رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الطريق إلى أسوأ الدساتير ..مفروش بالنوايا الحسنة

    ((  أهـ  ياني ... من ... دستور الغرياني )) (( أهـ ياني ... من تأسيسية الغرياني  ))
*** التحفة البديعة المسماة ... ( مشروع الدستور المصري الجديد ) ... يمكن أن نطلق عليها ... أوصاف عديدة ... من أبرزها :
• الدستور ... الأسود .... لأن المناطق السوداء فيه أكثر من المناطق البيضاء ... ومن أهم المناطق السوداء ...تلك النصوص التي  تخص المرأة ... و...القضاء ....وعدم النص على الإتجار بالبشر ...بالمخالفة لإتفاقات دولية ...... مصر طرف فيها .. وغياب نص يحمي حرية الإعلام والنشر ...نص يمنع الحبس الإحتياطي في جرائم النشر .

• الدستور الذكوري ... لأن المرأة فيه ...لاتحصل على كل حقوقها ...التى أقرتها الاتفاقيات الدولية والمجتمع الدولى ...وسجلتها الإتفاقات والمعاهدات الدولية ...
• الدستور ...الثوري ...أي الثائر... ضد ...إستقلال القضاء ...وضد الهيئات القضائية ...وبالذات ... هيئة قضايا الدولة ...وهيئة النيابة الإدارية ..
• الدستور ... المغضوب عليه ....من معظم طوائف وفئات الشعب .. حتى السلفيين ...بعضهم غير راضٍ عنه ...رغم أنهم شركاء في صنعه....وتفصيله ... وتطريزه ..
• الدستور التفصيل .... لأنه مفصل على مقاس تيار سياسي معين ..
• الدستور ...اللقيط ....المولود من رحم ( جمعية تأسيسية ) ...مشكوك في قانونيتها ودستوريتها...وحيدتها ....نظراً لوجود أكثر من خُمس أعضائها ضمن السلطة التنفيذية ..( حيث يوجد 21 عضواً تم تعيينهم في السلطة التنفيذية بعد تشكيل الجمعية ) ...
• دستور  ضد القضاء ... لأنه  يسعى لهدم جهات قضائية قائمة ..تحيزأً ... لأفكار عنصرية ... لا تخدم الصالح العام في شئ ...
• الدستور ... الشكلي ... الذي ...تعتبر نصوصه مجرد حبراً  على ورق ....طالما أنه يعتدي على المحكمة الدستورية العليا .... وهي الجهة القضائية ..التي تحميه من أي إعتداء من جانب أية سلطة ...والأصل .. أن ... لاخير في حق ... لا تحميه دعوى ....ولا يحميه القضاء ... فكل حق ...هو مجرد حبر على ورق ...ما لم تكون هناك دعوى تحميه ...وقضاء     ( مستقل / محايد ) ...يحمى الحقوق والحريات العامة ...
• ولقد سجلت ذلك منظمة " هيومن رايتس ووتش " بقولها : ( إن مشروع الدستور المصري الجديد يتضمن مواد قد تشكل  تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان في مصر ، وأن الجمعية التأسيسية التي تتولى صياغة الدستور لديها فرصة تاريخية لوضع الأسس لاحترام حقوق الإنسان ، ولكن المسودة الحالية تخفق في الارتقاء إلى هذا المعيار القانوني بسبب الصياغات والقيود الفضفاضة والغامضة في المسودة التي تدمر جوهر الكثير من الحريات )) ...
• وتؤكد هذه المنظمة على أن :  ((المسودة تبقي على بعض الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ، لكنها وضعت إجراءات أخرى تتناقض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان تشكل تهديداً جدياً لمستقبل حقوق الإنسان في مصر )) . وألمحت المنظمة على أن (( المادة 5 من مسودة الدستور - صارت المادة 33 -  التي حصلت عليها المنظمة لا تمنع التعذيب ، والمادة 36 – أصبحت المادة 68 - تهدد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ، والمادة 9  - صارت المادة 37 - التي مازالت قيد البحث – تهدد حرية التعبير والعقيدة بشكل خطير ))     (( نقلاً عن : مجلة السياسي- التي تصدر عن مؤسسة المصري اليوم – السنة الأولى – العدد 11 الصادر 11 أكتوبر 2012- ص 11 )).
• ومن الأوصاف التي يمكن أن تلحق هذا الدستور وصف : الدستور الأسوأ .. لأنه ...بالمقارنة لدساتير مصرية سابقة ...هو إنتكاسة ...و.... ردة للوراء ...وبالمقارنة لدساتير عربية ...هو ... عودة ..لعشرات السنوات ...من الحضارة والتقدم والرقي ... كما أن نصوصه فيها الكثير من الركاكة .....وعدم التنسيق ...وترتيب نصوصه ...هو تطبيق مجسد  ..لمقولة      ( سمك ..لبن ... تمر هندي ) ...
• فالحقوق المتصلة ببعضها ... موزعة بين ...نصوص متباعدة ...دون مراعاة ... لفن صياغة الدساتير ...فهي أشبه ... بشخص دخل سوبر ماركت ...فوضع كل بضاعته في سلة واحدة دون ترتيب ...ودون مراعاة ضرورة وضع ...الأصناف المتقاربة في مكان واحد ...
• وليس أدل على صحة ذلك من قراءة ... نص المادة ( 74 ) التي تنص على أنه : ( كل اعتداء  على أي من الحقوق والحريات المكفولة في هذا الدستور جريمة  لاتسقط الدعوى الجنائية و لا المدنية الناشئة عنها ، وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمَنْ وقع عليه الاعتداء) ... فهذا المادة جاءت قبل ( خمس مواد) في نهاية الباب الثاني المعنون ( الحقوق والحريات والواجبات العامة ) ...رغم أن هذه المادة يجب أن تكون هي خاتمة هذا الباب لأنها تضفي الحماية على كل ماجاء به من حقوق وحريات ...
• أما المواد الخمس فيجب توزيعها ... – في نظرنا – عل النحو التالي ... فالمواد من ( 76) وحتى (79) ...  يجب وضعها في بداية الباب المذكور ( الحقوق والحريات والواجبات العامة ) بإعتبار أنها تتحدث عن ( الدفاع عن الوطن وأرضه شرف وواجب مقدس والتجنيد إجباري وفقاً لما ينظمه القانون ) ( المادة 76) ؛ وعن ( الحفاظ على الوحدة الوطنية وحماية الأمن القومي واجب على كل من الدولة والمجتمع ( المادة 77) ... وعن ...الادخار بوصفه واجب وطنى ؛ تحميه الدولة وتشجعه وتنظمه ( المادة 78) ؛ ثم تأتي بعدها المادة (79) المتعلقة بحماية البيئة ...على أن تسبق هذه المواد الأربعة ( 76؛ 77؛ 78؛ 79 ) ... المادة (28).. 
• كما نرى أن المادة (66) التي تتحدث عن صدور الأحكام باسم الشعب ..ووجوب إحترامها يجب نقلها الى الفصل الثالث من الباب الثالث المتعلق بالسلطة القضائية لتسبق المادة 175 من مشروع الدستور .
• أما المادة ( 75) التى تنص على أنه (( تخضع الدولة للقانون ، و استقلال القضاء وحصانة القضاة ، ضمانتان أساسيتان  ، لحماية

الحقوق والحريات )... فموضعها ليس في الباب الثاني المعنون  ( الواجبات والحقوق والحريات العامة ) ؛ وإنما في .. بداية الفصل الثالث من الباب الثالث المتعلق بالسلطة القضائية .. أي قبل المادة 175 من مشروع الدستور ..
• كما نرى حذف المادة (221) التي تحدد معنى مبادئ الشريعة الإسلامية بعبارات فضفاضة ستثير كثير من اللبس لدى القاضى والمتقاضي ... ولاسيما أن إختلاف مشارب القضاة وثقافاتهم  ... ستؤدي إلى تضارب أحكامهم المتعلقة بتطبيق هذه المبادئ ... الأمر الذي يخل بمبدأ أصولي عام تعارفت عليه الأمم المتمدينة والمجتمعات الحديثة... ومواثيق حقوق الإنسان ...ألا وهو مبدأ : المساواة أمام القانون والقضاء .
• كما نرى حذف المادة (222 ) المتعلقة بأن القاهرة عاصمة الدولة مع جواز نقلها إلى مكان آخر ... لأنها تحصيل ... حاصل ... إلا إذا كانت هناك نية لتطبيق بعض الأفكار المتطرفة ... التى تنادي بإنشاء دولة خلافة إسلامية تكون عاصمتها القدس ....
• كما نحبذ إجراء إستفتاء مستقل على المادة 227 المتعلقة بعدم انتهاء ولاية الرئيس الحالي إلا بعد مضي أربع سنوات من تاريخ إنتخابه .... خلاٌفاً للمعمول به في كافة الأنظمة الحديثة .. التي تقرر إجراء إنتخاب جديد لرئاسة البلاد ..... بعد إقرار الدستور الجديد ... بإعتباره عقداً جديداً بين الحاكم والمحكومين ..
• ولاننسي أن ننوه بأن غياب نص يتعلق بحظر الحبس في جرائم النشر ... يؤدي .. إلى المساس الصارخ بحق الإنسان في التعبير ... وحرية النشر ... بل والحقوق والحريات العامة باعتبار أن حرية الصحافة والإعلام هي حرية الحريات ... فمن خلال هذه الحرية تحمى وتصان سائر الحريات والحقوق .
• كما نرى ضرورة تغيير عنوان الباب الثاني  ليكون ( الواجبات والحقوق والحريات العامة ) بدلاً من عنوانه الحالي الذي يقدم الحقوق والحريات  العامة على الواجبات العامة ... لدغدغة مشاعر الجماهير ... رغم أن الواجبات ... العامة ...يجب  تقديمها على الحقوق ... لأنه بدون أداء هذه الواجبات ... لن يكون هناك ... وطن ... ولا سلطات وطنية  ... قادرة  .. على حماية ... وكفالة ...الحقوق والحريات العامة ...
• وتبقى كلمة :
• 1- هل كل الأوصاف المتقدمة .... ( الأسود .. والأسوأ .. والذكورى ... إلخ )  .... يمكن أن تنطبق بدرجة أو بأخرى على ( التحفة البديعة ) .... المسماة ( مشروع الدستور ) ؟ .
• 2- هل هذه التحفة البديعة  ... تم الدفع بها للرأي العام .... قبيل الجلسة الأخيرة .... (  جلسة 15سبتمبر 2012 ) ....لنظر دعوى بطلان  التأسيسية ...بغية التأثير على الرأي العام .... أم أن الهدف هو ....التأثير المعنوي على القضاء ... حتى لا يحكم بالبطلان .....؟
• 3- هل يمكن الحكم بالبطلان ... على هذا الدستور ( اللقيط ) ....الذي تم إنجابه بالفعل من  جمعية تأسيسية ....( باطلة ) ...وغير دستورية ...فالزواج باطل ( تشكيل الجمعية التأسيسية ) ....لكن المولود ...يجب الإعتراف به ...؟.
• 4- هل حل  هذه المعضلة يكمن في ... إستفتاء الشعب عليه ... وكأننا  نقول للأب ( الشعب ) ...هل تعترف بالمولود جديدا ... ( دستوراً يحكمك أم لا ) ...فإن أعترف ....به ... صار دستوراً للبلاد   ... يحكم العباد ....عشرات السنين ..وربما مئات ....؟
• 5- ولا يهم بعد ذلك ....أن يصرخ البعض ...ويقول .... فين كانت  الـــ ( لا ) ... لما قلت ( نعم ) ... أو يقول ... كنت فين يا ( لأ ) لما قلت آنا ( آه )
..... ( أه ) ...( أه ) ....( أه ) ..... أهـ .. ياني ... من دستور الغرياني ...أهـ ياني ...من تأسيسية الغرياني ....
****
   الدكتور محمود العادلي - أستاذ القانون الجنائي  ورئيس قسم القانون العام  -   كلية الشريعة والقانون بطنطا -  والمحامي أمام محكمة النقض  والإدارية العليا والدستورية العليا
[email protected]
[email protected]