رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر التي كانت.. خواطر ثائر عجوز

 

العصابة التي كانت تحكم مصر قبل 25 يناير من أكبر رأس إلي أصغر تابع يلعق أحذية السادة ويعيش علي فضل إحسانهم من ملايين مصر وأرضها وثرواتها يتساقطون الواحد تلو الآخر ويتكشف مع سقوطهم فضائح يندي لها جبين كل وطني مخلص شرب من نيل مصر وأكل من خيرها وعاشر أهلها.. مصر بالشرفاء من أبنائها انتفضت عملاقة كالمعتاد تنفض عن أكتافها عبء حمولة ناءت بها ثلاثة قرون لتلقي بمن خانوا الأمانة تحت أقدام الثوار يدوسونهم ويمرغون وجوههم في الطين ينتظرون حكم القضاء فيهم بعدل الدنيا علي الرغم من أنهم كانوا يحكمون بقوانين خاصة فصلوها لكي تخدم مصالحهم.. قوانين توصل للفساد والمحسوبية والرشوة.. انقلب السحر علي الساحر فإذا بهم يحاكمون بنفس القوانين التي صاغها من تخصصوا في تقنين الفساد وحماية المفسدين، وإذا بمن كانوا يتعاملون معهم علي أنهم عورة يؤذون عيون السادة ببؤسهم ويجرحون أسماعهم بأبسط حقوق الإنسان يستعيدون الوطن من مختطفيه ويحررون الرهائن ويقبضون علي المجرمين ويقدمونهم للعدالة.. لم تعد مصر كما كانت ولن تعود.

كنت قد اقترحت في مقال سابق - من باب التفريج عن النفس والتنفيس عن الغيظ بتصور المستحيل حين يزداد الكرب - أن يضاف إلي قانون العقوبات مادة تسمح بالإفراج عن المحبوسين الآن علي ذمة قضايا الفساد من محبسهم بشرط أن يسيروا في شوارع مصر دون حماية، وراهنت علي أنهم سوف يرفضون مفضلين السجن علي مواجهة الجماهير التي لن تستقبلهم بالقطع بالورود والرياحين كما كانوا يدعون في أجهزة الإعلام الحكومية التابعة لهم وتلقي الجزاء الشعبي الذي يستحقونه عن جرائمهم في حق الشعب الذي ادعوا أنه ولاهم وجاء بهم إلي الحكم ورجاهم أن يظلوا فيه إلي أن يموتوا هم وأولادهم من بعدهم، وربما توقف أحدهم هنا ليسأل: كل تلك الجيوش من الأمن المركزي والحراسات الشخصية والسيارات المصفحة لكي تحميهم من شعب المفروض فيهم أنه يحكمونه؟.. ألم تكن كافية لكي تدلل علي أنهم مكروهون وأنهم محتقرون وأنهم اغتالوا أحلام شعب لا يأمنون علي أنفسهم من انتقامه؟.. ومن ثم فإن إصرارهم - وهم يعلمون ذلك - يكون اغتصاباً للسلطة وانعداماً لشرعية حكم جاء بالتزوير والبلطجة التي أصبحت في عهدهم مهنة رسمية ضمن كوادر حزب الفساد الذي جاءوا منه.. واليوم أضيف مازحاً اقتراحاً آخر بمادة أخري تضاف إلي القانون تسمح بأن يوزع مساجين السلطة نوبتجيات علي أيام الأسبوع المختلفة يستمع كل منهم علي امتداد يوم كامل إلي الخطب التي أعدوها وباركها رئيسهم بوعود براقة كاذبة ومشروعات وهمية وإنجازات ورقية وبشرط أن يسمعها وحده طول النهار ثم يطلب منه في نهاية اليوم أن يكتب تقريراً عن مصير تلك المشروعات والإنجازات وكم صرف باسمها والمستفيدين من ذلك ثم يقرأ هذا التقرير علي باقي سجناء السلطة.. وهكذا.

ولأن فلول حزب الفساد الذين يجيدون التخفي والصمت جبناً وتحسباً مازالت تتخندق في مواقعها انتظاراً لفرص تتاح لكي ينقضوا علي الثورة، ولأن جيوشهم من المماليك والتابعين والخصيان ممن كانوا يتحركون في أي اتجاه بإشارة من أصبع »بهلوان الحزب« فقد أصبح كل مصري الآن مسئولاً عن مراقبة هؤلاء والإبلاغ عنهم والوقوف في وجه أي محاولة منهم أو من »صبيانهم« من جمعيات المنتفعين بالمناصب والأموال للتحرك بثورة مضادة تحرم مصر من نتاج ثورتها وتعود بالزمن إلي الوراء ويضيع دم شهداء

أبرار شجعان لم يترددوا لحظة في مواجهة الموت دفاعاً عن شرف مصر وعرضها الذي استباحهما أزلام نظام مبارك.. مئات الألوف من أزلام الحزب الوطني لا يزالون مع الأسف الشديد يديرون مؤسسات الدولة وهيئاتها الحيوية وكانوا أعضاء بارزين في لجان الحزب وكوادره القيادية، وبعضهم في غفلة من الزمن اختير وزيراً في حكومة تسيير الأعمال فازدادوا قرباً من صانع القرار يطلعون علي الأسرار وقد يستخدمونها لخدمة الثورة المضادة التي لا يمكن التشكيك في أنها تعمل تحت الأرض الآن في كل محافظات مصر بالدس والوقيعة بين الشعب والجيش ودق الأسافين لتهديد الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي بغية الاحتفاظ بالمكاسب أطول فترة ممكنة وتجنب الحساب أو الهرب حين تحين الفرصة ثم الانقضاض علي مكاسب الثورة وعودة الحال إلي ما كان عليه لو أتيحت الظروف التي تمكنهم من ذلك.

أخطر المؤامرات التي تحاك الآن من فلول الوطني هي إنشاء أحزاب سياسية جديدة تحمل الأسماء التي ترتبط في أذهان الثوار ووجدانهم بمعان ثورية تغري الشباب وغيرهم من المصريين بالانضمام إلي هذه الأحزاب دون التدقيق فيمن يقفون خلفها ويشكلون كوادرها ويتيحون بذلك الفرصة لكوادر الحزب المنحل أن يتواجدوا علي الساحة ويتحركوا بحرية ويكتسبوا الوقت اللازم لإجهاض الثورة ومكاسبها علي المدي الطويل.. حجز الحزب في مناورة محسوبة تلك الأسماء بالوزارة المعنية بما له من خبرة وحتي لا يأخذها غيره من الأحزاب فيحتكرها لنفسه يداعب بها أحلام التغيير لدي الناس ويشكل بها أحزابه وبدلاً من حزب واحد كان يحكم مصر كلها ويتحكم في مصيرها سوف يصبح لدي الحزب المنحل - إذا لم ننتبه لما يحدث - أكثر من عشرة أحزاب دفعة واحدة، وسوف يتخفي رموزه داخل مقار جمعيات أهلية موجودة ينضمون لعضويتها أو ينشئونها.. نحن بحاجة إذن إلي شيئين هامين.. يقظة كاملة من كل الناس في أي موقع عمل بمصر لتفويت الفرصة علي فلول حزب الفساد لتجميع صفوفهم والتآمر علي مصر من جديد و»تعقيم« دار الحكم المتمثل الآن في حكومة الدكتور شرف حتي لا يتسلل إليها من يبحث عن دور يبرر به وجوده أو يطمس به معالم فساده أو يطمع في أن يستمر بالحكم بعد انتهاء الفترة الانتقالية لتسيير الأعمال.