رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأخطاء القانونية ...لرئيس الجمهورية

( أحنا اللى طبقنا القانون ...وهوفي بطن المشرع ) 
     رغم قصَّر مدة الرئيس في قصّر الرئاسة ..إلا أن الأداء الرئاسي كشف عن أن الأخطاء القانونية التي شابته تنم وبجلاء عن ضعف شديد لدي مستشاري الرئيس ( سواء في ذلك الرسميين أم المنتشرين عبر الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة ) ...ضعف قد يصل إلى التشكيك في أنهم حصلوا على ليسانس حقوق من أساسه ..أو حصلوا عليه بطريق الغش ...أو (  التنشين ) على موضوعات معينة فجاءت في الإمتحان مصادفة فحصلوا على شهاداتهم في القانون ...ويبدو أن الموضوعات التي قام مستشاري الرئيس (بالتنشين عليها ) لم يكن من بينها ...الموضوعات التى تُمتحن فيها الرئاسة اليوم أمام الرأي العام ...

   ويبدو أن أكثر الموضوعات التي أهملها مستشاري الرئيس حال دراستهم بكلية الحقوق هى ( مادة القانون الدستوري والنظم السياسية ) ...و... (مادة المدخل في القانون ) ..والمادتان يتم دراستهما في الفرقة الأولى بكليات الحقوق...ويبدو أن السبب في إهمالهم لهاتين المادتين أن أغلب المستشارين ...من القرى والأرياف ... وبهرتهم أضواء المدينة ...فأخذوا يتعرفون  - طوال العام الأول - على مجتمع الجامعة الجديد...عليهم  ...مما أضاع الوقت منهم ...فلم يهتموا بدارسة هذه المواد القانونية الأساسية ...
• والدليل على ذلك مايلي :
1- فتواهم المتعلقة بعدم حلف رئيس الجمهورية  لليمين أمام  المحكمة الدستورية العليا ...لأن ذلك من وجهة نظر هؤلاء المستشارين ..يعتبر  إعترافاً من رئيس الجمهورية المُنتخَب ( بالإعلان الدستوري المكمل)  ؛ فضلاً  عن إعترافه بالحكم الصادر من ( المحكمة الدستورية العليا ) ...القاضي بعدم دستورية  بعض نصوص القانون  التي أرتكزت عليها إنتخابات مجلس الشعب ...مما جعله (منعدماً)  منذ إنتخابه ...ولقد دفع ذلك برئيس الجمهورية المنتخب إلى اللجوء لحيلة أو بدعة جديدة– أول مرة تحدث في الحياة السياسية المصرية – بمقتضاها حلف اليمين ثلاث مرات ...
• أولها ( علناً وأمام شاشات الفضائيات ) .. وبحضور حمع كبير  من الأخوان المسلمين بميدان التحرير ...ويبدو أن الجو الشاعري ... في ميدان أضفى على أداء  ..طبيعة خاصة ...فتم بطريقة فتح الصدر ....التي تذكرنا بفريد شوقي ( شجيع السيما )..
• وثانيها أمام المحكمة الدستورية العليا  ( طالباً أن يتم سراً وبعيداً عن الأضواء ) ...أو ( يتم إستضافة  أعضاء  المحكمة ضمن جمهور الحضور في الإحتفالية التي  إقيمت في جامعة القاهرة ) وكلا الأمرين تم رفضهما – وبحق من جانب أعضاء المحكمة ...
• وثالثها... أمام عددا من أعضاء مجلس الشعب ( المنحل) – بل أشهر منحل في مصر -  في جامعة القاهرة ....
• ما هذه اللخبطة القانونية ... ....التي تعلمها مستشاري الرئيس ؟....في أي كتاب من كتب القانون  درسوا هذا ؟ ....أم أنهم  يبتكرون ... نظم سياسية جديدة على مقاس جماعة سياسية معينة ...جماعة  تستمد ثقافتها من ثقافة أهل الكهف .... والتعاليم السرية التي حفظوها تحت الأرض ..؟ّ!!
2- فتواهم المتعلقة بإحياء مجلس الشعب رغم أنف الدستور ...وبالإعتداء على سيادة القانون ...وإستقلال السلطة القضائية .....وقد أثمرت هذه الفتوى ...عن أن رئيس الجمهورية  أصدر قرارا ...بإعادة الحياة مرة أخرى لمجلس الشعب ....رغم أن حكم المحكمة هو بمثابة قانون واجب التنفيذ  من كافة السلطات والكافة ....أي كافة أفراد الشعب .. وغيرهم مِمَنْ يتواجدون على الأراضي المصرية ..... وبدون حاجة إلى أي إجراء آخر ... يعني بالعربي ... قرار المجلس العسكري بحل مجلس الشعب كان تزيداً ... وسحبه زي عدمه ..لايؤثر في أن مجلس الشعب منحلاً منذ إنتخابه ..ألم يقرأ  مستشاري الرئيس كتب القانون الدستوري التي تبرز (مبدأ الفصل بين السلطات) ....و...( سيادة القانون على الجميع حكام ومحكومين)  ....ألم يقرأوا جيداً .... (فكرة حجية الأحكام ) ....وأن الأحكام عنوان الحقيقة ..فإن كانوا لم يقرأوها  فتلك مصيبة ..... وإن كانوا  قد قرأوها  فالمصيبة أفدح وأعظم ... لأن فتواهم هذه تنم عن أنهم لم يفهم هذه المبدئ .. ولم يستوعبوها ....أو فهموها ... وطنشوها ... لمصلحة أجندة .....الجماعة....... ...وإلا ...بماذا يفسرون الهجوم الضاري على ( المحكمة الدستورية العليا ) ...وحرص بعض المحامين على جعل الموضوع ... موضوع شخصي ...وتزوير ... و.. (رد المحكمة)  ...وإستخدام وسائل قانونية من حيث الظاهر ...وفي حقيقتها أنها إساءة لممارسة العمل الإجرائي ...أي تمثل تعسفاً في إستخدام الحق الإجرائي ... بقصد إطالة أمد  التقاضي ... حتى يتم  إستكمال أجندة الجماعة التشريعية التي بدأت ...بالمرأة  ...و ختانها ..وتخفيض سن الزواج- ....ومضاجعة الوداع ....إلخ  بنود الأجندة التي تستهدف في الواقع .....تغيير المجتمع المصري ..بشكل يتفق مع ثقافة ( أهل الكهف)  ..التي تنتكس بالبلاد إلى عدة قرون مضت ...ناهيك عن الأجندة التشريعية الخاصة بالسيطرة والهيمنة على مفاصل البلاد ..بداية من الشرطة والجيش ....والتعليم ...والإعلام ....و.. وصولا إلى هدم صرح القضاء العالي ... وخاصة المحكمة الدستورية العليا .... ( اللى واقفة زى اللقمة في الزور ) .... بالنسبة  للجماعة – ومَنْ يدور في فلكها -   التي تستهدف الهيمنة على مصر ....بالكامل ...تستهدف ...السيطرة على البلاد والعباد ..تستهدف الإقصاء لكل مَنْ يعارض مشروعهم.. وحُلمهم في الخلافة الإسلامية ....وهو  حُلم في حد ذاته جميل ... لكنه يظل حُلماً .... لأن معطيات الواقع العالمي ... لم  ولن تسمح بتحقيقه .... مما قد يدخل البلاد  في صراع ... مع كافة القوى الكبرى في العالم ..
3- فتواهم المتعلقة بالتدخل السافر في أحكام القضاء الإداري ..لمنعه من الحكم  ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور ( الثانية ).... بعد أن قضي ببطلان الجمعية الأولى ...لمخالفتها للقواعد العامة للقانون ( التي يتم تدريسها في الفرقة الأولي بكليات الحقوق  ) ...وأسفرت فتواهم الأخيرة عن صدور قانون ( معايير إنتخاب الجمعية التأسيسية ) ....( وما هو بقانون ) .. لأنه ينتزع سلطة التشريع إنتزاعاً من المجلس العسكري ( أياً كان الرأي في أداء المجلس المذكور ) ؛ لكن هذه السلطة إنتقلت إليه بموجب القضاء بإنعدام مجلس الشعب ...فكيف يغتصبها رئيس الجمهورية إغتصاباً ... هل إرضاءً للجماعة ؟... أم   تسديداً لفاتورة الإنتخابات ..ووعودها المطاطة ؟..التي تناثرت هنا وهناك ...حتى شملت وعوداً بتعديل المادة الثانية من الدستور لقلب الدولة إلى دولة دينية..  تكون المرجعية فيها لرجال الدين ولمكتب الإرشاد ...
• كان يجب علىمستشاري الرئيس أن ينصحوه بعدم التدخل في تشكيل هذه الجمعية ؛  ولا سيما أن أمرها

معروضاً على القضاء ... فكان يجب أن ينأي رئيس الدولة بنفسه عن التدخل في هذا التشكيل لعدة اعتبارات :
(أ‌)  إن أحد الأسباب القانونية الذي جعل محكمة القضاء الإداري تقضي ببطلان الجمعيةالتأسيسية الأولى هو ضم تشكيلها لأعضاء من مجلسي الشعب والشورى ...لأن فلسفة ذلك تنبع بأنه لايجوز أن يكون أي أحد من السلطة التشريعية ضمن هذا التشكيل ..لماذا ؟ لأن الدستور هو الذي يضع أسس الدولة بما في ذلك أسس والقواعد الحاكمة للسلطة التشريعية .. ونظراًلأن الجمعية المذكورة ستقوم بوضع أسس نظام الحكم في المستقبل ... وتدخلالرئيس هنا بإصدار قانون الجمعية المذكورة ..قد يُفهم على أنه يريد الاحتفاظ بهذا التشكيل الحالي للجمعية لغرض في نفس يعقوب ... ولعل هذا الغرض هو النص في الدستور الجديد على إستكمال الرئيس الحالي لمدته ... وقد يكون هذا الغرض هو إضفاء الصبغة الدينية على الدولة ونظام حكمها ...أو الإنحياز للنظام الرئاسي على حساب النظام البرلماني ... وقد يكون الغرض هو كل هذا مجتمعاً ...ومضافاً إليه أغراضاً أخرى ... لا يعلمها إلا الله ...وحزب الحرية والعدالة ..ومكتب الإرشاد ...وما دار في فلكهم .
(ب‌) لأن هذا التدخل يتصادم مع أبسط قواعد القانون المتعلقة بتطبيق القانون من حيث الزمان ...فالقانون صدر بتاريخ 11 يونيو ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12ىيونيو ويعمل به من اليوم التالي لنشره أي يوم 13 يونيو ...ماهذه اللخبطة القانونية  ؟... ألم تكن الجمعية موجودة من قبل ..... ألم يعلم مستشاري الرئيس أن الجمعية التى يتحدث عنها القانون ...هى أمر واقع منذ أكثر من شهر ...فكيف يصدر قانونا  ليقنن أوضاع جمعية موجودة بالفعل ...فهذه نظرية جديدة في القانون ..ويمكن أن تسمى ( أحنا اللى طبقنا القانون ...وهوفي بطن المشرع )  ..على وزن نظرية ( الجنين في بطن أمه بيبايعك ياريس ) ...وعلى وزن ( أحنا اللي دهنا الهوا دوكو ) ونظرية ( أحنا اللى خرمنا التعريفة ) ...ألخ هذه النظريات الفهلوية ..والتى لا تمت لحقائق الأشياء بصلة ...
(ج‌) هل المقصود بقانون معايير إنتخاب الجمعية التأسيسية
:إلغاء نص الاعلان الدستوري المكمل المتعلق بإيجاد جهة  إحتياطية تقوم بإعادة تشكيل الجمعية في حالة ما يطرأ عليها من أمور تؤدي إلى عدم إستكمالها لأعمالها ؟ أم الغرض من هذا القانون تفادي الحكم بالبطلان ؟ وإذا كان هذا هو الغرض فلماذا تمت إستقالة أعضاء مجلس الشورى ..ولم يتم إستقالة أعضاء مجلس الشعب المنحل ...؟ .. أم أن  هذا هو إعتراف ضمني من حزب الحرية والعدالة وجماعة الأخوان المسلمين ( بصحة حكم المحكمة الدستورية القاضي بإنعدام مجلس الشعب ) ...وبالتالي لا حاجة لاستقالات أعضاء مجلس الشعب المنحل ؟ ألم يكن دخول أعضاء مجلس الشعب المنحل ...بسبب عضويتهم في هذا المجلس ؟ ألم يمنع  دخولهم ضمن تشكيل الجمعية ... دخول غيرهم من طوائف  الشعب المختلفة  في هذا التشكيل  ؟؟
..
• واضح أن مستشاري رئيس الجمهورية ومَنْ يمدونهم بفتاوى قانونية ...قد نسيوا أبسط القواعد القانونية ..أو يتذكرونها ...ولكن تتجه بوصلة فتواهم ... شطر .... مصالح الجماعة .. وحزب الحرية والعدالة ... لعلهم يعطفون عليهم بمنصب هنا ..أوهناك ..ولاسيما ... ونحن الآن في موسم جني الثمار... ثمار الفتاوى ...وتغيير المبادئ القانونية لتتفق مع أجندات جماعة عاشت في الظلام ... ولا تعرف سوى العمل السري ...وتريد أن تجر مصر معها ...إلى أن تكون جزءاً من الجماعة ..بدلاً من أن تكون الجماعة جزءاً من مصر ...
وتبقى كلمة :
1-  في مصر الآن ... أوكازيون كبير لتوزيع مناصب الدولة...وعلى السادة الراغبين في الشراء ...الدفع مقدماً ....من فروض ولاء وتغيير آراء ..ومحاربة للأعداء..أعداء الجماعة وحزبها .
2- ما مصر ... الآن ... إلا مسرح كبير ....ما يحدث أمام الجمهور ...بخلاف ما يتم في الكواليس .
3- موسم توزيع المناصب ...هو موسم لتغيير الآراء ...والتملق والنفاق ...
4-  الخناقة في مصر الآن ليست على السُلطات فقط  ... وإنما أيضاً على الدستور ...وهوية الدولة ...على طريقة ( لعبة شد الحبل)  ... واللي ( نَفَسَهُ)  أطول هو اللي هيكسب ..
*   أستاذ القانون الجنائي  ورئيس قسم القانون العام  -   كلية الشريعة والقانون بطنطا -  والمحامي أمام محكمة النقض  والإدارية العليا والدستورية العليا
[email protected]