوث بصياغة الأسئلة، خاصة إذا ما صيغت أسئلة الاستطلاع بطريقة يصعب معها الحصول على إجابة صادقة، كأن تقدّم لسؤالك عن مرشحك للرئاسة بتذكير المبحوث بأداء التيارات الإسلامية فى الانتخابات البرلمانية مثلاً، وهنا قد يعطيك الإجابة التى يظن أنها ترضيك، حتى وإن أضمر فى نفسه خلافها.
ربما تحتاج الشخصية المصرية لتحليل نفسى خاص، هذا لأن الكثير من الناس لا يكلفون أنفسهم مشقة الدفاع عن آرائهم، والكثير منهم يحب أن يرضيك برأيه ظناً منه بأن الخلاف فى الرأى مفسدة للود والعلاقات وما أغناه عن ذلك، فيبادر عند سؤاله عن رأيه بإسماعك ما يحسبه سبباً لرضاك عنه!. ولأن مراكز "استقطاع" الرأى تدرك هذا العيب المنتشر فى الشخصية المصرية فإنها تعوّل عليه فى إتمام مهمتها، والتى تتحوّل من مجرد قناة لإرسال إشارات للناخبين بغية التأثير عليهم قبل عملية التصويت، إلى أداة لتسويغ التزوير المحتمل لنتائج الانتخابات بعد انتهاء التصويت، خاصة إذا اعتمد المزوّرون على نسب استطلاع الرأى لتقنين تدليسهم وإلباسه زياً علمياً جذاباً.