رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الطريقة البرهامية السلفية ...لتفصيل الدساتير المصرية ...

قبل أن نشرح هذه الطريقة علينا أن نعرف صاحبها ؛ فصاحب هذه الطريقة هو : الشيخ ياسر برهامي ...أو... ياسر حسين محمود برهامي حشيش- وثقافته الأساسية تلقاها في كلية الطب

حيث حصل على بكالوريوس الطب والجراحة في عام 1982م ؛ ثم يبدو أنه هجر الطب أو هجره الطب أو بالأقل أكتفى بما تلقاه من العلوم الطبية حتى عام 1982 ؛ وتجمدت معلوماته الطبية  حتى هذا التاريخ ؛ ليطل برأسه في مجال آخر ألا وهو مجال الدعوة الإسلامية فقد تخصص الشيخ ياسر برهامي في الاعتقاد ودرس كتب محمد عبد الوهاب وخاصة كتاب التوحيد غير مرة، وكذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية. له دروس كثيرة في العقيدة والتفسير والحديث والأصول وخاصة في مسجده القريب من بيته.. شارك في تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدرسة السلفية بالإسكندرية والتدريس فيه، حيث قام بتدريس مادتي التوحيد وأصول الدعوة إلى حين إيقافه سنة 1994 م. أيضا قام بالمشاركة في كتابة مقالات مجلة صوت الدعوة إلى حين إيقافها سنة 1994...وللشيخ برهامي عدة كتب ومجموعات صوتية حول قضايا من أبرزها :  "الإيمان والكفر" ..." وكتاب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ...
• ولقد أنتهز الشيخ برهامي فرصة وصول الأخوان المتأسليمن إلى سدة الحكم ..ليترجم أفكاره وآراءه  حول الإيمان والكفر ...و( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ..إلى نصوص دستورية ..تكفل إعادة تشكيل المجتمع المصري على مقاس أفكار ياسر برهامي – ومَنْ على شاكلته – ومَنْ يدور في فلكه ...
• أما عن الطريقة البرهامية .. في تفصيل  الدساتير المصرية ...فتتلخص في عدة نقاط : التمسك بنص المادة 219 من  الدستور المعطل لتعطيل إضفاء وصف الدولة المدنية  على مصر – إدخال (المجتمع ) كطرف في تنفيذ القانون توطئة لإضفاء الشرعية على جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – إيجاد هيئات موازية للأزهر الشريف تكون لها الكلمة الأولى في إختيار شيخ الأزهر – القضاء على المحكمة الدستورية أو تفريغ دورها في الرقابة الدستورية -  تقييد الحريات والحقوق العامة وبالذات حرية الصحافة والصحفيين بقيود عديدة تفرغها من محتواها بحجة تقيدها بالنصوص الشرعية . وذلك على التفصيل التالي :-
(1) التمسك بنص المادة 219 من الدستور المعطل :
وينبع سر تمسك  الطبيب /الشيخ برهامي – وأنصاره من السلفيين وغيرهم من التيار الإسلامي – بالمادة 219 من الدستور المعطل أنها ستكون هي المنفذ الذي من خلاله يتم تطبيق مشروعهم في تكفير المجتمع في كافة نواحي الحياة ؛ وبالذات : الفنون والآداب ...والثقافة ...والإعلام ... علاوة على فتح الباب أمام جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..من خلال تقنين  ( الحسبة ) ...رغم أن الحسبة ..مطبقة من خلال أجهزة مختصة بذلك كجهاز الشرطة ...ومفتشي التموين ...وغيرهم مِمَنْ يختصون بمراقبة النشاط الإنساني لضبطه وفقاً لأحكام القانون .
• فهذه المادة فضفاضة فهي تقول : "مبادىء الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة والجماعة".
• وهو أمر يصعب ضبطه لأن بيان الحكم الشرعي في مسألة ما يحتاج لمراجعة آلاف الكتب والمصادر الفقهية للوقوف على الحكم الشرعي المناسب ؛ ولما كان فقهاء الشريعة الإسلامية تتعد آرائهم في المسألة الواحدة ؛ فكل مذهب من المذاهب الفقهية – التي تربو على عشرة مذاهب – له آراءه المتعددة في ذات المسألة ؛ فأي رأي فقهي سيعتمده القاضي ؟!! ... هذا الاختلاف  سينجم عنه إختلاف رأي القضاة  في  المسألة الواحدة ؛ فقد يقتنع قاض برأي ويقضي به ؛ ويقضي زميل ثان برأي آخر ؛ وهكذا تتعدد أحكام القضاء في ذات المسألة أو القضية المطروحة عليه .. فهل هذا يحقق المساواة أمام القانون أو أمام الشرع ؟! .
• وهذا التعدد في الآراء ..وتلك الصعوبة في الوصول للحكم الشرعي ...ستعالجه الطريقة البرهامية ..بإدخال فقهاء الشريعة الإسلامية ( طبعا من التيار السلفي بالذات ) ضمن تشكيل المحاكم العليا وبالذات المحكمة الدستورية ؛ وإن فشل برهامي في ذلك ...فسيجعل لهيئة كبار العلماء التي سيشكلها بطريقته الخاصة ...( والتى سنذكرها لاحقا ) ...الكلمة الفصل في تحديد الحكم الشرعي ..الذي يلزم قضاة المحاكم .
(2) تقييد الحريات والحقوق العامة وبالذات حرية الصحافة والصحفيين بقيود عديدة تفرغها من محتواها بحجة تقيدها بالنصوص الشرعية :
       وطبقا للخطة البرهامية ...يجب تقييد باب الحقوق والحريات بالمادة الثانية (التي تعتبر أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ) – وهي مادة لاخلاف عليها من كافة طوائف وفئات المجتمع – ولكن المشكلة في أن هذه المادة الثانية مرتبطة إرتباطا عضوياً بالمادة 219 من الدستور المعطل ، وهي مادة تثير الكثير من المشاكل في التطبيق العملي ؛ ومع ذلك يصر برهامي على أن  ممارسة الحقوق المقررة في باب الحريات مشروط بـ"أن تمارس الحقوق والحريات بما لا يخالف المقومات الأساسية المنصوص عليها فى الدستور"، ويقصد بذلك ما تفرضه المادة 219 من قيم يستخلصها برهامي بطريقته التي سجلها في محاضراته عن الكفر والإيمان , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
     وفي هذا الصدد يقول برهامى : ( إن المادة الثانية مهمة لأن بها سيتم تقييد "حرية الفكر، حرية العقيدة، وإبداء الرأى، والإبداع" لأن المادة 10 تنص "تلتزم الدولة والمجتمع بحماية الأخلاق والقيم" وأشار إلى أن مطالبتهم ببقاء كلمة "والمجتمع" وأنهم لا يريدون جملة "مقومات أساسية" فى المادة 10 ، لأنه موضوع ليس شديد الحساسية لكن سيتم بحثه لأن الدولة من ضمن مؤسساتها السلطة التشريعية وهى البرلمان، فلو تم وضع قانون يُفعِّل قانون الحسبة فسوف يفيدهم – أي الإسلاميين - حتى لو بقيت كلمة المجتمع، لأن قانون الحسبة سيكون معهم ).
(3) التجريم والعقاب ليس مقيدا بالقانون وإنما مقيد بالمادتين( 2) و ( 219 ) المشار إليهما ..التي سيتم تفسيرهما بمعرفة برهامي وشركائه :
وفي هذا الصدد يقول برهامي أن نص ( "لا جريمة ولاعقوبة إلا بنص" تم تمريرها بفضل د.محمد سليم العوا"، موضحاً أن نجاح تمرير هذه الجملة فى منتهى الأهمية، وهو اعتراض أبداه القانونيون ، حيث كانوا يريدون أن تكون الجملة "إلا بقانون" فتم

تحويلها إلى "إلا بنص"، متابعاً أن الحجة فى أن النص هو الدستور كله، وبهذا يحكم كل الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بالمادة الثانية للدستور، وأن العقوبات لن تتم بقوانين تقر بعد ذلك، ولكن ستقر بنص من الدستور) .
    أي أن التجريم سيكون وفقا لما سيراه كبار العلماء الذين حددهم برهامي في :  كل مَنْ يحصل على دكتوراه في الفقه الإسلامي أو الشريعة الإسلامية ..وهؤلاء أكثرهم من الجماعات السلفية التي يهيمن عليها برهامي ؛ إذن ستكون لهذه الجماعات الكلمة العليا في أي أمر يعتبر جريمة في المجتمع ؛ ولاشك أن فتح باب التجريم والعقاب على مصراعيه على النحو المتقدم ..يهدد بزعزعة المجتمع ؛ لأن التجريم والعقاب سيكون وفقاً لفهم مجموعة من الجماعات السلفية ومَنْ يدور في فلكهم ...ووفقا لتفسيرهم وفهمهم الخاص للنصوص الشرعية .
(4) هيمنة الإسلاميين على منصب شيخ الأزهر :
و يستكمل برهامي فكرته في هيمنة رجال الدين على القضاء ... فقد حرص على وجود نوع من رقابة رجال الدين على أي قرار أو قضاء أو حكم يصدر في البلاد .... وبصفة مؤقتة يترك برهامي هذه الرقابة للأزهر الشريف .... الذي يرسم له برهامي ... خطة للإستيلاء عليه ..أو بالأحرى للإستيلاء على منصب ( شيخ الأزهر ) .. من خلال تشكيل هيئة من كل الحاصلين على الدكتوراه ( في الفقه أو في الشريعة الإسلامية بوجه عام ) من الأزهر الشريف ومن الجامعات والمعاهد المناظرة .. وتكون هذه الهيئة هى المنوط بها إنتخاب هيئة كبار العلماء ..التي يكون لها بدورها إنتخاب ( شيخ الأزهر ) .
    وبرهامي يصبو إلى عزل (شيخ الأزهر من منصبه ) ..ولكنه يرجئ ذلك ..لوقت مناسب ..والوقت المناسب في نظره ..هو إستيلاء الإسلاميين على سلطة التشريع – وهذا ما يفسر تمسكهم بالانتخاب بالقائمة ؛ لأن القائمة هي التي تحصد لهم أصواتا في الدائرة الانتخابية المتسعة المفصلة على مقاسهم ومقاس شعبيتهم – فمن خلال السلطة التشريعية يستطيع برهامي وشركائه ..تقنين ( عزل شيخ الأزهر ...) ..وألمح إلى طريقة يمكن أن توصله لهذا الهدف تتمثل في وضع حد أقصى للسن لوظائف الدولة ...بما فيها منصب شيخ الأزهر .
(5) حرية الصحافة :
تجمل خطة برهامي بالنسبة لحرية الصحافة والنشر في التسليم بصعوبة  الرقابة السابقة ..ولكن الرقابة اللاحقة تكون من خلال مراقبة ماينشر ..ورفع دعاوي ضد الصحفيين والإعلاميين ...إستنادا للمادة 219 ..الفضفاضة ...وذلك من خلال الدفع بأي شخص من الجماعة السلفية ليقدم بلاغا ضد رحال الإعلام ....فيشغلهم عن إعمال دورهم في الرقابة على سلطات الدولة ...
))http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=tGbOM_4TJh4))

وخلاصة القول : إن خطة السلفيين- وحزب النور يمثلهم - ...في تعديل الدستور المعطل ..لن تخرج في جوهرها عن خطة برهامي في دفاعه وإستبساله عن وضع نصوص بعينها وألفاظ بذاتها ...ليفسرها بعد ذلك بطريقته في التكفير والإيمان ...والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ....ويدفع بهذا التفسير من خلال التيار الإسلامي - الذي يتوقع هيمنته على مجلس النواب أو الشعب القادم ....من خلال التمسك بالإنتخاب بالقائمة – لتصير هذه الآراء نصوصا تشريعية تعيد تشكيل المجتمع المصري ..وفقا لأفكار  أهل الكهف التي تعلمها التيار الإسلامي ...تحت الأرض ..بعيدا عن الفكر الوسطي الذي يمثله الأزهر الشريف ...
• وإن فشل ممثلي التيار الإسلامي في فرض الخطة البرهامية ...على للجنة الخمسين لوضع التعديلات الدستورية ...سيدفعهم إلى ضرب  كرسي في الكلوب ...ويقلبها حزب النور ..ظلمة ...وذلك سيكون من خلال إنسحابهم من هذه اللجنة أو التهديد بالإنسحاب وعقد مؤتمرات صحفية لتسجيل إعتراضهم على عمل اللجنة ...ومطالبة أتباعهم بالتصويت ( ضد التعديلات الدستورية ) ..مما يساهم في تعطيل المرحلة الإنتقالية ..لعل الأخوان المتأسلمين يكونوا ..قد فعلوا شيئا على الأرض يغير من خارطة المستقبل في مصر .
                                 اللهم هل بلغت اللهم فأشهد .

*****
*   أستاذ القانون الجنائي  ورئيس قسم القانون العام  -   كلية الشريعة والقانون بطنطا -  والمحامي أمام محكمة النقض  والإدارية العليا والدستورية العليا -  وعضو اللجنة العلمية الدائمة لترقية أعضاء هيئة التدريس في تخصص القانون العام – بجامعة الأزهر .
[email protected]
[email protected]