رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يا أهل مصر.. تعالوا إلي كلمة سواء

 

نداء أتوجه به إلي كل أهل مصر.. حكاماً ومحكومين، شعباً وجيشاً، مسلمين ومسيحيين، عمالاً وفلاحين، من اسوان إلي الإسكندرية وفي كل مكان وكل مجال... حافظوا علي مصر وثورتها.. وركزوا في قضية واحدة فقط هي تحقيق أهداف الثورة والانتقال بمصر إلي دولة الديمقراطية والحرية والإخاء والمساواة وعدم التمييز.

ودعونا نتحدث بصراحة وأتوجه بالنداء أولاً إلي حكومة الثورة التي جاء بها شبابها من ميدان التحرير لتحقق أحلامهم وتنفذ نداءهم " الشعب يريد إسقاط النظام"، الأمر الذي يستفاد منه أن تخرج الحكومة علي الشعب ببرنامج عمل واضح لفترة تحملها المسئولية خلال فترة الانتقال التي تمتد لحين الانتهاء من انتخابات مجلسي الشعب والشوري وانتخابات رئيس الجمهورية أو ستة أشهر أيها أقرب. كان المتوقع - ولا يزال الشعب ينتظر - أن تخرج علينا حكومة دكتور عصام شرف ببرنامج يحدد أولوياتها في سبيل الخروج من آثار عصر الفساد والاستبداد، تواجه به أهم المشكلات التي يعاني منها أغلبية المصريين وفي مقدمتها الفقر والبطالة والحرمان من المسكن الآمن ومقومات الحياة الآدمية عند حدها الأدني.

إن جانباً أساسياً مما تشهده مصر الآن من احتجاجات واعتصامات وما تعارفنا علي تسميته " المطالب الفئوية" هو نتاج عصر الإفقار والإهمال والتهميش الذي عاشه المصريون علي مدي ثلاثين عاماً نهبت خلالها موارد البلاد وسرقت أموالها وأراضيها، ونشأت طبقة طفيلية ارتبطت بالحاكم المخلوع وأسرته وحزبه المنحل استولت علي ثروة الوطن، في الوقت الذي بلغ فيه الفقر مداه حتي كال ما يقرب من نصف عدد المصريين، وتردت الخدمات، ولم يجد ما لا يقل عن عشرين مليون مواطن سوي المقابر والعشوائيات مكاناً يعيشون فيه في ظروف حياة متدنية.

إن انطلاق المصريين في مطالبهم بالعودة إلي الحياة هو نتيجة طبيعية وغير مستغربة بعد نجاح الثورة في إزالة الطاغية وحكمه، لذا فإنه من الطبيعي أن يتطلعوا إلي حكومة الثورة للحصول علي حقوقهم المهدرة وتعويض ما تعرضوا له من هوان وإهمال وتهميش. ولو سارعت حكومة دكتور شرف بإصدار بيان واضح تعلن فيه تشكيل هيئة مستقلة من قضاة المحاكم الاقتصادية تتلقي جميع المطالب والشكاوي الفئوية للمواطنين الذين عانوا من الفقر والبطالة وسوء المعاملة في النظام السابق ودراستها ، وإعلان برنامج زمني للانتهاء من تلك الدراسة ومراحل الاستجابة للمطالب المشروعة بقدر ما يتاح من موارد. وسوف يكون لهذا الإجراء أثر بالغ في طمأنة الناس أن الحكومة تدرك مشاكلهم وتقدر معاناتهم وأنها في سبيلها لعلاجها.

كذلك فإن مبادرة الحكومة لتطبيق مجموعة من التيسيرات للتخفيف عن محدودي الدخل والفقراء والفلاحين وصغار الممولين مثل تأجيل سداد أقساط القروض للصندوق الاجتماعي للتنمية وبنك الائتمان والتسليف والبنوك ومختلف الوزارات والهيئات الحكومية ، ومد فترة سداد المستحقات علي المواطنين لمصلحة الضرائب والتأمينات الاجتماعية والجمارك وغيرها من الأجهزة الحكومية. وكذا النظر في إسقاط الفوائد عن التأخير في سداد القروض والمستحقات للدولة.

وإذا كانت الحكومة تجد مشكلات في إعلان نظام تحديد الحد الأدني، فلا أقل من وضع حد أقصي للرواتب والمكافآت وما في حكمها للعاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والقومية والمحليات وقطاع الأعمال العام، مع وضع برنامج زمني لتنفيذ النظام تدريجياً مع توجيه ما يتحقق عن هذا النظام من توفير لعلاج بعض المشكلات التي يعاني منها المطالبون بحل مشكلاتهم المزمنة.

ولعل من أكثر الموضوعات المثيرة لقلق المواطنين وخوفهم علي مسار الثورة هو أسلوب الأداء الحكومي منذ تخلي الرئيس السابق عن منصبه حيث لا تزال تبدو الحكومة في هيئة عدد من الوزراء المنفصلين أكثر من كونها تمثل منظومة عمل متكاملة تؤدي وفق خطة واضحة ومتناسقة. إن تردد حكومات ما بعد 25 يناير في اتخاذ أساليب عمل مخالفة لما درجت عليه حكومات العهد البائد يمثل أحد أهم مصادر القلق والتوتر في المجتمع المصري الآن. وعلي سبيل المثال تأتي أزمة تعيين المحافظين الجدد دليلاً واضحاً علي عدم تطور أسلوب اتخاذ القرارات في هذا الشأن الذي يؤثر مباشرة في حياة المواطنين مما أثار اعتراضات تكاد تصل إلي حد العصيان المدني في قنا والمنيا والإسكندرية والدقهلية. لقد اتبعت حكومة دكتور شرف ذات الطريقة التي اعتادها النظام السابق بمفاجأة الناس بأسماء محافظين أغلبهم مرفوض شعبياً لانتمائهم إلي النظام الساقط وطريقة توزيع مناصب المحافظين بين من هم في نهاية حياتهم الوظيفية من لواءات الشرطة والقوات المسلحة وأساتذة الجامعات وأعضاء الهيئة القضائية، وتوزيعهم جغرافياً بحيث تكون محافظات الصعيد مخصصة لضباط الشرطة، والمحافظات الحدودية لضباط القوات المسلحة ثم يتوزع المستشارين وأساتذة الجامعات علي باقي المحافظات، مع ترسخ مبدأ أن يكون أحد المحافظين مسيحياً وتخصيصه لمحافظة قنا!

لقد كان الأفضل أن تلجأ الحكومة إلي استطلاع

آراء الأحزاب والقوي السياسية والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني وطلب ترشيحات لعناصر جديدة من المدنيين الذين يتميزون بالقدرة والكفاءة واللياقة الذهنية والخبرة الإدارية والرؤية السياسية المتوافقة مع فكر الثورة، علي أن يكونوا جميعاً من غير المرتبطين بالنظام السابق وحزبه الفاسد، ثم تطرح أسماء المرشحين لاستطلاع الرأي العام قبل إصدار قرارات التعيين. إن التحول الديمقراطي يجب أن يعتمد بالأساس علي التوسع في انتخاب القيادات ولنتذكر أننا كنا ننتخب العمد وعمداء الكليات الجامعية قبل أن ينقض نظام مبارك علي هذا الحق الديمقراطي ويفرض آلية التعيين ليكون الجميع رهن إشارة وإمرة ولي النعم!

وعلي الجانب الآخر، فإن المواطنين أيضاً - رغم كل معاناتهم - مطالبون باتباع أسلوب آخر في التعبير عن مطالبهم أو الاعتراض علي ما لا يرضيهم من قرارات وتصرفات الحكومة تجنباً لإتاحة الفرص للمتربصين بثورتهم والراغبين في العودة إلي النظام السابق وما كانوا يتمتعون فيه من مزايا. إن المصريين مطالبون بالالتزام بالنهج الديمقراطي والخضوع لمنطق القانون وهو نفس النهج الذي يطالبون الدولة أن تلتزم به في تعاملها معهم.

إن المطالبة بحقوق مشروعة أو الاعتراض علي قرارات غير سليمة تتخذها الحكومة لا يبرران تهديد الأمن العام وإثارة الفوضي والخروج علي القانون. إن ثقافة المواطنة تعني التزام المواطن بواجباته وخضوعه للضوابط القانونية كما يطالب بحقوقه ويناضل من أجل الحصول عليها.

وفي سبيل الوصول إلي هذه الحالة المستهدفة من توافق وتصالح بين أهل مصر جميعاً، فقد يكون من المنطقي أن يتبني المصريون " ميثاقاً للوفاق الوطني " ينص علي التزام الدولة والشعب بقيم الثورة وأهدافها، والاحتكام إلي القانون والقضاء للحصول علي الحقوق، واتباع النهج الديمقراطي في التعبير السلمي عن الرأي والمطالبة بالحقوق. إن الحكومة مطالبة أيضاً بالتزام الشفافية والوضوح في التعبير عنة سياساتها واختياراتها، واحترام حق الشعب في المعرفة والفهم لما يصدر عنها من قرارات، كذلك تجنب أسلوب المفاجأة من دون اعتبار لحق الناس في مناقشة القرارات والقوانين والسياسات قبل إصدارها.

ولا شك أن الأحزاب والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني عليها مسئولية كبري في تهيئة المجتمع لقبول فكرة الوفاق الوطني. إن السباق الذي نشهده الآن بين الساعين إلي إنشاء أحزاب جديدة أو من يعلنون عن أنفسهم كمرشحين للرئاسة يثير الدهشة حيث لا نجد أياً منهم يتناول بالصراحة الكافية مشكلة التباعد الوطني التي نلحظ تفاقمها والتي تهدد فرص إنجاز أهداف الثورة. إن المطلوب أن يتوحد المصريون جميعاً - أفراداً وجماعات - من أجل هدف واحد هو تمكين الثورة من بلوغ أهدافها والانتقال السلمي للسلطة إلي حكومة منتخبة ديمقراطياً في ظل دستور ديمقراطي يحظي بقبول الناس.

هل كثير أن يتحمل المصريون ستة أشهر أخري بجانب السنوات الثلاثين العجاف التي عاشوها تحت سيطرة نظام مستبد فاسد؟ أليس من المنطق أن يعطي المصريون أنفسهم فرصة للانطلاق والحياة الكريمة بالتعاون في سبيل القضاء علي آثار جرائم نظام الفساد والإفقار والعمل مع الجيش والحكومة لإنجاز متطلبات الخروج من الأزمة التي خلقها نظام مبارك؟

أيها المصريون عليكم بالتوحد والعمل بإخلاص وتجرد من أجل مصر ومستقبل أولادكم وأحفادكم.