رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إلى قضاة مصر فخر الأمة حصنوا مدينتكم بالعدل..

قالها عمر بن عبد العزيز.. «الخليفة الخامس».. حينما أرسل إليه وإلى البصرة عارضاً إليه سوء الحال وصعوبات ما بالجند من غرنه، واضطراب ونقص في المعونة والأموال، طالبا مؤونة «يحصن به أحوالهم ويحمي بها المدينة» فجاءت اجابة الخليفة الخامس، حاسمة وواضحة، وكانت مثلاً ساطعاً وبرهاناً واضحاً على حسن ادارة الحكم، قال لرسوله: «اذهب إلي والي المسلمين من فورك وقل له ما قاله سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب».

حصنوا مدينتكم بالعدل
وكأنه يردد رسول يردد ماقاله رسول كسرى أتو شروان إلى المدنية ليرى كيف يعيش عمر بن الخطاب.
وكيف هى حياة القصور فإذا به يدهش حينما رأى عمر في مصلى على أطراف المدينة والعرق يتصبب من جبينه، لا حارس له، ولا قوة ولا قصور ولا... ولا.. إلى آخر، فإذا به مع دهشته المتناهية يردد تلك المقولة التي ذهب مذهب الأمثال:
«حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر»
حكمة هى دستور كل حاكم عادل، وصية لكل حكام العالم أينما مكانه، وجيلاً بعد جيل - تلك التي ترجمها في بلاغة أخاذة في قصيدته العمرية «شاعر النيل حافظ ابراهيم».
وقال قول حق أصبحت مثلاً
وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهمو
فنمت نوم قرير العين هانيها
حديثنا عن «العدل» أي عن مجريات القضاء وما يدور في فلك السياسة في مصرنا العزيزة هذه الأيام ونعيشها - هنا - أنه لا منجاة ولا منقذ لنا إلا العدل وتطبيقه في محارب قضائنا «عالي المقام»، ووجهتنا صوب العدل في الإسلام».
إذن
ليست العدالة في الإسلام تلك التي تتصل بميدان القضاء فحسب، إنما هى تلك التي تشمل مختلف صور العدالة في مختلف ميادين الحكم والإدارة، والعدل في الاسلام «عدل مطلق، عام شامل، يلتزم به إذن المسلمون وغير المسلمين، يخص الأصدقاء والأعداء على حد سواء، هو «العدل المثالي» بين الناس جميعاً مهما تختلف أجناسهم وأديانهم، لا أثر فيه للطبقية ولا للجاه أو السلطان أو القرابة مكان معه.
وقد عرفت على ضوء هذا المفهوم «السياسة العادلة» في الاسلام بأنها «الأحكام والتصرفات التي تعني بإسعاد الأمة، وتعمل على تحقيق مصالحها وفقاً لمبادئ الشريعة وأصولها العامة، غير متأثرة

بالأهواء والشهوات».
وقد ذخر القرآن الكريم بالآيات الدالة على معنى العدالة ونطاقها:
«إن الله يأمر بالعدل والإحسان»، «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل»، «وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى».
ويأمرنا الله بالعدل ولو ضد أنفسنا أو أقرب الناس إلينا، ويحذرنا من أن يميل بنا الهوى عن العدل: «يا أيها الذين آمنوا، كونوا قوامين بالقسط شهداء لله، ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين... فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا».
والعدل أساس المجتمع الصالح والحكم الرشيد «ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى»، وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط، إن الله يحب المقسطين.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم «من آذى ذميا فأنا خصمه» ويقول أيضاً «ألا من ظلم معاهداً أو تنقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة، ومن الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله عليه السلام «أحب الناس الى الله تعالى يوم القيامة إمام عادل».
«هذه المعاني كلها ترسم لنا كيف أن الاسلام ذهب مع العدالة مذهباً بعيداً مداه أبعد مما عرف في أية شريعة أخرى من الشرائع السماوية أو الوضعية».
ومن هنا كان شرطاً أساسياً اتفق عليه علماء الفقه الإسلامي كون العدالة أول الشروط التي يشترطونها في «الإمام أو الحاكم».
ودائما وأبداً: إلى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان.
الدكتور محمود السقا