رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

التبريزي‮.. ‬وتابعه‮ ‬"قفة‮"!!‬

‮"علي جناح التبريزي وتابعه قفة‮« ‬مسرحية كتبها الراحل ألفريد فرج في الستينيات،‮ ‬العصر البلاتيني للمسرح المصري أيام أن كنا طلاباً‮ ‬بالجامعة وكانت حياتنا تتسم بالنظام والالتزام ويختلط فيها العلم بالثقافة والمعرفة ،‮ ‬أساتذة عظام يعتلون منصة العلم يقدمونه إلينا بطعم القيم والمثل والقدوة فنحب أن نقلدهم،‮ ‬وأساتذة علي نفس القدر من القامة والقيمة يعتلون خشبة المسرح فيحيلون النصوص المكتوبة إلي ملاحم ومباريات في الأداء تحمل المعاني إلي القلوب فتهزها وإلي العقول فتغنيها وتنعشها‮.. ‬قفة في المسرحية تابع للفيلسوف أو المتفلسف الذي يبدي الرأي في كافة الأمور ويخرج سيده من الأزمات ويشير عليه أحياناً‮ ‬بحلول تبدو ساذجة ولكن الظروف تجعلها صالحة كحلول وقتية تخفف من الأزمة ولكن لا تحلها،‮ ‬يدور كل ذلك في إطار كوميدي راق يضحك ولكنه أيضاً‮ ‬يصدم وينبه‮.‬

بعد‮ ‬25‮ ‬يناير لا يزال أشباه‮ »‬قفة‮« ‬موجودين في كل مكان يحتله من كانوا بالأمس خداماً‮ ‬لنظام مبارك يأتمرون بأمر مساعديه من نزلاء طرة ويتفانون في تنفيذ المهام التي يسندونها إليهم التماساً‮ ‬لرضاهم وطمعاً‮ ‬في أن ينالهم من الحب جانب فيفيضون عليهم بالفتات الذي يتبقي من ولائم النهب والسلب المنظمين لثروات البلد ابتلي بهم لعقود من الزمان سوف تكتب في صفحات سوداء بمداد أكثر سواداً‮ ‬من المصير الذي ينتظرهم جميعاً‮ ‬في الدنيا والآخرة بإذن الله‮.. ‬حاملي الشنط ممن أسميهم‮ »‬الطحالب البشرية‮« ‬يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة،‮ ‬وأن وصولهم علي أكتاف الغير واختطافهم لحقوق هذا الغير واستباحتهم لتلك الحقوق أمر واجب،‮ ‬يجيدون تحديد أهدافهم من المغفلين أصحاب القرار ويلازمونهم ويلتصقون بهم التصاق‮ »‬القراض‮« ‬بجسم الكلب،‮ ‬يسمعونهم أحلي الكلام وينقلون إليهم شعراً‮ ‬يقوله الناس فيهم ويزينون لهم الباطل ويشيرون عليهم بكل ما يخدم مصالحهم،‮ ‬ولأنهم طحالب تتمدد وتتشابك وتنتشر بسرعة يعمون أبصار وأسماع من يسمحون لهم بدور الناصح الأمين وبالتدريج يصبح المسئول معزولاً‮ ‬داخل شرنقة من الطحالب،‮ ‬رخوة ولكنها تحاصره وتمنعه من الإفلات أو الخروج منها لكي يطل علي ما يحدث حوله فيسلم قياده لهؤلاء يحركونه كما يحركون العرائس ويفعلون به ما يشاءون ويصبحون هم المتصرف في شئونه وشئون من يسوسهم المغفل الذي سمح لنفسه بأن يسحب من أنفه كالحمار يربطه من حوله حيث يشاءون‮.‬

قابلت في حياتي العملية والمعنية‮ »‬قففاً‮« ‬كثيرة نفعني ما تعلمته من أستاذتي أن أكون‮ »‬فرازاً‮« ‬فلا أجعل هؤلاء يقتربون مني أكثر من اللازم،‮ ‬وأتاح لي ذلك أن أرقب عن كثب أساليبهم في احتواء‮ ‬غيري من حسني النية أحياناً‮ ‬والنفعيين الذين يجيدون استغلال هذا النوع من أسافل الناس لتحقيق أهدافهم في الحياة ويدخرونهم للمهام القذرة حين يتطلب الوصول إلي تلك الأهداف‮ »‬قفة‮« ‬يلقي فيها بالأوساخ بعيداً‮ ‬عن رأس المسئول‮.. ‬أطاحت الثورة برؤوس النظام في ثورة ليس لها مثيل في التاريخ ولكن الإطاحة بذيول النظام لا تزال علي نفس القدر من الأهمية إذا أردنا أن ننظف وجه مصر مما لحقها من أدران وثوبها مما لحقه،‮ ‬مما لطخته الطحالب البشرية أو فاضت به القفة التي أرغمت علي حملها صامتة

صابرة تنوء بحملها حتي فاض بها الكيل فدفعت بأبنائها يقتصون لها ويرفعون عن كاهلها ويفرغون حمولة قفة بحجم الوطن لكي يري العالم كله ما بها من أوساخ ويحاسب من ادعوا أنهم أبناء مخلصون لمصر وهم في الواقع أعدي أعدائها وأشرسهم‮.. ‬الطحالب التي تحيط بمن يتعايشون معها من المسئولين لا تؤذي جلود هؤلاء التي زاد سمكها فتبلدت تحتها الحواس ولم تعد تأبه لما يصيبها،‮ ‬أما الشرفاء من أبناء الوطن فتصيبهم تلك الطحالب بحساسية تلهب جلودهم ومشاعرهم وإحساساتهم فيلتمسون العلاج السريع لكي يخصلوا أنفسهم من شرها‮.‬

بعد‮ ‬25‮ ‬يناير أصبحت مسئولية اكتشاف‮ »‬القفف‮« ‬في مؤسسات مصر وهيئاتها ووزاراتها مهمة قومية ومسئولية اجتماعية لا ينبغي التقصير فيها‮.. ‬وجه الفساد الذي تغطيه الطحالب لابد أن يتكشف ويظهر للعيان أمام الناس‮.. ‬لم يعد الخوف من سلطانهم وأذاهم يجدي،‮ ‬وهم بطبعهم جبناء يؤذي عيونهم الضوء ويحرق جلودهم النور،‮ ‬ويتساندون علي بعضهم البعض مثل قطع الدموينو التي تنهار كلها لو وقع منها قطعة واحدة‮.. ‬الشرفاء في كل مكان في مصر‮ - ‬وهم الغالبية الكاسحة علي الرغم من الانطباعات الخاطئة التي يروج لها عملاء نظام مبارك وزبانيته‮ - ‬ينبغي أن تتضافر جهودهم وتتشابك أيديهم وتتحد إرادتهم علي استعادة مصر التي اختطفها الحزب وخدامه في الأماكن التي يعملون بها ولا يقبلون بعد ذلك أن يؤخذوا رهائن يتفاوضون مع الخاطفين علي لقمة العيش ويقايضون بها علي كرامتهم التي امتهنت وحقوقهم التي اغتيلت‮.. ‬الذين استشهدوا من أبناء الثورة لم يفكروا لحظة فيما يمكن أن يصيبهم وهم يواجهون قتلة النظام الفاسد،‮ ‬ولو فعلوا ما نجحت الثورة ولا حققت أهدافها،‮ ‬وآن الأوان لكي يكسر الناس حاجز الخوف ممن وصلوا إلي مناصبهم بالتدليس والتزوير والمحسوبية علي أكتاف من وضعتهم الثورة خلف القضبان مع أمثالهم من المجرمين والسفاحين والقتلة‮.. ‬مصر تغيرت والأبواب فتحت والسبل إلي الشكوي مهدت ولم يعد لأحد منا حجة في أن يطالب بحقه وألا يقبل فساداً‮ ‬أو يسكت علي خطيئة في حق الوطن‮.‬

 

د‮. ‬فتحي النادي