رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تصريحات.. تعبيرية

اندلاع ثورة تونس الشعبية.. أكدت وبوضوح علي أن الشعوب المقهورة.. مهما طال الزمن.. فلابد أن يجيء اليوم الذي تحصل فيه علي حريتها المغتصبة، وتعود لتمسك زمام أمور بلادها..

فالصورة المشرفة التي عكستها ثورة تونس إنما كانت في المرتبة الأولي.. ثورة للحفاظ علي (كرامة المواطن).. قبل أن تكون ثورة (رغيف عيش).

فمن الملاحظ أن الأوضاع المعيشية في تونس لم تكن بحال من الأحوال.. أصعب أو أقل من غيرها من البلاد العربية.. بل كان هناك مستوي معيشي وتعليم أتاح اتساعاً في نسبة الطبقة المتوسطة حتي بلغت حوالي 80٪ من جموع الشعب.. في حين أن دولاً عربية أخري انكمشت الطبقة متوسطة حتي كادت تتلاشي.

ولكن كانت سياسة حاكمها زين العابدين بن علي والتي امتدت فترة ولايته 23 عاماً هو تجاهل الإصلاح السياسي.. والقضاء علي كل وسيلة تؤدي وتوصل إلي طريق الحريات وبكل الطرق.. حتي أبسط محاورها وهي حرية التعبير.. وبالطبع لم يكن يتطرق إلي تداول السلطة ولا إلي حرية الانتخابات العامة والرئاسية ولا إلي فصل السلطات ولا إلي المشاركة الحقيقية للشعب في إدارة شئون بلاده.

وحتي وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كان عليها مراقبة وحجر.

إن ثورة تونس الشعبية لها الفضل ليس فقط في إرجاع الحقوق الإنسانية لشعب تونس الشقيق.. ولكنها كانت بالفعل جرس إنذار لكل حكومات وحكام المنطقة.. فتونس وهي في قبضة حاكمها الهارب كانت تعكس صورة غير حقيقية.. حتي هيأ للآخرين أنها من الدول العربية الأكثر استقراراً.. وحاكمها من أكثر الرؤساء ثباتاً في السلطة.

ولكن لا يصح إلا الصحيح.. ففي أيام أقل من عدد أصابع اليد الواحدة تفجر الموقف.. وعادت السلطة إلي الشعب التونسي.. وتحقق مبدأ حقوق الإنسان. إن الشعب مصدر السلطة وكانت المفاجأة أن الرئيس الذي كان يبدو في أعلي درجات القوة والسيطرة.. ظهر بصورة الضعيف الذي يستجدي مغفرة شعبه بحجة أنه غيبت عنه حقائق ما كان يجري في بلده.. بسبب الذين كانوا يلتفون حوله من أصحاب الثقة ومستشاري السوء الذين كانوا يواصلون مده بمعلومات كاذبة عن رضاء الشعب عن الأحوال.. وتمسكه به كحاكم ولا يرضون بغيره بديلاً.

فمما لا شك فيه أن ثورة تونس الشعبية.. دقت أجراس إنذار.. دفعت

دولاً عربية لمراجعة حساباتها في تعاملها مع شعوبها.

فلدينا في مصر علي سبيل المثال اعتدنا علي أن البعض خاصة في الإعلام الحكومي يحاول بكل جهد أن يعكس صوراً مخالفة للحقيقة والواقع عن أصحاب السلطة ومسئولي الحكومة.. إلي الحد أن في إحدي الصحف القومية نشرت صوراً فاجأت الجميع في الداخل والخارج، حيث إنها غيرت الكثير منها وكان التلاعب في الحقائق من أجل كسب رضا المسئولين.. بصرف النظر كيف كانت النظرة لهم ولنا.. وكان التعليل.. إنها (صورة تعبيرية).

وبنفس الطريقة في الوقت الحالي بعد ثورة تونس خرج علينا المسئولون بتصريحات تمس قرارات وإجراءات حكومية تعسفية عدة كانوا مصرين علي تنفيذها من قبل ولكنهم ألغوها.. وبدأت تنهال العطايا غير المسبوقة علي الشعب الذي أصبح لا حول ولا قوة له من كثرة ما أنهكته سياسات النظام وحكوماته.

والسؤال المطروح.. هل يتوقع الحكومة ومسئولوها أن يصدق الشعب (تصريحاتهم التعبيرية) الآن.. بالرغم كان أيام الحكومة الحالية ما يقرب من 6 سنوات ممتدة، والنظام 30 عاماً.. وكان باستطاعتهم تنفيذ كل ما جاء في تصريحاتهم في رحابة من الوقت.. فلماذا ظهر هذا الاهتمام المتزايد بأحوال الشعب من بعد 15 يناير.. بعد التجاهل التام والتعنت أمام مطالب المواطنين؟

الكلمة الأخيرة

إن هناك للأسف أنظمة لا تقرأ التاريخ جيداً ولا تعي أن السلطة المطلقة للحكام مخربة.. ولا تؤدي إلا للفساد والضياع وفي نفس الوقت تقضي علي حكامها بصورة تمتزج فيها الشفقة مع الازدراء!!