عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القضاء علي الثورة المضادة.... مسئولية الشعب والجيش

 

ليس الحديث عن الثورة المضادة التي تتعرض لها ثورة الشعب مجرد تخمينات، بل هي حقيقة واقعة تتأكد كل يوم. وإذا كان من المتفق عليه أن لكل ثورة شعبية أعداء يضمون كل العناصر المتضررة من قيامها ونجاحها، فإن ثورة 25 يناير ليست استثناء في هذا المجال. فقد نتج عن نجاحها الإطاحة برئيس النظام السابق وحكومته، وحل مجلسي الشعب والشوري اللذين ضما عناصر مرفوضة شعبياً كان التزوير والتدليس سبيلهم لعضوية المجلسين ليحققوا للحزب الحاكم الساقط أغلبية ميكانيكية مكنته من تمرير القوانين التي قننت الاحتكار والديكتاتورية، وهيأت البيئة الصالحة لانتشار الفساد في جميع مجالات الحياة، وأتاحت الزواج الباطل بين الثروة والسلطة كان نتيجته نهب أموال الوطن.

 

وكذلك تضرر وزراء ورؤساء الوزراء في العهد البائد حيث فقدوا الأمان والحماية التي كان يسبغها عليهم رئيس النظام الفاسد مكافأة لهم علي ما قدموه من خدمات للرئيس وأسرته ولما حققوه لهم من منافع مكنتهم من تكوين ثروات هائلة، وسمحت لهم بالسيطرة الكاملة علي جميع مقدرات الوطن.

وينضم إلي قائمة المتضررين من نجاح ثورة الشعب رجال أعمال ارتبطوا بالسلطة التي أسقطها الشعب وحققوا ثروات ونفوذاً لم يكن لهم أن يحلموا بهما من دون دعم النظام الفاسد لهم وسماحه لهم بنهب ثروات الوطن.

وقد تأكد وجود تنظيم واضح للثورة المضادة منذ أحداث موقعة الجمل يومي الثاني والثالث من فبراير الماضي، والتي كشف تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة المستشار عادل قوره عن مدبريها الذين يجري التحقيق معهم وهم قيد الحبس الآن، ثم واصلت عناصر الثورة المضادة عمليات تهييج متصاعدة لفئات من المواطنين طالت معاناتهم لسنوات من الإهمال والتجاهل أهدرت حكومات مبارك خلالها حقوقهم وراكمت مشاكلهم. واليوم نري مخططي الثورة المضادة يستثمرون مناخ الحرية والتسامح الذي أوجدته ثورة 25 يناير ليوجهوا هؤلاء المواطنين البسطاء للمطالبة بحل مشاكلهم واستخدامهم كعوامل ضغط لإشغال الحكومة الانتقالية وتصعيب مهمتها من جانب، ولإثارة الفوضي والدفع إلي تصعيد المواقف لإحداث تصادم بين أصحاب المطالب الفئوية وبين الدولة.

وتستمر محاولات الثورة المضادة في إثارة المشكلات بتفجير الفتنة الطائفية وإثارة الشقاق بين المصريين المسلمين والمسيحيين حين نجحوا في إحداث فتنة هدم كنيسة أطفيح والتي استمرت أحداثها لأيام عدة شهدت مظاهرات احتجاجية لآلاف المسيحيين أمام مبني التليفزيون في ماسبيرو حتي تمكن رئيس الوزراء د. عصام شرف من تهدئة الموقف وهو بعد لم يبدأ ممارسة المهام المكلف بها وبمساعدة القوات المسلحة التي أخذت علي عاتقها إعادة بناء الكنيسة في نفس موقعها.

ولم يكتف مدبرو الفتن ومخططو الثورة المضادة بكل ما سبق، بل شاركوا واستفادوا من أحداث إحراق مقار جهاز أمن الدولة وساهموا في خلق حالة من الفوضي والترويع استمرت لأيام إلي أن تمكنت القوات المسلحة من السيطرة علي الموقف.

وكان نشر الشائعات وسيلة مهمة لمحاولة الإساءة إلي مناخ الثورة الصافي وإثارة الشكوك حول نوايا المجلس الأعلي للقوات المسلحة والمبالغة في الهجوم علي بعض أعضاء الحكومة الحالية وخاصة د. يحيي الجمل الذي ناله قدر غير مسبوق من التشهير والاتهامات التي تشكك في وطنيته وهو الذي لم يتوان عن إعلان رفضه للرئيس السابق وهو في أوج سلطانه، ووجه له رسالة مفتوحة نشرتها صحيفة المصري اليوم طالبه فيها بالتنحي وصارحه بأن ابنه غير مقبول شعبياً ونصحه بالتخلي عن فكرة التوريث.

كذلك تعاونت قوي الثورة المضادة للحرية والديمقراطية وأحلام الشعب في دولة مدنية حديثة، وشنوا هجمة شرسة استخدموا فيها الشعارات الدينية لتخويف المواطنين المسلمين ودفعهم للموافقة علي التعديلات الدستورية في استفتاء 19 مارس، بزعم أنهم بذلك يقاومون الليبرالية المقيتة والعلمانية الكافرة، وعلي الجانب الآخر، كانت دعاوي معاكسة تدعو المواطنين المسيحيين لرفض التعديلات الدستورية باعتبارها خطوة نحو الدولة الدينية والقضاء علي فرص المواطنة السمحة في الوطن، وهكذا تجمعت قوي الظلام من كل جانب ليستثمرها فلول النظام السابق لمناهضة ثورة الشعب والقضاء علي وحدته في محاولة لإعادة عهد الفساد والديكتاتورية مرة أخري.

ومن الملاحظ أنه كلما اقتربت مرحلة محاكمة مبارك وأسرته نشهد تصاعداً في محاولات التخريب وإحداث الفوضي وشق الصف وإلهاء الثورة عن أهدافها. ومن هنا فإن أحداث يوم الجمعة الثامن من إبريل في ميدان التحرير تأتي دليلاً جديداً علي نشاط الثورة المضادة بعد أن وقع رئيس ديوان رئيسهم السابق في قبضة الدولة متهماً بالإثراء غير المشروع وانضم إلي وزراء النظام السابق المحبوسين في سجن المزرعة. كذلك نشطت عناصر الثورة المضادة حين أصبح مثول جمال مبارك أمام النيابة وشيكاً مع الاحتمال الأكبر أنه سينضم إلي فريق المحبوسين في سجن المزرعة. وجاءت قمة نشاط الثورة المضادة مع

تصاعد مطالبة ثوار الخامس والعشرين من يناير بمحاكمة مبارك وتهديدهم بالزحف إلي شرم الشيخ والقبض عليه لمحاكمته ومحاسبته عن كل الخطايا والكوارث التي سببها للشعب والوطن طوال سنوات حكمه، فقد تكررت مشاهد هي اقرب ما تكون إلي موقعة الجمل وأعاد للأذهان مسئولية قيادي بارز بالحزب المرفوض شعبياً في تخطيط وتمويل تلك الأحداث، مما حدا بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة إلي الأمر بضبطه والتحفظ علي جميع مقار ذلك الحزب انتظاراً لقرار القضاء بحله.

إن قضية مصر لم تكن مجرد أن يتخلي مبارك عن منصبه، ولكنها بالأساس إسقاط عناصر النظام الذي أسسه مبارك عبر ثلاثين عاماً من الديكتاتورية والاستبداد والإفساد والإجهاض الأمني لكل محاولات التحرر الوطني، والتي وصلت إلي حالات غير مسبوقة من الاعتقالات والتعذيب والقتل العمد.

إن القضية المحورية الآن هي ضرورة تأمين ثورة الشعب والقضاء علي محاولات بث الفتنة الطائفية وإحداث الوقيعة بين الشعب والقوات المسلحة، ولن يتحقق هذا إلا بالقضاء علي قيادات النظام السابق الذين تأخر استئصالهم بما سمح لها بإعادة ترتيب صفوفهم للإضرار بثورة الشعب. كذلك تصبح ضرورة وطنية أن يتم إسقاط سياسات ومؤسسات نظام الفساد والديكتاتورية وأذنابه المنتشرين في كافة مؤسسات الدولة.

إن المطلوب هو سرعة محاكمة مبارك وحصر قيادات نظامه الذين اعتمد عليهم لسنوات طويلة ووضعهم جميعاً قيد الإقامة الجبرية وتقديمهم إلي محاكمات عسكرية سريعة بتهم إفساد الحياة السياسية وإهدار موارد الوطن وسلب الحريات، ومحاسبتهم عما ارتكبوه من أعمال القتل والتعذيب وانتهاك حرمات المواطنين وحرمانهم من ممارسة حقوقهم.

إن القضاء علي مصدر الثورة المضادة يحتم حل الحزب الوطني الديمقراطي والتحفظ علي قياداته وتطبيق العزل السياسي عليهم حتي لا يستطيعوا العودة مرة أخري لممارسة أساليبهم في التضليل والإفساد السياسي من خلال تنظيمات حزبية جديدة يخططون لتكوينها مستغلين في ذلك التيسيرات الجديدة التي تضمنتها تعديلات قانون الأحزاب السياسية. ويجب أن يشمل العزل السياسي جميع أعضاء مجلسي الشعب والشوري من الحزب الوطني الذين صدرت بحقهم قرارات من محكمة النقض بإبطال عضويتهم لثبوت التزوير والتلاعب في نتائج الانتخابات، والتي امتنع المجلسان عن تنفيذها أثناء ولاية الطاغية وسدنته. كما يجب أن يشمل العزل السياسي رؤساء وزارات عصر مبارك ووزراءه الفاسدين والمحافظين وقيادات الحكم المحلي الذين كانوا أدوات نظام مبارك في تزوير الانتخابات وتيسير نهب أموال وموارد الوطن.

إن تأمين ثورة الشعب واجب وطني يتحمل مسئوليته الشعب وجيشه العظيم الذي يجب أن يبادر إلي اتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة ضد من أساءوا إلي الوطن وأهدروا كرامة المصريين وقتلوا أبناءهم واستباحوا حرمات بيوتهم وأعراضهم حتي يتم القصاص العادل منهم وحماية الشعب وثورته من شرورهم. وأخيراً، لا بد من تعاون الشعب والجيش لضرب كل محاولات إثارة الشقاق والوقيعة بينهما واحتواء أي مظاهر لسوء الفهم قد تنشأ نتيجة الإشاعات والأضاليل التي يروجها أعداؤهما من عناصر الثورة المضادة.

إن التصدي لهذه القضية المحورية وسرعة تخليص الوطن من بقايا النظام السابق وجيوب مقاومته هو مسئولية وطنية كبري يتحملها المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة والشعب كله.

حما الله مصر وشعبها وثورتها وجيشها.