رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر بين التطهير والتعمير

"دعاة البناء ما رأيكم دام فضلكم في خطاب مبارك أمس؟ من عوامل هدم الثورة اتجاهات الإصلاحيين نحو البناء قبل إتمام الهدم وإزالة الركام، بناء إيه؟؟ هذا تفكير خارج السياق، الإخوان.. تكوين حزب، المؤسسات الأهلية..يالا نبني بلدنا مصر، الإعلام.. انتصرنا والكلام عن التغيير،
...كل دي مسكنات .....ليتنا سمعنا كلام المتخصصين في الفعل الثوري والمشروع السياسي"...
كانت هذه إحدى المداخلات التي وضعها أحد الأصدقاء على الفيس بوك، وهي تثير قضية مهمة؟ هل نحن أمام ثنائية: تطهير أم تعمير؟، وهل نحن إزاء مسارات متوالية أم متوازية؟  وهي المداخلة التي نشرها صديقنا ليلة التحقيق مع العائلة الرئاسية، والتي فرح بعدها المصريون فرحا طفوليا يشوبه التشفي لحبس العائلة 15 يوما على ذمة التحقيق، ولكن هل تبقى بعد ذلك الأسئلة والقضية؟ أم تزول؟.
الحقيقة أن علينا أولا أن ندرك أن طول عهود الفساد والاستبداد (30 إلى 60 عاما) لابد أنها جعلت الجرثومة التي تحتاج إلى إزالة وتطهير تصل إلى قاع المجتمع وجذوره، وهو أول سبب يجعلنا نقول إن التطهير عملية مستمرة لا تنتهي بالإطاحة بالرءوس الكبيرة، وأنها عملية طويلة ومعقدة لا ينبغي فقط أن تشمل استبدال وجوه بوجوه جديدة، إنما لابد أن تغير من الهياكل والبنى والبيئات التي صاحبت وصادقت وتكيفت وهيأت أسباب الفساد والاستبداد، لتأتي من ذلك كله بجديد لا يقضي فقط على الجرثومة، إنما لا يسمح بتكوين بؤر جديدة لتجمعها ثانية، ومن ثم فهي – مرة أخرى - عملية طويلة المدى.
ومن ثم فإن القول إنه لا يصح أن نبدأ بالتعمير قبل إكمال التطهير يحقق بنجاح ساحق أهداف فرقة "أم الفلول المسرحية" التي بدأت عروضها بمسرحية "الهروب المريب"، وانتهت بمسرحية "براءة الريس حنتيرة من سرقة الشفنيرة"، مرورا بموقعة الجمل، وغزوة الجلابية، وحفلات الفلول السلفية التي تصاحبها موسيقى فرقة حسب الله الإعلامية، كل تلك العروض المبهرة أرادت بها الفرقة أن يتحول الشعب إلى مجموعة من المتفرجين محروقي الدم، كما أن القول بضرورة استكمال التطهير قبل البدء في التعمير يعني أننا
يمكن أن نتحول في أحسن الأحوال إلى "مهللين" في مباراة لمصارعة الثيران، نصفق فيها طربا كلما غرس الفارس الهمام سكينا في رقبة ثور من ثيران النظام البائد الهائجة.
وحتى لا نتحول إلى هذا النوع أو ذاك من المتفرجين علينا أن نشرع – وهو ما فعله ويفعله الكثير من المصريين المهمومين بمستقبل الوطن – في التعمير، فقد طال انتظار هذا الوطن لنهضة كان يستحقها منذ نصف قرن أو أكثر، كم وئدت فيه من مشاريع، وكم قتلت فيه من أفكار، وكم اغتيلت فيه من أحلام، وكم سبقنا فيه أقواما كانوا مثلنا أو خلفنا؟!.
أسمع من يسألني: كيف ومن أين نبدأ؟ وأقول: تعالوا نحول الأغلبية الصامتة في طول البلاد وعرضها إلى لاعبين أساسيين على مسارح الوطن، تعالوا نعيد اكتشاف مواردنا المحلية البشرية منها والطبيعية، تعالوا لنجلو ما ران على قلوب أبناء الوطن من أنانية وسلبية، تعالوا نعيد ترميم علاقات المجتمع لنرفع من أسهم رأس ماله الاجتماعي، تعالوا نطور أعمال اللجان الشعبية لتحقيق المصالح ودرء المفاسد الصغرى في أحياء الوطن وقراه، تعالوا نصلح ما أفسدناه في المجال العام بدءا من سلم العمارة مرورا بالشارع والحي والقرية، واختصارا تعالوا ننظر لنصف الكوب الملآن في حياتنا لنكثره ونستثمره لصالح غد أفضل للوطن، وما ذلك على الله بعزيز، وما هو على إرادة أبناء الوطن ببعيد.