عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجلس الشعب .. ومؤسسات الفساد!!

كنا ونحن صغارا ثم شبابا يافعا بعد ذلك وبحكم الجيرة نذهب الي دمياط في فصل الصيف لكي نقضي بعض الوقت نستمتع بجمال البحر وسماحة الناس وطيبتهم ونلتهم ما لذ وطاب مما ابتدعته أيادي الدمايطة من طواجن خيرات البحر وأصناف الحلوي المبتكرة

التي لم نعد نجد نظيرا لجودتها.. ولكن أكثر ما كان يستحوذ علي كياني كله لسان يمتد داخل البحر ويستطيع من يتمشي عليه أن يشاهد بعينه آية من آيات الله حيث ملتقي البحر مع النيل دون أن يختلط ماؤهما.. فهذا عذب فرات وهذا ملح أُجاج استحضرت تلك الصورة وأنا أستعيد أحداث الثورة وأقارن بين جيل الثورة من الأطهار وجيل دولة الظلم التي «سقطت وكنا نظنها لا تسقط» فالراصد الواعي لما جري حين ثار بركان الغضب المصري مكتسحا في طريقه مملكة الظلم وعصابات البلطجية والإرهابيين الذين جعلوا من أنفسهم ملاكا اقطاعيين ليس فقط لأرض مصر وما تحتها من ثروات، ولكن لشعبها كله يقربون من يشاءون من العبيد والموالي والدلاة والخصيان.. ويزجون بالباقين في السجون والمعتقلات أو يتخلصون منهم بالقتل أو النفي.. جاءت الثورة التي أشعل شرارتها وقادها بعفوية واندفاع طاهر شباب كنا نظنهم منفصلين تماما عن واقعهم لكي يسقطوا قلاع دولة الظلم واحدة وراء الأخري.. الاختلاف بين الجيلين تماما مثل الاختلاف والتباين الشديد بين ماء النيل وماء البحر، لا يمكن أن يختلطا، فالنظام الذي قام علي الغش والخداع من خلال حضانات الحزب الواحد والمؤسسات والهيئات التي أنشئت خصيصا لخدمة طبقة النبلاء من الأسرة الحاكمة وحوارييهم للتكويش علي السلطة وجمع الثروات بكل طرق التحايل، يختلف تماما عما نادت به الثورة من شفافية وطهارة وانتماء للوطن والموت في سبيله.
الأبواق التي كانت تملأ الدنيا ضجيجا وتتغني بمآثر النظام البائد حاولت في بداية الثورة علي استحياء أن تتسلل الي مناصب الدولة ووزاراتها محاولة إعادة إنتاج البضاعة الفاسدة التي كانت تنتجها بأسماء ووجوه كثيرة تروج لها بمؤتمرات وندوات وحوارات أسموها «وطنية» وحين انكشفت اللعبة استمات حملة الأبواق للبقاء في مناصبهم التي يجنون من ورائها الثروات والتي تقربهم من أصحاب القرار في الوزارات المتعاقبة وأجهزة الحكم أو شبكات التواصل التي كونوها علي امتداد السنين من أصحاب المصالح مثلهم من الذين يؤمنون فقط بمنهج «تبادل المصالح» وأن «الغايات تبرر الوسائل» مهما كانت تلك الوسائل لا أخلاقية وغير نظيفة وتليق فقط بقطاع الطرق وعصابات النهب والسطو المسلح.. نجد أن مركزا يتبع مجلس الوزراء المفروض فيه أنه مركز للمعلومات والأبحاث والدراسات عن مشاكل مصر وقياس الرأي العام، قد اقتصر دوره علي إصدارات فخيمة تتصدرها صورة مبارك وابنه وتحتوي علي إحصاءات تافهة يعاد انتاجها وتقديمها بصورة توحي أن مصر دولة عظمي وأن انجازات النظام لم تحدث في تاريخ مصر كله بما في ذلك عهد محمد علي وأن 86٪ من الشعب يمتدحون أداء حكومات مبارك ويكادون يجمعون التوقيعات من كافة طوائف الشعب لكي يبقي مبارك رئيسا مدي الحياة ويأتي ولي عهده من بعده لكي يكمل المسيرة.. هذا المركز قام دون خجل بنشر استقصاء رأي يقول إن أهم أحداث عام

2010 هو ميلاد «فريدة» حفيدة الرئيس المخلوع ولم يصدر تقرير واحد عن سبب الفقر والأمية والبطالة والأمراض المتفشية ولا حالة التعليم ولا غلاء الأسعار في مصر، بل أسهم لسنوات طويلة في إهدار المال العام بتسخير كافة موارده للدعاية للحزب الوطني، وصرف أموال المعونات الأجنبية والقروض والمنح علي تأصيل التوريث وبيع الوهم للناس.. بعد الثورة صمت المركز الذي يعمل به 600 موظف ثلثاهم من الاستشاريين وشاغلي الوظائف الإشرافية والتنفيذية تماما، وأصيب بالخرس ولم يعد يصدر أي تقارير تجنبا للفت الأنظار، وسوف يكشف التحقيق مع قياداته بالأرقام حجم الفساد به.
مؤسسة أخري تقف شاهدا علي فساد الإدارة وعفن قراراتها، وإهدار المال العام، وتوزيع المناصب علي المحاسيب والمستفيدين هي «الهيئة القومية لجودة التعليم« التي رصد لها مليار جنيه من ميزانية الدولة خلال السنوات الأخيرة من حكم مبارك، ولعبت باقتدار دور «المحلل» لتلميع سوزان مبارك وإظهارها في دور راعي نهضة التعليم في مصر وإطلاق اسمها علي نصف مدارس مصر ومنح تلك المدارس شهادات الجودة في الوقت الذي لا يوجد فيه معامل ولا أجهزة كمبيوتر تعمل ولا ملاعب لممارسة الأنشطة ولا مقررات حديثة تلحق بالتقدم العلمي في العالم ولا أساتذة مؤهلون محفزون يؤمنون برسالة التعليم ويتفرغون له ولا حتي دورات مياه آدمية تصلح للطلاب وأساتذتهم.. وفضيحة جمع نخبة من الأولاد لتمثيل دور الطلاب في مدارس تفتحها «الهانم» لم تعد سرا.. ومادام ليس في مصر تعليم أصلا وإنما مبان متهالكة مهترئة وخرابات مسورة يوضع عليها لافتات بأسماء مدارس وهمية فقد آن الأوان لكي يفتح ملف تلك الهيئة ويتم التحقيق مع المسئولين عنها وعن الأموال التي أهدرت علي المرتبات والمكافآت والبدلات والرحلات الخارجية وقياس عائد العمل منذ إنشائها وحتي الآن في أكبر عملية نصب علمي ممنهج يخدم الناس ويوهمهم علي غير الحقيقة أن في مصر تعليماً وأن مستواه يضاهي نظيره في الدول المتقدمة.. آن الأوان لكي يفتح مجلس الشعب ملفات الفساد في مؤسسات الدولة ويغلق محبس استنزاف الموارد ولدينا كل ما يحتاجه نوابه المحترمون من مستندات.