رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيناريوهات سقوط المجلس

سقط عن المجلس العسكرى قناعه الذى وضعه على وجه مباركى أصيل، ولم تعد لديه خيارات كثيرة بعد أن فقد ثقة الشعب واحترام غالبيته. البدائل المطروحة أمام المجلس العسكرى ليست فى معظمها ملك يمينه،

فجلّها مفروض عليه بحكم الواقع وتداعيات الأحداث، بل وبحكم التركيبة النفسية والخلفية الثقافية لحرس مبارك القديم الذين ارتدوا البزة العسكرية فى مدرسته ونشأوا على طاعته. لننتقل سريعاً إلى البدائل لأن كل دقيقة تمرّ تسجّل شهيداً أو جريحاً فى ميادين البلاد.
أولاً: النموذج القذافى: بأن يلجأ المجلس إلى شحن قواته لخوض غمار حرب مع المصريين بدعوى أنها حرب ضد جماعات مسلّحة وشباب غررت بهم القوى المتربّصة بأمن مصر! فيعقب ذلك انشقاق بعض القوى الوطنية الشريفة عن الجيش، وتخوض البلاد حرباً أهلية مريرة ينتصر فى نهايتها دائماً جانب الشعب الذى هو موضوع الحرب وغايتها ووقودها الذى لا ينفذ. وعلى هذا النمط سار التلميذ النجيب لروّاد الاستبداد "بشّار الأسد" ومازال ينحدر بسرعة فائقة نحو مصير سلفه القذافى.
ثانياً: إعادة التجميل وإعادة التحميل: تماماً كما تفعل بجهاز الحاسب الآلى عندما يفسد نظام التشغيل فتقوم بإعادة تحميله وهو ما سبق ان فعلوه بنظام مبارك منذ شهور. أما اليوم فيتمثل هذا البديل فىى استخدام المجلس العسكرى لأبغض أوراقه إلى قلبه مثل ورقة الدكتور البرادعى التى يلوّح بها ليعيد تفتيت الحركة الوطنية، ويكتسب شرعية جديدة مستمدة من شعبية الرجل وتاريخه وثقله الدولى. ولا أظن الدكتور البرادعى الذى رحّب بتولّى مسئولية حكومة الإنقاذ الوطنى مقدماً على خطوة كتلك خاصة بعد أن سقط من الشهداء ما سقط وبعد أن أعاد المجلس العسكرى صناعة الثورة كما كان يفعل مبارك على غير هدى (ألم أقل لكم أنهم تلامذته وقلت مراراً انهم يفتقرون إلى الابتكار والإبداع).لو أعلن الدكتور البرادعى صراحة رفضه للجلوس إلى مائدة المفاوضات أو الحوار مع المجلس العسكرى لظفر بالحسنيين، أولهما ثقة الشارع الذى انقسم حول أداء البرادعى ومنهم من يحسبه رجل أقوال لا رجل أفعال ومواقف، ثانياً إسقاط الشرعية المزعومة عن المجلس وذلك لأن مختلف القوى المدعوّة للحوار السليمانى (نسبة إلى عمر سليمان) سوف تحذو حذو البرادعى قبل الحوار أو بُعيد انعقاده مباشرة إما للظفر بمكاسب إعلامية أو بالانتصار إلى قيمة أرساها الرجل وانحاز لها الشعب. الكارثة المطبقة بالنسبة للمجلس العسكرى إن أقدم المدعوون إلى حوار اليوم على المقاطعة أنه من سمّاهم بالقوى الوطنية، فإذا أسقطت القوى الوطنية شرعية المجلس كما أسقطها الشارع لم يعد له ما يقيمه فوق كرسى السيادة.
ثالثاً: الانقسام والتمرّد: فالتمسك الشديد للمجلس العسكرى بالنظام المنهار يعكس مصالح فئة قليلة من ضبّاطه، فإذا ذهبت هذه الفئة بعيداً فى غيّها

للحفاظ على مكاسبها تُركت وحدها فى حربها ضد الشعب، ولم تنفع التهويلات التى يتم بها شحن القوات المسلحة ضد الشارع، ولم تغن عنهم رتبهم العالية، لأن الجيش فى معظمه جنود من الشعب سرعان ما يعودون إلى صفوفه. وقد كان لانضمام عدد من صغار الضباط إلى ميدان التحرير بالغ الأثر فى قرار سحب مبارك من الواجهة، وهو ما أحسبه السبب  الوحيد فى سحبه فى هذا التوقيت بالذات. وهذا السيناريو يعيد إلى الأذهان فكرة الانقلاب العسكرى، ولكن المهم أن يدرك الشعب أن مشعلى هذا الانقلاب سوف تظهر لهم أطماع فى الرياسة والسياسة، وسوف ينسبون لأنفسهم الفضل ليس فقط فى دعم الثورة، بل فى إعادة صناعتها من العدم، وهنا يجب ألا يلقاهم الشعب بهتافهم الساذج المعهود "الجيش والشعب إيد واحدة!!" وعوضاً عن هذا، يجب ان يستعد الشعب لهذا السيناريو بإعادة ترتيب أوراقه وتنظيم صفوفه خلف قوى وطنية تتمتع بالتوافق لا بالإجماع، وتشكيلها قبل أن تنضج مطامع هؤلاء الشبان (فى الغالب هم من شباب الضباط ذى الرواتب الزهيدة).
رابعاً: التسليم بانتصار الثورة وسرعة تسليم السلطة: وهو البديل الذى نجح المجلس العسكرى فى إرجائه قرابة عشرة أشهر وكاد أن ينجح فى إزهاقه نهائياً لولا نزق وقلة خبرة صانع قرار تصفية المظاهرات وإشعال الفتن التى أحيت الثورة من جديد. وهذا هو البديل الأمثل والأقل كلفة بالنسبة لمختلف الأطراف. فمن ناحية تجنّب البلاد ويلات الحروب الاهلية والانقسامات، ومن ناحية أخرى يجنّب الجيش خطر الانقسام، ومن ناحية ثالثة يجنّب المجلس العسكرى خطر التمرّد والانقلاب، هذا فضلاً عن استقرار الأوضاع ووضع اللبنة الأولى فى صرح بناء الجمهورية الثانية بمصر.
هذه هى البدائل والسيناريوهات التى يتعيّن على المجلس العسكرى والقوى الوطنية والشعب بأكمله أن يدركوها قبل فوات الأوان.