رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قضايا ثورية....... مطلوب حسمها

عرضت في مقال الأسبوع الماضي لبعض القضايا التي طالبت بها ثورة 25 يناير ويجمع الشعب علي أهميتها، ولكن تأخر حسمها حتي الآن مما يسبب حالة من الإحباط والقلق لدي غالبية المصريين الذين يتطلعون إلي تغيير حياتهم والانتقال بسرعة حسم مما كانوا فيه تحت حكم الطاغية السابق مبارك إلي مجتمع يتنسمون فيه عبق الحرية ويعيشون حياة الديمقراطية وينعمون بالعدالة.  واليوم نضيف مجموعة أخري من تلك القضايا التي ينتظر المصريون حسمها بسرعة وقد طال انتظارهم علي الأقل منذ تشكلت حكومة دكتور عصام شرف الذي حمله الثوار علي أعناقهم في ميدان التحرير.

القضية الأولي: سرعة محاكمة الرئيس السابق

ولعل القضية التي تمثل الشغل الشاغل للمصريين هي محاكمة الرئيس السابق ورغبتهم الشديدة في التأكد من خضوعه لمحاكمة حقيقية لمساءلته عما ألحقه بالوطن من أضرار ليس اقلها إفساد الحياة السياسية والاستبداد، حكم البلاد بقانون الطوارئ طوال ثلاثين عاما، تمكين قيادات حزبه والمقربين إليه من رجال الأعمال للتربح واستلاب أموال الوطن، التفريط في موارد الوطن بتصدير البترول والغاز إلي العدو الصهيوني، الموقف التابع والمؤيد لإسرائيل في حربها علي غزة وحصاره للشعب الفلسطيني انحيازاً للموقف الإسرائيلي وأخيرا الجريمة الكبري بالاعتداء علي المتظاهرين أيام ثورة 25 يناير وما ترتب عن هذا العدوان من قتل ما يربو علي ثمانمائة شهيد وإصابة عدة آلاف وفقد عدد كبير من المواطنين. يريد المصريون، وأنا واحد منهم، أن يروا الرئيس السابق في محبسه القانوني شأنه شأن أي متهم بجرائم سياسية وجنائية وألا يحظي بأي رعاية أو معاملة خاصة. ويتساءل المصريون أين هو المتهم الآخر في مصر الذي يمضي مدة الحبس الاحتياطي في غرفة مجهزة بمتطلبات الراحة بمستشفي فاخر وتحوطه اللجان الطبية والرعاية المستمرة، ثم يأتيه طبيبه الألماني الخاص لمزيد من الاطمئنان علي صحته!!!

القضية الثانية: الكشف عن عمليات إهدار الموارد الوطنية ومحاسبة المسئولين عنها

تأكد المصريون بعد الخامس والعشرين من يناير من قدر الفساد الذي انتشر واكتشفوا مدي النهب والسلب الذي تعرض له الوطن في غيبة من القانون ومن دون أي اعتبار لحقوق المواطنين في المعرفة أو الاعتراض. حتي المواطنون الذين لجأوا إلي القضاء وحصلوا علي أحكام بوقف تصدير الغاز الطبيعي إلي إسرائيل، فقد أهدرت حكومة العهد البائد فرصة تصحيح الخطأ بتنفيذ الحكم حيث لجأت إلي استئناف الحكم والحصول علي حكم من دائرة أخري قضت بإلغاء الحكم الأول.

لذلك فقد كان المصريون يأملون في قيام حكومة الثورة - وأقصد بها حكومة دكتور عصام شرف حيث لا ينطبق هذا الوصف علي حكومتي الفريق أحمد شفيق - بمراجعة ما عقدته حكومات النظام البائد من اتفاقيات وأهمها تلك المتعلقة بالبحث عن البترول والغاز للتأكد من سلامة الإجراءات التي اتبعت في إقرارها والكشف عن أي حالات للفساد أو تقاضي عمولات لكبار قيادات قطاع البترول. ويسري ذلك أيضاً علي اتفاقيات تصدير الغاز الطبيعي. كما كان المصريون يأملون أن تقوم حكومة الثورة بمراجعة جميع عمليات الخصخصة والتحقيق فيما يكون قد شابها من مخالفات أو إهدار للمال العام واتخاذ إجراءات استرداد حقوق الدولة وإعادة هيكلة وتطوير إدارة شركات قطاع الأعمال العام وذلك من دون انتظار أن يتقدم مواطنون ببلاغات إلي النائب العام حيث يرون أن ذلك الفحص والتحقيق هو مسئولية أساسية للحكومة سواء قدمت بلاغات إلي النيابة العامة أم لا.

من جانب آخر، فإن حكومة الثورة مطالبة بمراجعة جميع القروض التي تم الحصول عليها من الدول والمنظمات الدولية والتحقق من مجالات استخدامها وموقف سدادها، والتحقق من سلامة التصرفات التي تمت في شأن المنح التي تم الحصول عليها من دول أجنبية وعربية والتأكد من استخدامها في مجالاتها الصحيحة.

وتحتل قرارات بيع وتخصيص أراضي الدولة أهمية خاصة نظراً لما تم الكشف عنه من مظاهر فساد، الأمر الذي يحتم تنظيم آلية لتلقي شكاوي المواطنين وبلاغاتهم بشأن الفساد في تخصيص أراضي الدولة أو بيعها بالأمر المباشر وذلك منذ 1981 والتحقيق فيها وإحالة المخالفات إلي القضاء لمحاسبة كل من حصل علي أراض بأقل من أسعارها الحقيقية أو من خالف شروط البيع بتغيير الغرض من الزراعة إلي الاستثمار العقاري وتحميلهم فروق الأسعار وسداد ضريبة علي الأرباح الرأسمالية الناشئة عن ارتفاع القيمة السوقية للأراضي.

القضية الثالثة: إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد

يعتبر الفساد أحد أبرز نتائج نظام الحكم البائد، فقد انتشر في جميع مجالات الحياة وتورط فيه أعداد غير مسبوقة من رموز الحكم وقادة النظام والحزب المنحل. وتشهد مصر الآن حالة غير عادية من التحقيقات في قضايا فساد تباشرها النيابة العامة ونيابة الشئون المالية وجهاز الكسب غير المشروع. وقد تعددت المطالبات بإنشاء إطار تشريعي ومؤسسي لمكافحة الفساد في مصر يتضمن عناصر تتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الصادرة في ديسمبر 2003

وصادقت مصر عليها في فبراير 2005. ويقضي الاقتراح بإنشاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد كجهاز مستقل ومنفصل عن أجهزة الدولة ولا تتبع أياً منها. ويكون للهيئة صلاحيات في رسم سياسات النزاهة ومكافحة الفساد علي مستوي الدولة، وفي اتخاذ التدابير التي تنظم تلقي بلاغات المواطنين وتقارير الأجهزة الرقابية ونيابة الشئون المالية بشأن حالات الفساد الإداري والمالي والسياسي وكافة أشكال الإفساد وفحصها والتحقيق فيها وإحالة الحالات التي تثبت صحة الاتهامات بشأنها إلي القضاء من خلال وحدة تمثل النيابة العامة تعمل ضمن الهيئة.

إن إنشاء مثل تلك الهيئة الوطنية المستقلة للنزاهة ومكافحة الفساد كفيل بإيجاد آلية مستقرة ومستمرة تعمل في الأساس علي اجتثاث جذور الفساد وتجفيف منابعه وليس فقط ملاحقة حالات الفساد والتحقيق فيها. إن ضمان تحقيق أهداف الثورة يتطلب التخلص من بقايا النظام السابق ومنع عناصره من الاستمرار في إفساد الحياة السياسية والاقتصادية، وكذلك منع ظهور مفسدين جدد ممن يحاولون ركوب موجة الثورة والانحراف بها عن مسارها الصحيح.

القضية الرابعة: تجريم الزواج المحرم بين المال والثورة

كان للأستاذ فاروق جويدة قبل ثورة الشعب في 25 يناير فضل ابتكار تعبير « الزواج الباطل بين رأس المال والسلطة» وذلك بعد ما تكشف من العلاقات التي توطدت بين رجال أعمال ولجنة سياسات الحزب المنحل ورئيسها ابن الرئيس المخلوع وما حققوه نتيجة تلك العلاقات من ثروات هائلة واحتكارات غير طبيعية واستيلاء علي ملايين الأمتار من أراضي مصر, لقد هال الأستاذ فاروق جويدة - ونحن معه - حجم الثروة التي حصل عليها رجال أعمال النظام السابق واكتشف الشعب بعد 25 يناير دور حسين سالم وغيره في نهب أموال مصر وتمكين عناصر النظام السابق من تهريب أموال الوطن وآثاره إلي الخارج.

ونحن الآن نردد مع الشعب ضرورة تجريم محاولات رجال أعمال تشويه الصورة الطاهرة للثورة وشبابها وإغداق أموال غير محسوبة تتمثل في سعيهم لتأسيس أحزاب تحقق لهم أغراضهم في ركوب موجة الثورة وادعاء الثورية والبطولة السياسية بينما هم كانوا، وباعترافهم علناً، يتعاملون مع النظام السابق ويحترمون سيطرته ويقفون عند خط لا يتعدونه في التعامل مع أقطاب النظام حرصاً علي مصالحهم وضماناً لرضي أقطاب النظام الساقط عنهم، وبذلك حققوا المليارات من الجنيهات وحصلوا علي فرص لم تكن متاحة لغيرهم ممن لم يصلوا غلي توثيق علاقاتهم بالنظام وقادته.

إن الساحة السياسية  المصرية تشهد الآن حالة الفوضي يثيرها أصحاب أعمال وأموال لهم تاريخهم في التعامل مع النظام السابق واستفادوا من تلك العلاقات، وهم يقدمون أنفسهم الآن باعتبارهم من رعاة الثورة وحكمائها ويرصدون مئات الملايين من الجنيهات لتمويل أحزاب وجبهات سياسية جديدة تنسب نفسها إلي الثورة وهي منهم براء. وتثير تلك الحالة ضرورة التصدي التشريعي لتأكيد الشفافية التامة في إعلان مصادر تمويل الأحزاب والكشف عن دور رجال المال والأعمال في تأسيس تلك الأحزاب ومدي تأثيرهم في توجيه سياساتها وتوجهاتها.

يا أهل مصر، يا أبناء ثورة 25 يناير كونوا علي حذر وحافظوا علي ثورتكم وارفضوا أن يعود رجال المال والأعمال، الذين تعاونوا مع النظام السابق وعاونوه علي قهركم وإفساد حياتكم، لممارسة دورهم المرفوض في إفساد المشهد السياسي الجديد في مصر الثورة.