عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الطريق إلى .... مذبحة القضاء

( إمشي ...يا محكمة يادستورية ...ياوحشة ) ( إمشي ... الأخوان هيناموا خلاص )
** أصبحت المحكمة الدستورية العليا ...هي البعبع الذي ...يرعَّب- مجرد سيرته -أصحاب التيار الإسلامي ... فهي – في نظرهم - تقف كالعقبة الكؤود ...في طريق ....تنفيذهم ....للكتالوج ...الذي قاموا بتصميمه للدولة ولنظام الحكم .. من خلال ثقافة ( أهل الكهف) ...التي تعلموها تحت الأرض ...والتي تريد العودة بمصر عدة قرون ...

كتالوج ( لدولة ) تختلف عن النظام الذي عرفته الدولة المصرية منذ آلاف السنين .. وعن أية دولة عصرية ..حديثة ... فالديمقراطية عندهم هي شر مطلق والعياذ بالله .. ولكنهم مضطرون لركوبها لتوصيلهم إلى كراسي الحكم ...وبعدها .. ينسفون الديمقراطية نسفاً ... بنفس أدواتها ... فإذا كانت  الديمقراطية يعني حكم الأغلبية خلاص .. احنا نأخذ أغلبية الجمعية التأسيسية للدستور ويتم تفصيل الدستور على مقاس النموذج أو الكتالوج الذي تعلمناه .
• فخذ عندك ....مثلاً بدلاً من أن تكون ( السيادة للشعب ) –كما هو معروف ومستقر في كافة دساتير العالم تصبح ( السيادة لله ) .. هو حد قال لكم أن السيادة ليست لله .. ولكن الله سبحانه وتعالى هو ( مالك الملك ) ...وهوأسمى من أن يتم إقرار ذلك في دستور وضعي .. لأن القرآن الكريم يحدثنا عن ( الله رب العالمين ) ..
• ثم إن مثل هذا النص سيثير خلافاً حول طبيعة الحكم هل هو حكم ديني أم حكم وضعي ؟
• هل الحاكم يحكم (باسم الله) أم أنه ( يحكم باسم الشعب)... الذي منحه التأييد للحكم .. فإن كان يحكم باسم الله - سبحانه وتعالى - فلا يصح لأي أحد من الشعب أن يجادله أو يعارضه أو ينتقده أو يخالف له أمراً .
• أما إذا كان يحكم (باسم الشعب ) فالأمر على عكس ذلك .. فالشعب يستطيع أن يناقش الحاكم ...ويردّه إلى صوابه ويعارضه .... لأن الشعب هنا يعارض شخصاً عادياً لا يحكم باسم الله .
• ومن ضمن مفردات ( الكتالوج) الذي يريد التيار الإسلامي فرضه على مصر .. موضوع المادة الثانية من مشروع الدستور .. والتي يسعى هذا التيار إلى تغييرها لتصبح ( الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ) .. ولما كانت الشريعة الإسلامية حسب مفهومها تعني النصوص الدينية التي نزلت من السماء.. قطعية الثبوت والدلالة ... أي أنها نصوصمقطوع بنسبتها إلى الله سبحانه وتعالى أو لرسوله – صلى الله عليه وسلم – كما أنها ذات دلالة واحدة  لايختلف عليها أثنان ..0 كىيات المواريث ..على سبيل المثال ) . غير أن فهم النصوص : قطعية الثبوت وظنية الدلالة .. يختلف من فقيه إلى آخر ؛ ومن ثم فإن إطلاق هذا النص وحذف كلمة مبادئ يعني أن لكل قاضٍ أن يحكم بالشريعة الإسلامية كما يفهمها هو .. فإن كان يميل إلى الفقه الشافعي فسيحكم بمذهب الإمام الشافعي وإن كان القاضي يعتنق الفقه الحنفي سيحكم بهذا الفقه أو بالراجح فيه .. وهكذا بالنسبة للمذاهب الفقهية المختلفة .. الأمر الذي يفضي إلى تفاوتاً ملحوظاً في الأحكام .. فالوقائع المتشابهة أو المتطابقة ...تختلف فيها الأحكام من قاض إلى آخر حسب فهمه للفقه الإسلامي .. وحسب ما يعتقده من صحة رأي فقهي عن آخر .الأمر الذي لا يحقق العدالة ...أو المساواة أمام القانون والقضاء .. فلكل قاض حكمه الذي يعتقد أنه صحيح الدين .
• وحلاً لهذا الإشكال قيل يجب أن تكون المرجعية ( للأزهر الشريف ) في هذا الشأن .. طيب موافقون ... ولكن إذا هيمن أو سيطر على الأزهر أصحاب مذهب معين أو تيار ديني معين .. هل تتغير أحكام الشريعة الإسلامية حسب تغيّر التيار الذي يهيمن أو يسيطر عليه ؟!
• وبصراحة – ومن الآخر - الآن الأزهر يهيمن عليه علماء يمثلون التيار السني الوسطي .. فإن جاء أحد المشايخ من الإخوان المسلمين أو السلفيين وأعتلى كرسي مشيخة الأزهر ...أو  كرسي مفتي الديار المصرية ...فمَن يضمن أن الفتوى الذادرة من شيخ الأزهر أو من المفتي ...ستتحرر من قيود مكتب الإرشاد في الإخوان المسلمين أو مجلس شورى الجماعة الإسلامية ..ومَنْ يضمن ألا يكون شيخ الأزهر مجرد (بصمجي) يبصم فقط على ما ينتهي إليه هذا المكتب أو ذاك المجلس .
• لكل هذا يسعى ( التيار الإسلامي)  إلى إزاحة المحكمة الدستورية العليا من ( منظومة العدالة ) في مصر .. لعلمهم بأنها ستقف

لهم بالمرصاد لمحاولة طمس الهوية الوطنية المصرية ...واستبدالها بالكتالوج الذي رسمه التيار الإسلامي للدولة المصرية ..
• وتتعدد صور هجوم هذا التيار على المحكمة الدستورية :
• فتارة يقال إنه لا حاجة لنا بها الآن فلتذهب هذه المحكمة إلى الجحيم ويتم إلغاؤها ..
• وتارة أخرى يقال يكفي إيقاف عملها لعدم وجود دستور تراقب دستورية أو عدم دستورية القوانين على ضوء نصوصه ..
•  وتارة ثالثة يطالب التيار الإسلامي بإعادة تشكيل المحكمة الدستورية وهو ما يعني – في الواقع – إجراء مذبحة قضائية لقضاة هذه المحكمة واستبعاد القضاة المشاكسين – في نظر هذا التيار طبعاً– الذين يقفون بالمرصاد لمنع من طمس هوية الدولة المصرية لصالح الدولة التي في ذهن وفكر هذه الجماعات التي تتخذ الإسلام ستاراً للهيمنة على مفاصل الدولة المصرية ... ولإقامة نظام حكم جديد على هوى وفكر أصحاب هذا التيار المتأسلم .
•  وبطبيعة الحال إذا تمت إعادة هيكلة المحكمة الدستورية العليا فسيتم تشكيلها من قضاة ينتمون للتيار الإسلامي ... مما يسمح  بتمرير كل ما يريده هذا التيار من أفكار تنفذ لهم الكتالوج الذي رسموه لدولة مصر من خلال ثقافتهم المستمدة من ثقافة أهل الكهف التي تريد العودة بمصر لعدة قرون مضت ؛ تريد أن نعيش في عصور ظلام وعصور التفتيش التي تمنع إعمال الفكر والإبداع أياً كانت صوره ؛ طالما أن هذا الفكر أو الإبداع لا يتفقان مع (كتالوج الدولة)  في ذهن هذا التيار الإسلامي .
وتبقى كلمة :
1- القضاء المصري هو الملاذ الأخير لحماية حقوق وحريات الأفراد .. فحافظوا عليه من أي مساس تحت أي زعم .
2- القضاء المصري يطهر نفسه بنفسه .. فلا حاجة إلى هدم الصرح القضائي تحت زعم تطهير القضاء .
3- الدعوة لتطهير القضاء لا ترتفع إلى عنان السماء إلا حينما تصدر أحكام لا تصادف هوى جماعة او فصيل سياسي معين .. أما إذا صادف القضاء هواهم فهو قضاء ابن حلال ويجب احترام أحكامه .
4- المحكمة الدستورية العليا هي (صمام الأمان) الذي يمنع استدراج مصر رويداً رويداً لتطبيق كتالوج الدولة المرسومة في ذهن تيار إسلامي معين .. كتالوج مستمد من ثقافة أهل الكهف .. كتالوج لا يعترف بالمتغيرات الزمانية ولا المكانية التي يفرضها الواقع الحالي للمجتمع الدولي .
5- إن عقود العمل التي  وزعتها جماعة سياسية معينة ...لبعض الحالمين بمناصب في ظل الحكم الجديد- ولاسيما المستشارين ورجال القانون الذين فاتهم قطار المناصب في العهد السابق - هي السبب في البلبلة القانونية والغبار الذي يثار حول المحكمة الدستورية العليا .....مما يشجع البعض على المناداة بضرورة  التخلص من أعلى محكمة في مصر ..ومن قضاة المحكمة الدستورية ...من خلال مذبحة قضائية جديدة ..وهي إن حدثت فستكون ..أسوأمن نكسة 5 يونيو 1967 ....ولن يرحم التاريخ كل مَنْ سيشارك فيها ...أو شجع عليها..

• أستاذ القانون الجنائي  ورئيس قسم القانون العام  -      كلية الشريعة والقانون بطنطا -  والمحامي أمام محكمة النقض    والإدارية العليا والدستورية العليا
[email protected]
[email protected]