رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شموخ العلماء أمام الجائرين

لأمّتنا فى شجاعة العلماءِ ومقاومتهم للظلم والجّوْر والطغيان تاريخٌ مجيدٌ وعريقٌ وعميق .. فهذه الأمّة هى التى تفرّدت بأنْ جعلت للعلم سُلطةً تعلو على سُلطة الأمراء.

ولقد كان الحسنُ البصريُّ (21 – 110هـ ، 642 – 728م) سيّدَ التابعين وفي ذات الوقت كان إمامَ المعارضة لجبروت الحجّاج بن يوسف الثقفي (40 – 95هـ ، 660 – 714م) – الذى قطع عطاء الحَسن ـ راتبه من بيت المال ـ وطارده كى يسجنَه، فهرب من زبانية الحجّاج، وحتى عندما ماتت ابنتُه لم يستطعْ حضور جنازتها والصلاة عليها ومواراتها التراب .

وكان الحسنُ الساعد الأيمن للخليفة العادل عُمر بنُ عبد العزيز (61-102هـ ، 681-730م) والمشير الأول له إبّان خلافته التى ردت المظالم إلى أهلها وأعادت الشورى والعدل الاجتماعى إلى مكانهما فى دولة الإسلام، وعمر بن عبد العزيز هو القائل عن الحجاج بن يوسف: "لو جاءت كل الأمم بمنافقيها ، وجئنا بالحجاج لفضَلناهم "!!.

ومن تحت عباءة الحسن البصرى ومن مدرسته تخرّج أبو عثمان عمرو بنُ عُبيد (80-144هـ ، 699-761م) الزاهد الثائر الفيلسوف .. يهزّ عروش الطغاة ، ويحيا حياة الزهّاد مع جماهير الفقراء ويحجّ إلى مجلسه العلماءُ، ولقد حج من البصرة إلى مكة أربعين عاماً سيراً على قدميه؛ ومن خلفه راحلتُه يحمل عليها الفقراء والضعفاء، ومن الأدعية التى أُثرت عنه: "اللهم أغننى بالافتقار إليك، ولا تفقرنى بالاستغناء عنك ، وأعنّي على الدين بالعصمة والطاعة على الدنيا بالقناعة .."
وكما كان عمْرو بن عُبيد تلميذا للحسن البصرى ومعارضاً لبنى أمية فلقد كان أبوه واحداً من رجال الشرطة فى دولة بنى أمية حتى أنه كان عندما يمشى مع أبيه فى شوارع البصرة كان الناس يقولون:" خير الناس بن شر الناس" .

وعندما تولّى عمر بن عبد العزيز الخلافة، نهض عمرو بن عبيد مع أصحابه من العراق يريدون الشام لنصرة هذا

الخليفة الذى ملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً .. وأفتى عمرو بن عبيد بأن عمر بن عبد العزيز وإن تولى الخلافة دون شورى فلقد ولاه من سبقه – إلا أنّه استحقها برضا الناس فكان الرضا قد مثّل شورى الأمة وبيعتها واختيارها.

وكان عمرو بن عبيد أستاذاً لأبى جعفر المصور (95-158هـ، 714 – 775م) الذى بايع لمحمد بن الحسن، النفس الزكية (93-145هـ ، 712-762م) بالخلافة إبّان الثورة على بنى أمية .. لكن المنصور نقض بيعته وتولى الخلافة العباسية بانقلاب الشعوبية الخراسانية – بقيادة "أبو مسلم الخراسانى" (137هـ ، 754م) على العلويين، فقاطع عمرو بن عبيد الدولة العباسية ورفض أنْ يلى هو أو أحد من أصحابه القضاء أو الولايات وقال للمنصور عندما دعاه إلى المشاركة فى إدارة الدولة :"إن أصحابى لا يأتونك وهؤلاء الشياطين – الشعوبيون والخراسانيون – على بابك فإنْ هم أطاعوهم أغضبوا الله، وإن عصوهم أغروك وألبوك عليهم .. ادعُنا بعدلك تسخُ أنفسُنا بعونك .. ببابك ألف مظلمة ، أردد منها شيئاً نعلم أنك صادق" .

هكذا كان شموخ العلماء أمام الخلفاء ، وهكذا كانت سلطة العلم والعلماء أعلى من سلطة الخلفاء والأمراء .. حتى عندما كان الخلفاء والأمراء علماء ؟؟.