رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر اليوم أفضل

حرصت منذ أيام الثورة الأولى على ألا أشارك فى إشاعة أجواء اليأس والاكتئاب التى تفنن البعض فى تصديرها للمصريين، واعتبرت صمتى على تعليقات هؤلاء المثبطين للعزائم نوعاً من المشاركة السلبية فى أعمالهم،

فما كان منى إلا أن أجادلهم بالتى هى أحسن حتى يصل للكتلة السلبية من المستمعين لتلك التعقيبات رأى آخر، بعدها أتركهم وشأنهم فى صراع فكرى بين الرأيين ولا أبالى أيهما يظفر بأصحابنا، فمجرد استثارة العقل الناقد الخامل فى رؤوس معظمنا نجاح ما بعده نجاح.
فالكتلة الصامتة فى مصر قد استعذبت الصمت وسكنت إلى الخمول، قد غرّها تيار الرأى الأوحد الذى ظلت حبيسته فى هيئة نظام التعليم التلقينى، والإعلام الموجّه، والخطاب التاريخى..إلى غير ذلك من سمات الحكم الشمولى الفاشى، وهى على تلك الحال لا تعدم ذكاءً فطرياً ألهمها ألا تضيع الوقت فى جدل بيزنطى سقيم. لكن الأمر اختلف أو آن له أن يختلف بعد الثورة، فقد ران على قلوبنا وعقولنا صمت كئيب أو كآبة صامتة، نفَسَت علينا ساعات الأمل المعدودة، وحدت بنا إلى الخوف كلما ضحكنا فسارعنا إلى الدعاء "أللهم اجعله خير"! فلا أقل من أن نبدأ بمحاجاة أولئك الذين احترفوا بث الكآبة فى النفوس، ونشر دعاوى اليأس من تحرر الشعب ونجاته من الطغيان. ولتجدن أكثرهم حرصاً على ترويع الناس أقلهم ثباتاً فى وجه الحُجة واعتدال الرأى، فإذا لقيت أحداً منهم فلا تعمدن إلى ما اصطلح عليه من "تكبير الدماغ" وجرّب طريقتى ولو مرة واحدة، ردّ عليه واغلبه بالحجة ثم انظر إلى وجهه كيف تغيّر، وأغلب الظن أنه لن يطيل جدالك، فهو لم يعتد أن يرجع قوله إلا صدى، وهو فى ذلك كسول خامل، سرعان ما يدعك لحالك منصرفاً إلى من سواك، فإذا ما وجد فى غيرك من المثقفين الشرفاء ما وجده فيك لاذ بالصمت وعاد أدراجه إلى جحره المظلم. من الذين احترفوا بث الكآبة أمة تأبى لهذا

الشعب النهوض، ولها فى ذلك مغنم من مال أو سلطان. ومنهم من أصابته العدوى بغير قصد، فلا يدرى لما يفعل ذلك! ولكنه يؤثر المشى فى الناس مثبّطاً على حالة الصمت المطبق التى أصابت الشعب عدة عقود.
ما أكثر ما نسمعه هذه الأيام من بكائيات تنذر بسوء العاقبة والمنقلب إذا ما مضى بنا قطار الثورة حيث أراد الله. وما أكثر ما صرنا نسمعه من دعاوى الحسرة على أيام مبارك المستبد إن هى قورنت بأيامنا الحاضرة، لما كان فيها من سعة فى الرزق وغلبة للأمن!. فإذا ما سمعت هذا فانظر فى نفسك كيف كرّمك الله وسوّاك وعدلك، كيف ميّزك عن سائر خلقه بالعقل والكرامة والضمير الحر، ثم تشرى هذا كله بفضلات الطعام والأمن الزائف؟! إن فى الدنيا أشياءً لا تشترى بالمال، ولا يمكن تقديرها بالقيمة والعدد، من هذه الأشياء: الحرية، فإذا ما حزتها وفقدت كل شئ فأنت أغنى الناس، وإذا فقدتها واجتمعت لك كنوز الأرض فأنت قِنَِ يباع ويشترى.
نعم إن مصر اليوم وغداً أفضل من تلك التى أفسدها مبارك وأعوانه لا مِراء، وإن مصر التى قهرت الغزاة وصبر أهلها على الضيم عقوداً وهم أسرى الاحتلال أو الاستبداد أقمن على أن تعبر هذه الظروف الصعبة وهى حرة خالصة لأبنائها.