رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا لم يقولوا .... لا؟

بعد مرور شهرين علي ثورة 25 يناير بدأت بعض قيادات ورموز النظام البائد تطل علينا في حوارات صحفية أو مداخلات في برامج تليفزيونية بعد أن أطمأنوا إلي أن سمة أساسية للمصريين لا تزال واضحة وهي النسيان والانشغال عما سبق بما هو كائن أو قادم.

لقد بدأت صحيفة المصري اليوم في نشر الحلقة الأولي من حوار أجرته مع  دكتور فتحي سرور كان أهم ما جاء به أنه لم يكن راضيا عما كان يفعله الرئيس المتخلي عن منصبه ولا أمين تنظيم حزبه الذي عاث في البلاد فساداً، كما أنه »بشر بالثورة« في ديسمبر الماضي قبل قيامها بأسابيع قليلة حيث قال 7 مرات إن »فيه حاجة غلط«، ورغم محاولات محاوره الصحفي محمود مسلم أن ينتزع منه ما يفيد أنه قد أخذ موقفاً يعبر به عن معارضته وعدم رضاه عما كان يقوم به أحمد عز الذي نسب إليه الدكتور سرور أنه السبب الاساسي في خطايا العهد البائد، فلم يحصل منه سوي علي كلمات باهتة أنه اشتكي إلي زكريا عزمي ما يفعله احمد عز وأنه احيانا كان ينقل لصفوت الشريف عن ضيقه مما يحدث! فقط يادكتور سرور هذا كل ما استطعت فعله او قوله لتعبر عن غضبك وعدم رضاك؟

وقبل أن تتوالي الحلقات التالية من حوار دكتور فتحي سرور، واستباقاً لما سوف يطلع علينا به رموز اخرون للنظام الذي اسقطه شباب وشعب 25 يناير، وهم يلملمون أنفسهم ويحاولون التخفي تحت اسم حزب جديد يوارون به سوءات حزبهم القديم، فقد لا نفاجأ اذا اطل علينا صفوت الشريف مثلاً - أو غيره من قيادات النظام وحزبه المفسد - أنه كان غير راض عما كان يحدث وأنه عارض سياسات احمد عز ولم يكن مقتنعاً بجمال مبارك ولم يسع إلي دعم فكرة توريثه الحكم بعد ان يمل أبوه من طول معاناته كرئيس لجمهورية شعبها لا يملأ عيونه سوي التراب إذ لا يري ما أتي له به من رفاهة وسعادة وثراء علي مدي ثلاثين عاماً من حكمه السعيد!

كما لن يدهش الشعب المصري الطيب حين يسمع أقوالاً من نوع »لم نكن نعلم بما يجري«، أو »كل ذلك تم بتعليمات من الرئيس«، أو »هذه كانت تعليمات الهانم أو جمال بك« تصدر من قيادات في الحزب الوطني الديمقراطي الذي خرب الوطن واباح لزبانيته استلاب ثرواته ونشر الفساد في ربوعه بشكل غير مسبوق، والذي أتم الزواج الباطل بين السلطة ابتداء من رئيسه وعائلته ورؤساء وزرائه ووزرائه مروراً بالمحافظين ورؤساء الهيئات وغيرهم من المتسلقين والانتهازيين الذين لا تجد نيابة الشئون المالية والنيابة العامة وجهاز الكسب غير المشروع وقتا يتسع لملاحقة الآثام والجرائم التي ارتكبوها في حق هذا الشعب الطيب، اقول للدكتور سرور وغيره من قيادات ذلك النظام البائد، ألم يعلموا أن في اللغة العربية كلمة تتكون من حرف وحيد هي »لا«؟ ألم يعلموا أن هناك كلمة عربية اخري هي »الاستقالة«؟ إن المصريين لابد وأن يصيبهم الغثيان حين يقرأون أو يسمعون تلك التبريرات الواهنة تصدر من أناس تصدروا المناصب العليا في النظام السابق لمدد وصلت مع بعضهم إلي ربع قرن كامل خمسة وعشرون عاماً بالتمام والكمال، كونوا فيها الثروات الهائلة واقتنوا القصور والفيلات في القطامية ومارينا وغيرها من أماكن الصفوة والكبار بينما الملايين من المصريين يعانون شظف العيش في مناطق عشوائية يفتقدون فيها أدني متطلبات الحياة. أليس من حق المصريين أن يغضبوا ويثوروا حين يعلمون علي مليارات الدولارات التي نهبها رئيس وقيادات النظام الساقط وهربوها خارج الوطن. أو حين تطالعهم الأنباء أن هيئة حكومية أنفقت مبلغًا تافهًا لا يزيد عن 2.5 مليون جنيه لبناء مدخل خاص في ميناء دمياط للهانم حرم الملك - آسف أقصد الرئيس - السابق بينما هم يتقاتلون للحصول علي رغيف الخبز المدعم الذي تأباه الحيوانات، ذلك في نفس الوقت الذي كان رؤساء الوزارات ومجلسا الشعب والشوري والوزراء والمحافظون يصطفون كالتلاميذ لساعات في انتظار أن تطل عليهم الهانم بطلعتها البهية وتتعطف بمصافحتهم أو التبسم في وجه بعضهم، ثم يسيرون كلهم - بلا استثناء - من ورائها ولا يستطيع أكبر من فيهم الاقتراب من سيادتها إلا المسئول عن الموقع الذي تزوره والذي كان عادة ما ينظر إلي البقية من كبار القوم باستعلاء!

أقول للدكتور سرور - وليعذرني في خطابي القاسي له فمصر عندي أكبر وأهم وأغلي من أي شخص آخر مهما بلغ مركزه - يا سيدي لقد خدمت في نظام مبارك خمسة وعشرين عامًا وزيرًا للتربية والتعليم ثم رئيسًا لمجلس الشعب، وتم تعيينك عضوًا بالمجلس في انتخابات أنت أول من يعلم أنها مزورة شأن كل انتخابات واستفتاءات النظام الفاسد، والأمر لا يخرج عن احتمالين لا ثالث لهما، إما أنك كنت موافقًا وراضيا وسعيدًا ومقتنعًا بكل ما قمت به من تمرير القوانين التي أرادها النظام والانتقال إلي جدول الأعمال بناء علي طلب عشرين من أعضاء الحزب الفاسد لاغلاق الباب في وجه الاستجوابات التي كان يتقدم بها أعضاء من

المعارضة لتطوي صفحاتها، وما تفضلت به من تمجيد لرئيسك الذي أذل الشعب ثلاثين عامًا، وما قبلته من تعاون مع أناس ضللوا الشعب وزوروا كل شيء وأفسدوا الحياة السياسية بل الحياة المصرية جميعها، فأنت في هذه الحالة شريك محوري ولا تستطيع أن تنفي عن نفسك مسئوليتك - وأنت أستاذ القانون الكبير - عن جرائم النظام في حق الشعب وما ترتب عليها من إفقار تُشريد وسرطنة وبطالة لملايين المصريين بينما أنتم تنعمون بحياة هائنة قانعين برضا الرئيس الذي استجبت له بمجرد أن هاتفك وقال لك »رشح نفسك« بينما أنت كنت - كما قلت في حوارك - ساخطًا.

أما الاحتمال الثاني فهو أنك كنت فعلاً غير راض عما يحدث ورافضاً لممارسات أحمد عز وغيره من زبانية النظام، وغير مستريح لحضور جمال ابن رئيس الجمهورية لاجتماعات مهمة لم يكن له أن يحضرها، وكنت رافضًا لتزوير الانتخابات خاصة تلك التي اصطنعت في نوفمبر 2010 التي أقصت المعارضة تمامًا من المجلس الذي ترأسه - إلا نفراً قليلاً من المعارضة المستأنسة التي مررها أحمد عز ذرًا للرماد في العيون وتحضيرًا لأشخاص يستكملون الديكور في مسرحية الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر أن يخوضها الرئيس المتنحي في سبتمبر المقبل لولا فضل الله وتوفيقه لشباب ميدان التحرير الذين أطاحوا بأحلام الرجل وحرموه لذة الاستمتاع بإذلال الشعب لست سنوات أخري! فإذا كنت كذلك يا دكتور فتحي فلماذا لم تقلها بأعلي صوتك أنك رافض ومستقيل من منصبك الفخم؟ لماذا لم تعلن غضبك ورفضك لممارسات الديكتاتور وأسرته وزبانيته وتتقدم لأبناء شعبك باستقالة مسببة تشرح فيها ما يحيط بهم من مساوئ وفساد وما يتهدد مستقبلهم وأبناءهم من خطر؟، وحتي في الأيام الاخيرة للنظام وقد كانت أمامك فرصة العمر يا دكتور سرور - ومن شارك مسئولية حماية النظام والترويج له والدفاع عنه لسنوات طويلة - ان تعلنها في وجه الرجل يوم 28 يناير وتقول له »كفاية«! لماذا لم تنصحه بالتنحي والاعتذار للشعب والاعتراف بخطاياه؟ لقد كانت الفرصة متاحة أمامك - وغيرك من أساطين النظام - حتي ما قبل خطاب التنحي مساء 11 فبراير، لو كنت فعلتها يادكتور سرور لكنت دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، ولكن ارتباطك بالنظام وصاحبه فوتا عليك تلك الفرصة النادرة إذ أظن - وبعض الظن أثم - أنك قلت عن شباب الثورة كما قال فرعون عن المؤمنين من قومه إنهم شرذمة ضئيلة أو كما قال صديقكم القذافي عن أخوتنا ثوار ليبيا إنهم جرذان، وان حبيبكم العادلي سوف يتكفل بهم في ساعات أو ايام.

نصيحة - أو إن شئت الحق فقل أنه امر - أوجهها إلي فلول النظام البائد أن يتقوا غضب الشعب الحليم إذا انفجر، وأن يبادروا بالاعتذار للشعب عن كل ما اصابه من ويلات ومصائب شاركوا النظام البائد في صنعها وتبريرها وتزيينها باعتبارها انجازات، هل يتكرم اعداء الشعب وثورته بأن يتواروا ويحرمونا من طلعتهم غير البهية واحاديثهم ورواياتهم التي لا يصدقها احد ولا يريد أن يسمعها مصري واحد، وليحمد أعداء الثورة الله انهم يعيشون مع شعب طيب كريم مسالم ومتسامح، فأمثالهم قد حوكموا وأنزل بهم أشد العقاب في دول اخري مرت بمثل ما تمر به المحروسة هذه الأيام.

حما الله مصر وشعبها وثورتها، ومسخ أعداءها واذلهم جزاء ما اقترفوا في حقها من جرائم وآثام.