عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

قرار رئيس ليوم واحد!

لم تعد صورة مصر التي عبر عنها شوقي وحافظ إبراهيم، التي شهدت إجماع الإرادة الشعبية علي زعيم يخرج من صفوف الشعب ويعبر عن إرادته ويقف في وجه الحكام يتحدث باسمهم ويطالب برفع الظلم عنهم بل ويخلعهم إذا لم يستجيبوا للإرادة الشعبية، تمثلت زعماء مصر من أول عمر مكرم

ومحمد كريم وعبدالله النديم إلي جمال عبدالناصر ثم أنور السادات مروراً بعرابي وسعد زغلول، واستحضرت دور الأزهر في قيادته للحركة الوطنية والتفاف الناس حول علمائه، وأنا أري السيرك الجديد بحجم مصر كلها الذي يحاول أصحابه أن يتفوقوا علي «سيرك مبارك القومي» الذي احتكر سوق السياسة في مصر لثلاثة عقود بحفنة من المهرجين والغجر استطاعوا أن يخدروا باقي الشعب وتحويله إلي متفرجين يجلسون في مقاعدهم يتسلون بالعرض ومن حين لآخر توزع عليهم إدارة السيرك أكياس التسالي تلهيهم عن اكتشاف ألعاب الحواة والسحرة، قلت لنفسي: ماذا لو أصبحت رئيساً لمصر ليوم واحد؟.. ما هو القرار الوحيد الذي سوف تتخذه فينقذ مصر مما هي فيه الآن؟.. والغريب أنني لم أجد صعوبة ولا حيرة في الإجابة علي الإطلاق، ووجدتني أقول: تسوير ما تبقي من الصحراء الغربية وجعلها معسكر اعتقال أضع فيه كل بلطجية مصر وأخيرهم بين أمرين: إما تحويل الصحراء إلي مزارع في عدة سنوات، وإما الإعدام».. وطبعاً توقفت عند سؤال بديهي لابد أن يتبادر إلي الذهن: «كيف يتم حصر البلطجية والقبض عليهم كلهم في يوم واحد؟».. ومرة أخري كانت الإجابة جاهزة: «هم موظفون لدي الدولة والوزارات التي تستعين بهم معروفة ولديهم كشوف جاهزة بأسمائهم وعناوينهم وتستطيع في ظل حاكم مستبد مثلي أن تجمعهم وتضعهم حيث أشاء».
مبررات القرار كثيرة، فالتزامن الذي يتم به اختلاق الأزمات واحدة وراء الأخري يجعل من الصعب علي أي عاقل أن يتصور أن ما يحدث محض صدفة أو من توابع ثورة 25 يناير.. بدأت الخطة بحملة منظمة لتشويه ميدان التحرير رمز الثورة الذي تردد اسمه في كثير من انتفاضات الاحتجاج في العالم بما في ذلك أمريكا نفسها وتحويله إلي فرع لسوق العتبة يحتله الباعة الجائلون والبلطجية إلي درجة التجرؤ بتحويل الجزيرة التي كانت ملتقي للثوار في الأيام الأولي التي شهدت ربيع الثورة ومليونيات تعديل المسار بعد ذلك إلي مطعم مفتوح وكراسي يجلس عليها زبائن عربات الفول وحمص الشام يشربون الشاي ويدخنون ويتحرشون بالمارة ويمارسون الرذيلة لو استطاعوا داخل خيام نصبوها للاندساس بين صفوف الثوار الحقيقيين.. يحدث ذلك تحت سمع وبصر الشرطة التي لا تتدخل إلا بعد أن يسقط القتلي والجرحي إما تقاتلاً علي احتلال أجزاء من الميدان، وإما نتيجة للمحاولات المستميتة لمن تبقي من المعتصمين بالميدان لإخلائه من البلطجية الذين احتلوه، تلا ذلك حروب البالون وماسبيرو ومحمد محمود وبورسعيد، ثم أزمات طوابير العيش والبوتاجاز والبنزين والضحايا الذين تساقطوا وهم يحاولون أن يستخلصوا حقهم من بلطجية النظام «المعينين» بأجر مثلهم مثل أي موظف في الدولة، وهذا هو المستوي الأول للبلطجة التقليدية.
أما المستوي الثاني من خطة البلطجة وإشاعة الفوضي في مصر التي جاء ذكرها عرضاً في الخطاب قبل الأخير لمبارك - ربما عن غير

قصد - بلهجة تحذيرية في معرض التهديد للثوار، التي أحسب أنها كانت معدة سلفاً تحسباً لأي انقلاب علي نظام مبارك فهي «البلطجة السياسية» ومن أعدوها وينفذونها الآن تدربوا جيداً علي هذا النوع من الأعمال القذرة ولا يظهرون كثيراً في الإعلام حتي لا يعرفهم الناس وإن ظهروا فبوجوه جامدة وصمت مريب ثم يختفون ليعملوا من وراء ستار لتنفيذ الخطة التي وضعوها من خلال أجهزة الأمن المختلفة ذات التاريخ الطويل في القهر والتآمر والمستمرة في عملها منذ أيام المخلوع، التي تدير بلطجية النظام في المواقع المختلفة وتحركهم بما يحقق الأهداف التي وضعت مسبقاً.. هؤلاء ليس لهم فقط عملاء في الأحزاب السياسية يأتمرون بأمرهم وينفذون إرادتهم في إضعاف تلك الأحزاب وجعلها قطعاً علي رقعة الشطرنج السياسي لتنفيذ مخططاتهم والإبقاء علي شكل للمعارضة يخدع الناس ويجمل وجه أي نظام يخلق إحساساً كاذباً بوجود تلك المعارضة، وإنما بلطجية أطلقهم لكي يسفهوا ويحقروا مقام رئاسة مصر بتقدمهم للترشح وبينهم الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب والكفيف والمقعد والبائع الجائل والحرفي فيصل عددهم حتي كتابة هذا المقال أكثر من ألف.
من وضعوا خطة الفوضي يضعون أعينهم علي كرسي الرئاسة لكي يعاد إنتاج نظام مبارك بشكل جديد، وتستمر طبقة النبلاء في حصد المزايا والمنح والمكاسب التي حصلت عليها في ظل فساد النظام، وهي علي استعداد للتحالف مع الشيطان لكي يحدث ذلك، وهي تمارس نفس الأساليب في الترهيب والترغيب والإقصاء لرجالات هذه الأمة ونسائها من المبرزين حتي يخضعوا لإرادتهم أو تضع بدلاً منهم عرائس ماريونيت يحركونها من وراء ستار يخدعون الرأي العام في الأحزاب السياسية والإعلام والهيئات والمصالح الحكومية التي لايزال يجلس علي قمتها رجال مبارك يديرون دولة الثورة بأساليب نظام الفساد وأدواته ويحافظون علي مغارات علي بابا التي امتلأت بكل ما طالته أيديهم من ثروات مصر وخيراتها لأنفسهم ولأبنائهم من بعدهم.. قرار اليوم الواحد بترحيل كل هؤلاء إلي معسكرات العمل سوف يمهد الشارع السياسي لأطهار الثورة حتي تضع مصر أقدامها علي أول الطريق لتحقيق أهداف الثورة والثأر لدم الشهداء.