رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صورة المتدين

منذ سنى طفولتى الأولى وأنا أحتفظ فى مخيلتى بصورة مثالية للرجل المتديّن، الذى يشع نور وجهه فيملأ المكان، وتعلو قسماته ابتسامة دقيقة تعكس حالة من الطمأنينة والرضا والسماحة فى آن. وكنت ألتمس ود شيوخ المساجد إدبار الصلوات،

فأشعر بالبركة كلما رمقنى أحدهم بنظرة تحية أو تحدّث معى بحديث خفيت، استشعر فيه الوقار والورع والزهد والتواضع .
وقديماً علّمنى أبى -رحمه الله- أن دين الإسلام لا يعرف الكهنوت، ولا يوجد به من يوصف برجل الدين، فلا وساطة فى ديننا بين العبد وربه. لكن الناس إذا ما طال عليهم الأمد وابتلاهم الله بضعف الإيمان تقالّوا العبادة الروحية، وخفيت عنهم لطائفها، فاتخذوا من دون الله عجلاُ جسداً له خوار، أو اتبعوا الظن فأعماهم وسوّغ لهم حلول الله (حاشاه) فى مخلوق، أو اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. أما نحن أمة الإسلام فقد أصاب كثيراً منا ما أصاب أمماً قد خلت، فاغتررنا بديننا وحسبنا أن الله تعالى قد دلّنا على شرك من أشرك قبلنا كى نعيّره به. نسينا ما فى آيات الله من تذكرة وعبرة لأولى الألباب، فمنا من اتخذ شيخه هواه وارتقى به منازل الأولياء، فجعله باباً لله تعالى، لا يُعمل عقله إلا إذا أذن له الشيخ! لا يستقيم أمره إلا بكلمات الشيخ وتمائمه! لا يقبل قولاً فى الدين والدنيا لم يقله الشيخ، أو لم يُجزه فى القليل!. إذا تحدّثت أمامه فى أمر من أمور الدين لم يدرسه على شيخه، استتابك ورماك بالجهل والفسوق إن كنت له صاحب، فإن لم تكن هان عليه أمرك ورماك بالكفر والإلحاد (أعاذك الله).
بينما عظم أمر الناس فى هذا الخطب، لم تسلم صورة الرجل المتدين من سوءات العصر وتبعات ضعف الإيمان، فإذا الشيخ الوقور الهادئ حلو اللسان، يتحوّل إلى كائن مخيف عابس الوجه مبعثر اللحية ردئ الملبس، فظ غليظ القلب حاد الطبع واللسان. إذا تحدّث كفّرك أو سفّه قولك وعملك، وإذ اعتلى المنبر أطلق صيحات الحرب على الحاضر قبل الغائب عن الصلاة، مستحل السب والقذف محله لمريديه. ولأن لكل فعل رد فعل ولكل

فئةٍ فئةً تدفعها فى سنن الكون، فقد تصدّى لهؤلاء نفر من شيوخ الإعلام، استبدلوا القبح والغلظة بالبهرج والتهتك، فشام الوقار وندر الزهد وفقدت أقوالهم المصداقية والخشوع.
وبين أولئك وهؤلاء أتباع على شاكلتهم، افتقروا إلى الذوق والورع والعلم معاً، وتربصوا بصاحب الرأى الدوائر، فأغلظوا وسبوا وقذفوا ومازالوا يظنون أنهم يتزلفون بسوء أعمالهم إلى الله لأنهم يتزلّفون بها إلى شيخهم الذى علّمهم السب!!ألم أقل لكم أنهم اتخذوا من دون الله أولياء يحبونهم كحب الله؟!.   
إن تعجب فعجب قولهم: "نحن أنصار السنة والسلف الصالح!" لكن السنة والسلف منهم بريئان، فببين الدفع بالتى هى أحسن وبين السب والتكفير بون كبير، كمثل البون بين العلم والورع من جهة وبين الارتزاق والادعاء من جهة أخرى. أين الوقار والسكينة من التبجّح والقبح؟ أين الدعاء بما ينفع الناس من الدعاء عليهم ولعنهم؟ أين التواضع وقول "لا أعلم" من الشعوذة والدجل والغرور الزائف؟ صورة بصورة، الأولى تدور مع حسن الدعوة إلى الإسلام، والثانية تدور مع قبح الدعوة إلى الإرهاب والمصادرة.
بقى أن ألفت عناية القارئ الكريم أن جنود الحزب الوطنى، الذين أعدهم لمحاربة خصومه على شبكة المعلومات الدولية، قد ظهر لهم صنو شديد البأس والجهل معاً، تخصص فى القدح بل والشتم فى أى مقال يتعرّض إلى هياكلهم التى صنعوها وعبدوها من مشايخ سوء، وأستثنى من المشايخ والأتباع من رحم ربى، وهم للأسف قليل من الآخرين.