عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التعايش الإسلامي مع الآخر

قبل أكثرَ من أربعةَ عشرَ قرنًا، وعندما لم يكن هناك من يعترفُ بالآخر، فضلاً عن أنْ يحترم هذا الآخر، ويحمى خصوصياته ومقدساته .. وعندما كان الرومان يعتبرون من عداهم "برابرة وعبيداً" ليست لهم أيّة حقوق .. أعلن رسولُ الإسلام – صلى الله عليه وسلم – سنة 631م ميثاق التعايش مع الآخر اليهودى، في رعيّة دولةِ المدينة المتعددة الديانات.

أُعلن ذلك فى دستور هذه الدولة فجاء فيه: لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ومن تبعنا من يهود فإنّ لهم النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم .. وإن بطانة يهود ومواليهم كأنفسهم وإنّ اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين، على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم .. وأنّ بينهم النصرَ على من حارب أهل هذه الصحيفة "الدستور" وأن بينهم النصح والنصيحة .. والبر المحض من أهل هذه الصحيفة دون الإثم ..

وبالنسبة للآخَر"النصراني" أعلن رسولُ الإسلام – صلى الله عليه وسلم –  سنة 10 هـ ـ 631 م :" لقد أعطيتهم عهد الله  أن لهم ما على المسلمين وعلى المسلمين ما عليهم حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم .. وأن أحمى جانبهم، وأذبّ عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ومواضع الرهبان ومواطن السيّاح حيث كانوا.. وأن أحرسَ دينهم وملتهم أينما كانوا بما أحرس به نفسي وخاصتي وأهل الإسلام من ملتي" ..

ولأنّ هذا الموقفَ الإسلامي من الآخَر هو دين وليس مجرد سياسة تتغير بتغير الملابسات فلقد أعلنه المسلمون وطبقوه وصاغوه فى مواثيق دستورية وعهودٍ قطعوها لأهل البلاد التى حررتها الفتوحات الإسلامية من القهر الروماني الذى دام عشرة قرون .. ففى العهد العمرى الذى كتبه الراشد الثاني الفاروق عمر بن الخطاب (40 ق. هـ -23 هـ /584 – 642م) لأهل القدس عند تحريرها سنة15هـ 636م جاء فيه:
" هذا ما أعطى عبدُ الله عُمر أمير المؤمنين أهل (إيليا) (القدس) – من الأمان: أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم ولا ينتقص منها ولا من حيّزها، ولا من صليبهم، ولا من شىء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمانهم، ومن أقامَ منهم فهو آمن، ومن أحبّ من أهل (إيليا) (القدس) أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وتُعلى صُلبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن شاء صار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شىء حتى يحصد حصادهم.

هكذا أعلن الإسلام – الدين والدولة – قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ـ مواثيق التعايش والحقوق والتعددية، عندما بنى الدولة على التعددية الدينية فى الأمة وجعل لغير المسلمين كلّ ما للمسلمين، وتعهد دينيا بحماية الآخرين بما يحمى به المسلمين ودين الإسلام، وبعبارة رسول الإسلام: وأن أحرس دينهم بما أحرس به نفسي وخاصتي وأهل الإسلام من ملتى فهل يعرف ذلك الذين يفترون على الإسلام ورسول الإسلام.