عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الكعب الدائر في تفسير الدوائر

بناء على طلب المحكمة الدستورية قام مجلس الشورى بإعادة تقسيم الدوائر الإنتخابية لإنتخابات مجلس النواب القادم.
طبعاً، مشكلة المشاكل في نظام إنتخابي مبني في الأساس على القوائم، هي أن النجاح يعتمد بشكل كبير على الشق التنظيمي وهو أمر تجيده تماماً أحزاب الإسلام السياسي وترسب فيه عن جدارة بقية الأحزاب.

وبعد التقسيم الجديد، زاد الأمر تعقيداً في كثير من الدوائر لعدة أسباب:
١- تقسيم دوائر ذات كتلة تصويتية إسلامية محسومة لعدة دوائر للإستفادة الكاملة من زيادة المقاعد لصالح التيارات الإسلامية
٢- إعادة توزيع المراكز المكونة للدائرة في بعض الدوائر التي فاز بها مرشحي تيارات مدنية بشكل يجعلهم يعيدوا حساباتهم من جديد.
هل كل كلامي مرسل حتى الأن؟ نعم
لذا وجب علينا أن نثبت هذا الكلام بأمثلة رقمية موضحة. لندرس سويا أمثلة من محافظة الجيزة. وقد إخترت الجيزة لسببين:
١- هي محافظة أعلم تكوينها الإنتخابي وتتوفر لدي بيانات دقيقة عنها
٢- هي محافظة تم زيادة مقاعدها من ٣٠ إلى ٤٢ وهو نفس عدد المقاعد الذي تم إضافته للقاهرة.
كانت الجيزة في ٢٠١١ تتكون من ٥ دوائر فردية (١٠ نواب) و قائمتين (٢٠ نائب)
تمت زيادة الدوائر إلى ٧ دوائر فردي و ٣ دوائر للقوائم. السؤال هنا، كيف تمت هذه الزيادة.
للأمانة، الزيادة راعت روح القانون في التقسيم العادل. لكنها أيضا راعت مصلحة "المشرع" في التأكد من أن هذا التقسيم يتناسب مع قدراته التصويتية.
لنتكلم عن مثال تطبيقي لتقسيم الدوائر ذات الأغلبية الإسلامية لتعظيم الإستفادة بزيادة المقاعد:
لنأخذ أكثر الأمثلة فجاجة وهي الدائرة الأولى فردي سابقاً وكانت تضم ٧ مراكز: الجيزة، أبو النمرس، الصف، الحوامدية، البدرشين، العياط وأطفيح.

كان نصيب هذه الدائرة مقعدان فردي وبما إنها كانت جزء من قائمة جنوب الجيزة فكان نصيبها ٥ مقاعد بإجمالي ٧ مقاعد ممكنة من هذه الدائرة.
كيف كانت نتائج هذه الدائرة إذا في ٢٠١١؟ إكتساح إسلامي للمقاعد الفردية و حصول حزبي النور والحرية والعدالة على كل المقاعد التي أفرزها تصويت هذه الدائرة فقط. لقد حصلت التيارات الإسلامية في هذه الدائرة على قرابة ال ٦٠٠ ألف صوت وهي أعلى دائرة تفوق فيها الإسلاميون في إنتخابات الشعب والشورى بل والرئاسة.
إذا ماذا فعلنا بها في تقسيم ٢٠١٣؟ لقد قمنا بإخرج مركز الجيزة منها وحولنا ال ٦

مراكز المتبقية إلي دائرتين للفردي (الدائرة ٦ و٧ فردي) ودائرة قائمة (الدائرة ٣ قوائم). إذا دائرة كان إنتاجية مقاعدها ٧ مقاعد تم تصغيرها بإخراج مركز الجيزة وتحويل إنتاجيتها إلى ١٢ مقعد. إلتهمت هذه الدائرة وحدها نصف المقاعد المقرر زيادتها لمحافظة الجيزة رغم أن الدائرة لا تتعدى ٢٠٪ من كتلة الجيزة التصويتية.
والأن لنتكلم عن الشق الثاني وهو إعادة توزيع المراكز لإرباك الخصوم. ولنا هنا مثال توضيحي أخر:
لقد تم إعادة توزيع الدوائر الفردي عن طريق فصل مركز إمبابة عن المهندسين لتتحول إمبابة إلى دائرة مستقلة (الدائرة ٢ فردي). في نفس الوقت تم ترك دائرة بولاق الدكرور كما هي ولم يتم فصلها عن العمرانية والطالبية علما بأن إمبابة وبولاق لهما نفس الكثافة التصويتية. لماذا إخترنا إمبابة إذا؟ ربما يساعدنا على الفهم أن الفائز في دورة ٢٠١١ عن دائرة المهندسين وإمبابة كان د.عمرو الشوبكي. المرشح المستقل بينما الفائز عن دائرة بولاق هما مرشحي حزب الحرية والعدالة. صدفة إذا أننا إخترنا تقسيم إمبابة؟ نحسبها كذلك!
الأمثلة كثيرة جداً على تلك التوزيعات والتقسيمات التي تبدو صحيحة بالأرقام لكن تعطي غلبة حقيقية لمرشحي تيار معين.
ما حدث ليس بدعة سياسية بل له سوابق تاريخية عديدة أشهرها مصطلح ظهر في القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة مبني على واقعة مماثلة وعرف بأسم Gerrymandering وهو مصطلح يعني تقسيم الدوائر الإنتخابية بشكل يعطي غلبة تصويتية لفصيل معين.
إنه توزيع دوائر تحت شعار: البقاء للأقوى وعلى المتضرر الكعب الدائر!