رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عمرو موسى وفن الممكن

لم أكن أتصور أن أدعو يوماً لانتخاب السيد عمرو موسى رئيساً للجمهورية!، فقد كنت أراه أميناً لطغاة العرب في جامعتهم لعدة سنوات، كما أني لست من الذين تستميلهم العروض الإعلامية التي تصوّر مواقف رافضة لإسرائيل بينما لا تقدّم فعلاً على الأرض، خاصة وقد استغل البعض هذا العداء الذي يضمره الشعب العربي تجاه إسرائيل ومن ورائها الإدارة الأمريكية لدغدغة المشاعر بمقابل مجاني لا يساوي المداد الذي تكتب به عبارات الشجب والتنديد.

لكن المشهد السياسي اليوم يفرض علينا نظرة واقعية لفحص الأسماء المرشحة للرئاسة والبرامج غير المطروحة للمرشحين. كما يفرض علينا الواقع تقييم المسرح السياسي العبثي الذي يلعب فيه نواب الأحزاب الفاشية الثيوقراطية جميع الأدوار، وذلك نتاج ستين عاماً من تجهيل الشعب وإفقاره وليس نتاج ثورة شعب فريدة خرج بها النخبة الليبرالية وامتطاها جماعات العمل السري في اتفاق مشبوه مع بعض العسكريين من رجال مبارك. فالبرلمان المصري المنتخب انشغل بالآذان في قاعة البرلمان وبقضايا تعليم لغة الفرنچة في المدارس! بينما يصفق لرئيس حكومة شهدت على مذبحة بورسعيد وغيرها من حوادث انتهاك حقوق ودماء المصريين! هذا البرلمان الذي يمنح الداخلية ثقته وتفويضاً بالقتل يعود فيهدد بسحب الثقة من الحكومة فجأة بدون مقدمات ربما لأن الاتفاق السري مع العسكر يمر بأزمة، أو لأنهم يريدون السيطرة على انتخابات الرئاسة حينما لمسوا من حلفائهم في انتخابات البرلمان نكوصاً عن دعم مرشحيهم وترك منابر المساجد نهباً لخطبائهم وحملة مباخرهم. هذه مقدمة هامة لتفسير أو ربما لتبرير موقفي من دعم مرشح مدني يحظى بتاريخ من العمل السياسي يسمح له بإحباط مخططات تلك الجماعات الفاشية.
ربما لو بقي الدكتور البرادعي على الساحة لما احتجت لكتابة هذا المقال، فقد كنت أدعو لترشحه للرئاسة حتى قبل سقوط مبارك وشاهدي على ذلك مقالات بالمصري اليوم وشبكة محيط واليوم السابع، لكن الواقع حتى كتابة هذه السطور لا يترك بديلاً مدنياً مقبولاً خلاف عمرو موسى. عجيب أمر مؤيدي الدكتور البرادعي الذين تحولوا عن بكرة أبيهم لدعم الدكتور أبي الفتوح! فالرجل ابن جماعة الإخوان وخلافه معهم ليس جذرياً، ومن المنطقي ألا ينزع الرجل من قلبه انتماء عشرات السنين اعتلى خلالها أرقى منازل التنظيم في جماعة الإخوان ! وإن فعل فذلك أقمن أن يثير الشك من

أن يثير الإعجاب! ولست أيضاً مع انتخاب نسخة شائهة من جمال عبد الناصر لا تنتج في أحسن الأحوال سوى طبعة أخرى من القذافي، كذلك من بين المرشحين من ارتضى أن يهب نفسه للحاكم العسكري يحكم من خلاله!.. هل يعني ذلك أن نمتهن الثورة فنرضى بأفضل المتاح بين بدائل غير مقبولة؟! كلا لكن دعونا لا نغفل أن أي رئيس يأتي منتخباً في انتخابات نزيهة لا يمكن أن يتسلط على رقاب الناس ويتأبد على كرسيه رغماً عن ناخبيه خاصة في هذا الزمان وبعد الثورتين الشعبية والمعلوماتية. كذلك فقد تعهّد الرجل بالبقاء فترة رئاسة واحدة وإن قلت لي "قديمة" أقل لك: صدقت ولكن هذه المرة نراهن على برامج معلنة ومناظرات مسجّلة وشعب حديث عهد بثورة عظيمة والأهم من ذلك قوى سياسية في البرلمان تختلف عن موسى ومعه في الخلفية والمرجعية والتفكير وتمثّل معارضة عنيفة ضد حكمه المرتقب. هنا يجب ألا ننسى أيضاً أن توازن القوى أمر شديد الخطورة والأهمية على السواء، فلم أكن أحب الاتحاد السوڤيتي لكنني أرى سقوطه كارثياً إذ أنتج نظاماً عالمياً مختل التوازن أحادي القطبية تمارس فيه الإدارة الأمريكية أبشع ممارسات الاحتلال. فوجود الاضداد في حالة من المنافسة المستمرة يظهر الجانب الإيجابي لكل طرف ويترك الجوانب السلبية وإن كثرت غنيمة للمنافسين يسهل اصطيادها. إذا كانت السياسة فن الممكن فانتخاب السيد عمرو موسى للرئاسة هو قمة النضج السياسي منزوع العاطفة، وذلك بالطبع إذا لم يظهر مرشحون يغيرون من هذا الواقع.