رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اختلاف الرأى واضطراب المبدأ

أفرزت الثورة المصرية فى أيامها الأولى وحتى الساعة عديداً من المشاحنات بين فريقين. فريق التحم بالثورة وناصرها فعلاً وقولاً أو بأحد المغنمين، وفريق آثر بقاء الحال وفساد الحكم على ما وصفه بالفوضى، ولكل حجته ومنطقه.

فى محيط معارفى وأصدقائى لاحظت أن الفريق الأول قد انضم إلى صفوفه أصحاب القلم، ممن اعتدت ان أقرأ لهم تعليقات سياسية وأفكار اجتماعية قبل الثورة، وهم فى غالب الأمر يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعى مثل "الفيسبوك" لأهداف ليس من بينها اللهو والعبث.
بينما اكتظ الفريق الثانى بنوعين من الأصدقاء. النوع الاول لم أكن أعلم أنه مازال على قيد الحياة! وكما قال شوقى:
وكم يموت أناس لا تحسّهم    كأنهم من هوان الخطب ما ولدوا 
والنوع الثانى من أولئك الذين يمطرونك بوابل من مراسلات الألعاب وبرامج اللهو التى يقصد إليها إضاعة الوقت والتسلية. وهم أناس لطفاء المعشر أستحيى أن أحذفهم من دائرة الأصدقاء على الموقع، واكتفى بحذف جل ما يرسلون.
إذن هناك فريق استعصم بمبادئ كوّنها على مضى السنين وظل يخبر عنها أو حولها حتى أتاه نصر الله والفتح المبين، وفريق آخر آذته صلصلة الثوّار فهبّ من ثباته وألقى بألعابه مغاضباً كيما يتفرّغ لتأديب هؤلاء المزعجين!.
التقى الجمعان لأول مرة على صفحات الإنترنت بعد 25 يناير 2011، وانشق عن الصفين نفر من الأعراف يدعون إلى الهدوء والسكينة، وإعلاء شعار "اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية". هنا غالبتنى حجة هؤلاء، وكاد ينطلى علىّ ما فى هذا الرأى من رجاحة وتوسّط فى الأمور، لكننى كعادتى التى نشأت عليها أخذت أقلّب الأمر فى عقلى متجرّداً من أية عاطفة، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فماذا رأيت؟.
رأيت أن ما يدور بين الفريقين من تشاحن ولدد ليس اختلافاً فى الرأى، بل هو اختلاف فى المبدأ والعقيدة. اختلاف بين أناس يؤثرون الكرامة والحرية على الحياة، وآخرين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، يشربون ويأكلون كما تأكل الانعام. هو اختلاف بين أناس زهدوا الحياة التى يمنحها الخلق طمعاً فى الحياة التى شرعها الخالق، وآخرين غرّتهم الأمانىّ، علموا أن الحكم فاسد فاحتكموا إليه، وأن العدل غائب فعدلوا عنه، وأن الكرامة للبشر فعموا وصمّوا ثم عموا وصمّوا كثير منهم. هو اختلاف بين مجاهد فى الحق ومهادن للباطل، بين دافع للغىّ ومقبل عليه. أين اختلاف الرأى إذن من هذه النقائض بين الخير والشر، بين الكرامة والخزى؟ عقيدتنا فى الثورة أنها هبّت لرفع الظلم وإطلاق

الحريات وإعمال سنة الله فى خلقه بالتغيير، فإن زاغ عن هذه الأهداف زائغ فلا يضير النظرية فساد التطبيق، خاصة وقد سطر الثوّار بدمائهم وسلوكهم آيات من الانتصار لقيم العدالة والحرية والخير. 
يطعنون فى الثوّار بالحياد عن مبادئ الديموقراطية التى ينادون بها لأنهم لا يقبلون ما وصف بالرأى الآخر!! نسى هؤلاء أو تناسوا أن الشعب الذى انتصر وآن له أن يحكم لم يفتح السجون والمعتقلات لمناهضيه، كما كان يفعل كبيرهم الذى علّمهم السحر. نسى هؤلاء أو تناسوا أن الشعب يردّ القول بالقول ولم يفعل كما تفعل الثورات المنتصرة بأن يعلنها صريحة "لا صوت يعلو فوق صوت الثورة، ولا حق لمخلوق أن يقف أمام الثوّار" لم يطلب الثوّار أن تفتح المحاكم الاستثنائية أبوابها للنظر فى تهم معاداة الثورة، وهى تهمة لو تعلمون عظيمة فى شريعة الثورات. بل إن الشعب المصرى العظيم أقام محاكمات شعبية وقودها المداد وصفحات الإنترنت كيما يشعر أعداء الثورة بالخزى من أنفسهم ويثوبوا إلى رشدهم.

أعيذك أن تمضى باتهام الحق خوفاً على سكينة ودعة كنت تحسبها الأمان، بينما يحدق بك الخطر وتحفّك وآلك المظالم وأجهزة التنصّت وآلات التعذيب. أعيذك أن تظن الكفر بالحق والعدل رأياً، ونصرة الظالم توجّهاً سياسياً. أعيذك ان تكيل دم الشهداء الذين قضوا فداءً لك ولى بمكيال لقمة العيش وهدأة النفس ولعبة "فاميلى فيل" على الفيسبوك التى كدّرها عليك صخب الثورة!. 

هذا وإن اجتهدت فى وصف الفريقين، لا أضع فى مقالى وزناً لأولئك المنقلبين، الذين صبّحهم الرئيس السابق زعيماً وأمسى وكأنه إبليس فى كتبهم ومجالسهم، أولئك هو المنافقون حقاً، حسبهم هذا الوصف.