رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«أخونة» مصر.. أم «عسكرتها»؟!

أنتظر معجزة ـ غالب الظن أنها لن تأتى ـ بإعادة الانتخابات أو حتى تأجيلها لما بعد كتابة الدستور الذى نادينا بأن يكون أولاً وكنا نحسب أنه أمر بديهى ولكن من أصابهم «سعار» السلطة كان لهم رأى آخر.. لذلك ـ إذا لم تحدث المعجزة ـ فسوف أبطل صوتى متنازلاً عن حقى فى الاختيار لإحساسى بالقهر وبأنى مساق إلى صندوق الانتخاب لكى أصوت إما «لأخونة» مصر أو «عسكرتها».

. لا أجد فى أى من المرشحين مواصفات الرئيس الذى تستحقه مصر بعد الثورة التى أطاحت برأس نظام حكم فاسد ورموز حكمه ولايزال أتباعه ممن يعملون تحت الأرض يشيعون الفوضى ويخططون للالتفاف على الثورة وإعادة النظام القديم أقوى مما كان مستغلين الفرقة التى أضعفت كل القوى الوطنية والمدافعين عن مصالحهم المستميتين فى مناصرة من يحافظ لهم عليها، أضاعت قوى الثورة فرصها فى فرض إرادتها وتحقيق أهداف الثورة حين لم تتفق على مرشح واحد تقف وراءه وتحصد أصوات الناخبين المتعطشين لقيادة جديدة تعى وتؤمن بمطالب الناس وتمتلك شجاعة المواجهة لقوى الشر المتربصة بالميدان، وأضاع التنافس على الكرسى ووهج وأحلام ميراث الزعامة مخزون القوة التى كان يمكن امتلاكها لو تم الاتفاق على توزيع الأدوار ووضع تصور لحكم مصر يتولى المناصب فيها الأقدر والأكفأ وليس الأعلى صوتاً.. ترك كبار المرشحين الباب مفتوحاً على مصراعيه ليدخل منه كل معتادى الإجرام السياسى الذين تربوا على المؤامرات ودق الأسافين واستراتيجيات تشتيت الانتباه والترويع والبلطجة الممنهجة لفرض منطق القوة والأمر الواقع وإضعاف إرادة الشارع.
الإخوان المسلمون كان لديهم أكثر من فرصة بعد أن وصلوا إلى أغلبية عددية كاسحة فى برلمان ما بعد الثورة لكى يثبتوا للشارع بكل أطيافه أنهم يخلعون عباءة الجماعة بمفهومها الضيق الجامد الرافض لاستيعاب باقى الأطياف، وأنهم بعد قهر دام لأكثر من ثمانين عاماً سوف يكتفون بدورهم فى المجلس التشريعى ويركزون على إلغاء قوانين الظلم والفساد ويشرعون للعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية التى نادى بها الميدان ـ وكانوا جزءاً أصيلاً منه ـ ومات فى سبيلها خيرة شباب مصر عطلوا كتابة الدستور بإصرارهم على أن يكتبوه بأنفسهم، ودخلوا فى صراعات مع الحكومة لرغبتهم فى تشكيل حكومة جديدة، وحصلوا على معظم مقاعد مجلس الشورى، واستأثروا برئاسته، ولما لم يعد هناك منصب شاغر سوى رئاسة الدولة قرروا تقديم مرشحهم، ولما استبعد لأسباب قانونية قدموا بديلاً احتياطياً يثبت إصرارهم على ملء هذا المنصب الذى يمكنهم من تعيين المحافظين فيكتمل لهم «أخونة» الدولة بالكامل لكى يحكمها المرشد، وكان طبيعياً أن ينفض من حولهم من سبق وتحالف معهم، وأصبحوا فى جانب وباقى القوى الوطنية فى جانب آخر، وازدادت الريبة والشكوك فى وجود صفقات بينهم وبين المجلس العسكرى بضمانات وترتيبات لما بعد الرئاسة.
والمجلس العسكرى ـ المفروض فيه الحياد وأنه يدير البلاد انتقالياً إلى أن يتم تسليم السلطة لرئيس منتخب ـ يمثل مؤسسة لها وضع خاص وامتيازات أصبحت حقاً مكتسباً منذ 52 حتى الآن، وهناك حساسيات تحكم تعاملهم ودفاعهم عن تلك المكتسبات، وطبيعى أن يرتاحوا أكثر لمرشح ينتمى إلى الثقافة نفسها ويتفهم حساسية المطالب

ويجعل انتقال السلطة أمراً طبيعياً سلساً كأن شيئاً لم يتغير فى هيكل المؤسسة ولا تسلسل القيادة التى تحكم تفكيرهم ومواقفهم وتوجهاتهم.. يظن الشارع أنهم كانوا وراء الدفع بعمر سليمان، ولما استبعد لأسباب قانونية هو الآخر ظهر «شفيق» فجأة يتحدث بكل الثقة بل ويهدد خصومه ومن يتقولون عليه بـ«ملفات» يحتفظ بها، بل ويذهب أبعد من ذلك متهماً إياهم بقتل الثوار وتدبير واقعة الجمل فى الوقت الذى كان فيه رئيساً لوزراء مصر، ولم يتقدم بالمعلومات الخطيرة التى يقول إنه يمتلكها لجهات التحقيق، وأكثر من ذلك نجده يتهرب من المثول أمام المحكمة لسماع شهادته، وعلى الرغم من تقديم العديد من البلاغات ضده بتهم الإضرار بالمال العام فإن أحداً لم يحقق بعد فى تلك البلاغات.
يتساءل الناس عن السر فى استبعاد هذا المرشح ثم تعطيل القانون وإعادته مرة أخرى إلى سباق الرئاسة، ويتساءل الناس عمن يمول حملته بمئات الملايين بما فى ذلك اللوحات العملاقة التى ترتفع على كل الأماكن الحيوية بالقاهرة، والتى تجزم بأنه الرئيس القادم لمصر، «شفيق» قال إن مبارك مثله الأعلى، وأعظم إنجازاته التى يفاخر بها ويعتبرها أوراق اعتماده لحكم مصر صالة سفر جديدة بمطار القاهرة وأخرى خاصة هربت من خلالها المليارات المنهوبة فى طائرات حسين سالم وجمال مبارك ومعها من هرب من وزراء ورجال أعمال مبارك، مجرد تفكير شفيق فى الترشح يثبت أن من عملوا مع مبارك فى مواقع قيادية انفصلوا عن الواقع ويحاولون أن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء لكى تعود دولة الظلم والقهر أقوى مما كانت بمرشح يرتدى قناع المنقذ والمبشر بالاستقرار والأمن ومن بعدهما الرخاء والحرية، أبواق الدعاية نفسها والوعود البراقة وغسيل المخ التى برع فيها نظام مبارك وتخرج فى مدرستها وعلى يديه كثير من أمثال هذا المرشح الذى يدعى البطولة على طريقة معلمه الذى لم يجد الشجاعة فى الاعتراف بخطئه والوقوف فى قفص الاتهام والاعتذار لشعب مصر عن خيانته العظمى مفضلاً الاستمرارفى تمثيلية استدرار العطف التى تكلف  ميزانية الدولة الملايين كل يوم والتى كتبها وأخرجها محاميه.