رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اشتقت إلى الجنة الفيحاء «دمشق الحبيبة»

ذكريات حبيبة، لست أدري أيها أقرب مني ما بين شوق وحنين وبكاء وأنين.. حين يعلن الربيع عن مولده، وتخضر الدنيا بثوبها الأخضر وتنطلق الطيور من أوكارها.. تغني في حب مع الشاعر البحتري:

أتاك الربيع الطلق يختال باسما
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النيروز في غسق الدجا
أوائل ورد كن بالأمس نوما
ولقد رأيت الربيع مع مولده والطيور تغدو وتروح في سماء دمشق، دمشق الحبيبة وكنت أتوجه في زيارتها السنوية لإلقاء محاضرات القانون وفلسفته بكلية الشريعة والقانون «جامعة الدمشق»
وأما الآن بكل أسف غاب عني ذلك الأمل المرجو حيث الحادثات الدموية في بلد الحب والأمل ومفخرة الأمة العربية حيث على أرضها المخضبة بدم مسفوك يجري أنهاراً انهاراً ليل نهار في تبادل ما بين أخ وأخيه «وكأن قابيل عاد ليقتل أخاه هابيل» ومن يومها والدم يجري في ذلك الوادي الكبير الذي نسميه الحياة، ومعه نقول بلسان شاعر حزين، والدمع يترجم أبياته:
عاد الربيع وما عاد الأحباء
لا الزهر زهر ولا الأنداء أنداء
واحسرتاه عليك يا دمشق أصبحت كما قال بشار بن برد
في رثاء ابنه بل وأعز أبنائه:
توخي حمام الموت أوسط صبيتي
فبالله كيف اختار واسطة العقد
«بعيداً عن قرب قريباً على بعد»
وهكذا قريبة دمشق منا بعيدة مزارها
ونتذكر ما قاله عميد الأدب العربي طه حسين عن بعد الحبيب وهو منه قريب:
«يا دارها بالكرخ إن مزارها قريب
ولكن دون ذلك أهوال.

كانت عادتي أن أتوجه إلى صلاة الفجر في «المسجد الأموي» ذلك الذي شيده المسلمون عام 639 ميلادية وكان أول مسجد بني في دمشق، ومنه آخذ طريقي على مقربة منه أزور قبر البطل الاسلامي قاهر الصليبيين في حطين «صلاح الدين» وأشم عبق الانتصارات الإسلامية ومنه أصعد الى الربوة الخضراء في أطراف المدينة حيث «الخضرة والماء والوجه الحسن» وأصعد عليها لأزور قبر الحبيب الغالي، وكنت أعرفه وأعرف تاريخه في مملكة الشعر والبيان والذي لقبوه رئيس جمهورية الشعراء إنه «نزار قباني» وكنت أعرفه حينما كنت وكيلاً لنيابة شمال القاهرة وله

مشكلة قمت بحلها له، وفي ليلتها التقينا بالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ «بلدياتي» وكانت معه هديته التي أهداها له إياها - وكان ذلك في شهر نوفمبر عام 1965 بمسكنه بعمارة السعوديين بالعجوزة ويومها قدم له الأغنية الرشيقة «قارئة الفنجان» والتي أحب كلماتها بيتا بيتا وأتوقف في صمت العشاق عند قوله:
«قد مات شهيدا يا ولدي
من مات فداء للمحبوب»
وفي زيارتي لدمشق أصعد للربوة عالية المقام وحولها الحدائق الغناء والطيور تغرد صباح مساء: إنه قبر «نزار قباني».
والتي سجل على قبره هذا البيت الفريد من شعره:
هذه العصافير أصحابنا
ونحن الذين حرام أن يموت أمثالنا
حقا وصدقا يا إمام الشعراء: «نحن الذين حرام أن يموت أمثالنا».

وكيف نموت والقيد في أعناقنا، ونختم هذه الخواطر والذكريات تمور في وجداني، ذكرى سيدة الغناء العربي ومعها ذكرى نزار قباني، وأختمها - مع أمل في لقاء شعري قريب يخفف لنا عبء السنين هل تتذكرون - قولوا نعم، ما سطره نزار وشدت به أم كلثوم
«أصبح عندي الآن بندقية»
الى فلسطين خذوني معكم
الى ربي حزينة كوجه مجدلية
يا أيها الثوار في القدس وفي الخليل
في بلسان في الأغوار
في بيت لحم حيث كنتم أيها الأحرار
تقدموا.. تقدموا
«فقصة السلام مسرحية»
والعدل مسرحية
إلى فلسطين طريق واحد
يمر من «فوهة بندقية»
حقا وصدقاً ما قال به نزار وما شدت به أم كلثوم.. ودمتم وإلى اللقاء.