رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

‮"‬آن الأوان‮" ‬يا مصر‮.. ‬وليس‮ "‬فات الأوان‮"..!‬

أضاع الحزب الوطني الذي يعاني من »قصر النظر السياسي« فرصة نادرة قد لا تتكرر أتاحها له حزب الوفد بقبوله مغامرة دخول الانتخابات في ظل تحكم وسيطرة كاملة لكل الأدوات التي تضمن خروج نتائج الانتخابات، كما يحب ويرضي »حزب مدي الحياة« المشهور باسم "الحزب الوطني الديمقراطي".

 

أزال الحزب الوطني بنفسه ورقة التوت التي كانت تستر عورته وفضل أن يقف عارياً يلعنه كل مصري كان يري في الانتخابات أملاً جديداً في برلمان يمثل الشعب ويدافع عن حقوقه ويرعي مصالحه ويحدث التغيير الذي طال انتظاره لحزب ـ من طول ما حكم ـ أصبح يتصرف في مصر كما لو كانت عزبة ورثها وله حق توريثها للأبناء والأقارب والأصدقاء والمحاسيب.. لم يتصور أحد أن تصل الغفلة والجبروت بالحزب أن يستعرض قوته ويباهي بجبروته في خروج نتائج الانتخابات بما يسمح له أن يظل جاثماً علي صدر مصر ينهك قواها ويسلبها مقاومتها ويبدد مواردها ويرفض محاولات إنفاذها حتي لو كانت أصواتاً واهنة تشبه الأنين وسط صخب الزاعقين والمهللين المكبرين الحامدين لنعم وعطايا ممن لا يملك لمن لا يستحق.

 

أرادت السلطة المطلقة التي يمتلكها الحزب رأسه فأصبح لا يري ولا يسمع إلا نفسه، واعتبر الحزب أن الانتخابات وتنظيمها وإدارتها لابد بالتالي أن تخضع لتلك السلطة فيصبح أمرها رهناً بقرارات تصدر عن الحزب وليس إرادة أمة المفروض أن يخضع لها الحزب وينحني أمامها.. استغل الحزب كل أدوات إدارة العملية الانتخابية التي تحت يده أقصي استغلال من أول كشوف الناخبين وحتي إعلان النتائج مروراً بصناديق الاقتراع وفرز الأصوات وتأمين اللجان، وفوق كل هذا وذاك قانون للطوارئ يطلق يد النظام في التنكيل بمعارضيه وإخضاعهم لإرادته، ويري أن الرقابة الدولية التي تأخذ بها معظم الأمم المتحضرة تأصيلاً للشفافية شيء لا يليق وأن تدخل جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني ومندوبي المرشحين سبة في جبين النظام وطعن في ذمته.. أدارت السلطة المطلقة لأكثر من ثلاثين عاماً رأس النظام فلم يعد يعبأ بما يقول الناس عنه ولم يعد يري في المجتمع المصري غير فئتين لا ثالث لهما: وطني وغير وطني، وبهذا المنطق أصبح أعضاء الحزب هم فقط المصريين وما عداهم دخلاء لا ينبغي لهم ولا يحق أن يعبروا عن رأيهم بحرية أو يختاروا من يمثلهم ويطالب بحقوقهم.

 

الحزب الوطني في مصر يرأسه رئيس مصر كلها وهو وضع ننفرد به عن باقي دول العالم، وبهذا المعني يصبح من المتوقع أن ينضم كل المصريين للحزب ومن لا يفعل ذلك يعد خارجاً عن المألوف ويعامل معاملة المواطن من الدرجة الثانية.. وطبيعي أيضاً أن

يشعر أعضاء الحزب بأن من حقهم الاستحواذ علي كل إمكانات الدولة لكي يظلوا في مقاعدهم ويسخرونها لخدمة ناخبيهم وبالمرة مصالحهم الخاصة ومصالح ذويهم من أهل الحظوة.. ولقد رأينا أخيراً مدي القبح والفساد والبشاعة التي شابت سلوك نواب الحزب في المجلس الذي انتهت ولايته من تزوير لقرارات علاج علي نفقة الدولة وسوء استغلال السلطة في التمتع بالعلاج حتي علي مستوي بعض الوزراء، وأخيراً خلال الانتخابات من استغلال أماكن العمل في الدعاية، ووسائل النقل الخاصة بالوزارات والهيئات والمؤسسات لحشد الأصوات في اللجان المختلفة، ومنح الحوافز والمكافآت من ميزانية الدولة لرشوة الناخبين.

 

وعلي الرغم من انحيازي للرأي الذي كان ينادي بمقاطعة كل أحزاب المعارضة للانتخابات وعلي رأسها الوفد ـ الذي راهن علي وعد رئيس الدولة بأن الانتخابات سوف تكون نظيفة ـ إلا أن قرار المشاركة أفرز حسنة وحيدة هي إظهار الحزب الوطني علي حقيقته يؤمن بمبدأ أن »الغاية تبرر الوسيلة«.. أضاع الحزب الحاكم فرصة نادرة كان يمكن أن تساعده في الإيحاء بأن في مصر »شبهة« ديمقراطية بمجلس يضم بعض رموز المعارضة ممثلين لأحزابهم.. أبي الحزب الحاكم بدم بارد إلا أن يستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ليطيح بكل الأحزاب وكل رموز المعارضة ولم يسمح حتي ولا بأقل من 1٪ من المقاعد للمعارضة في المجلس الذي سوف يطعن بالقطع علي عدم دستوريته، وآثر أن ينزل الملعب وحده بدون جمهور لا يري غير مرمي واحد يسجل فيه ما يشاء من أهداف ويعلن بفخر عن فوزه الساحق علي كل الفرق المنافسة والتي اختطفها بلطجية الحزب الواحد تلو الآخر فلم تصل أصلاً إلي أرض الملعب.. وصدق قول الشاعر:

إذا رأيت سنون الليث ظاهرة

فلا تظن أن الليث يبتسم.