رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أنصاف الفلول

نجحت الثورة فى عزل مبارك الأب واستبعاد ولده الوريث المحتمل وخاصة رجالهما، كما نجحت جزئياً فى إسقاط بعض رموز الحكم المباركى من أعلى بعض الهيئات والمؤسسات. لكن الذى حدث فى معظم حالات الاستبعاد والعزل من تلك المؤسسات والهيئات أن خلا منصب الرئيس أو المدير التنفيذى، وترتب على ذلك ضرورة شغل هذه المواقع بأسرع وقت ممكن! فكانت أيام سعد وطالع خير لحفنة من أنصاف الرجال وأنصاف الفلول الذين لم يكونوا يحلموا بتولى تلك المناصب فى عهد المخلوع ولا حتى فى عهد ولده المنتظر!.

نعم لقد ترقى الفاشلون الذين لم يملكوا مطاولة رموز النظام الساقط فى سلطتهم، ولا هم استطاعوا أن يقاوموا فساد حكم مبارك أو يقولوا عنده كلمة حق واحدة تشفع لهم لدى ترشيحهم ليصبحوا رؤساء مؤسسات ما بعد الثورة!. المعضلة التى تواجه الثورة هى كيفية تطهير مؤسسات الدولة من أنصاف الفلول، لأن الفل ظاهر الفساد فى عهد المخلوع يمكن تمييزه والإيقاع به بسهولة أما الصف الثانى لهؤلاء الفلول فهم أشد خطراً على ثورتنا بل على أمتنا كلها.
أينما بحثت فى القطاعين المالى والمصرفى على وجه الخصوص صدمتك وجوه من العهد القديم، لكنها فى الغالب وجوه ثانوية كانت تلعب دور "الكومبارس" فى عهد ما قبل ثورة يناير، فإذا بالساحة تخلو أمامها وإذا بأدوار البطولة فى شتى المجالات تلاحقها وكأن أصحابها هم منقذو الوطن من الكوارث المالية المحدقة به!.
إن أنصاف الفلول يفتقرون إلى الكفاءة والكاريزما فضلاً عن افتقارهم للمؤهلات العلمية والاجتماعية التى كان يتمتع بها أسلافهم الفلول. كذلك يعانى أنصاف الفلول من متلازمة خطيرة تحتاج فى تشخيصها لخبراء نفسيين، فهم يتباكون على عهد المخلوع الذى لولا خلعه ما بلغوا معشار ما بلغوا من مناصب، وهم يؤيدون أى ظهور للفلول، ويتمنون عودتهم ليحكموا البلاد، يقدحون أذهانهم لمحاكاة أسلافهم فى كافة تصرفاتهم، تدفعهم عقدة النقص inferiority complex أن يتمثلوا كبراء عهد المخلوع فى الهيئة والتصريحات وحتى فى المشروعات المستقبلية، تماماً مثل العبد الذى يأبى أن يعتق، إنكاراً للحرية وجهلاً بها.
أنصاف الفلول يعانون من فقر مزمن فى

الخيال والابتكار، سقف آمالهم وأحلامهم كان رضا ومباركة وزراء جمال مبارك لأدائهم المتواضع، فلما اختفى هؤلاء وأسقطتهم الثورة أحسّوا برودة الخوف والقلق والوحدة، إذ وجدوا أنفسهم مضطرين لاتخاذ مواقف مستقلة وقرارات لمصلحة الوطن لا لمرضاة أسيادهم الذين عمروا سجون مصر.
أما إذا شق عليك اكتشاف أنصاف الفلول، فارجع إلى صور عهد مبارك، فهم فى كتف كل مسئول يحنون رؤوسهم وجباههم لسادتهم وهم يفركون أيديهم إمعاناً فى النفاق والتزلّف. تجدهم فى سطر من خبر طويل يسرد إنجازات أحد الفلول، يتحدّثون عن سادتهم، يمهّدون لهم، ويفترشون كرامتهم وأعمالهم موطئاً رخيصاً لفلول مبارك وابنه. تجدهم فى أعمال لم يقصدوا بها غير أوجه سادتهم، حتى وإن كانت وبالاً على البلاد والعباد. أنصاف الفلول وجوههم مسودة، فعليهم كل أوزار رموز عهد مبارك وفوقها أوزار النفاق وفقر الكفاءة والعقول. هم كمن حاول أن يكون من الفلول ولكنه فشل! أو أن يرتكب المعصية ولكنه جهل، هم كمن بقى من هشيم الأرض لأن الرياح أبت أن تحمله، إما لضآلة حجمه أو لضعة شأنه.     
التخلص من أنصاف الفلول أصبح ضرورة ملحّة لنهضة البلاد أو حتى لوقف تراجعها المستمر، فهم يغرقون مصر، إما لعجزهم عن السباحة أو لسوء نيتهم وخبث طويتهم وحقدهم على الثورة والثوار إخلاصاً لأربابهم وأولياء نعمتهم، وفى كلتا الحالين لا يؤمن بقاؤهم فى مواقعهم، ولن تنجح الثورة إلا باستئصالهم.