رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عضني كلب

عندما يعضك كلب خاصة من كلاب الشوارع فإنك تكون مضطراً لأن تحقن «بواحد وعشرين حقنة» لتمنع عنك اصابات عديدة وأمراضاً لا شفاء منها، خاصة الصرع، وحتي لا تتحول أنت ذاتك إلي حيوان مفترس ضال يهاجم وينفث سمه ولعابه في جسد ودماء الآخرين، ولأننا من بني البشر فإن بعضا منا مثل الكلب الضال في أخلاقه وتعاملاته مع أقرانه حيث أصبحنا وأصبح الملك لله وللغابة البشرية التي انفرط عقدها بعد ثورة 25 يناير فإذا بمجتمعنا المصري قد أخرج أسوأ ما فيه من أخلاق وصراع إلي حد الفوضي والخراب والدمار مع غياب معايير الإنسانية والقانون في كافة المجالات.

الأبناء يتطاولون علي آبائهم ويحتقرون كبارهم ويتبادلون السباب واللعن ويرفضون أي وصاية ويتصورون أنفسهم فوق الجميع وأن كل ممتلكاتهم هي القوة البدنية والصحة والعمر الذي في أوله، وجميعها إلي زوال ومع هذا يصر الفن والاعلام وحتي الساسة والكتاب علي أن يقسموا المجتمع المصري إلي شباب وعواجيز وأن يؤكدوا دوما أن التغيير بأيدي الشباب وبسواعدهم وأن كل ما نقوم به من أعمال وانجازات ومؤتمرات ما هي إلا لسواد عيون الحلوين الصغنين الشباب الطعمين لأنهم قوة عمرية وعددية وسكانية لا يستهان بها ولهذا فجميعنا خدم وعبيد لبكره وللمستقبل وللشباب ومن يخرج عن النص يعد متخلفا أو متحذلقا أو عجوزا هرما قد شاخ وتعب وأصابه الخرف.
أما الإعلاميون والمثقفون فإنهم يتبادلون الردح وفرش الملاية علي الملأ وأمام ملايين البشر ويقدمون يوميا وجبات مسمومة من النقد غير البناء والذي يهدم ويشكك في كل شيء وأي شيء وكل إنسان وكل مسئول ويجري الإعلامي وقناته وراء الإشاعة والمعلومة غير الموثقة بغية المشاهدة وكسب إعلانات وأرباح والوقوف كل في خندق صاحب المال والقناة رجل الأعمال الذي لديه مصالح وبيزنس في السوق ومن ثم فإنه يفرض سطوته وسيطرته علي الساحة ويخيف أهل الساسة ومن بيدهم مقاليد السلطة التنفيذية والقضائية.
أما القضاة الذين لهم الحكم العدل وميزان الحكم ولسان حال الحق والرحمة والقانون من يقفون ليكونوا حماة الإنسانية والشرعية وأصوات الموضوعية التي تحمي الكون والحياة من الانهيار الأخلاقي، ومن أن نصبح في غابة لا شريعة فيها إلا للقوي والفاسد، هؤلاء القضاة يرفضون أن يكونوا في نسيج الوطن الذي يعاد بناؤه من جديد ويصرون علي السير عكس الاتجاه في كل ما يخصهم كأنهم بشر من دم آخر وفصيلة أرقي وعقل أرجح من كل المصريين، فهم لا يحلون ولا يربطون حزمة القوانين والإجراءات التي تؤخر التقاضي وتفتح الباب للبلطجة والإرهاب والفساد والحقد والغل، ولا هم يرضون بأن يرضخوا لقوانين الأجور والمرتبات والحدين الأقصي والأدني، ولا يسمحون بأن يعاملوا كمواطنين مصريين لا حصانة لهم ولا سلطة لهم إلا عملهم ودستورهم وقانون الدولة التي تساوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات، ولهذا فإن القضاة الذين يرفضون دخول المرأة إلي النيابة وإلي مجلس الدولة وإلي اعتلاء منصة القضاء يكسرون القانون والدستور، ويؤكدون أننا جميعا قد فقدنا الصواب والبصيرة والبوصلة الرشيدة لهذا الوطن.
ونأتي لمن يعمل بالسياسة والاقتصاد،7 وكلاهما وجهان لعملة واحدة، تسمي السلطة ورأس المال، فما من سياسي إلا وله غطاء انتصادي وما من اقتصادي إلا وله ظهير سياسي، وذلك الملعب المفتوح للجميع وتلك الجلبة التي يتصارع فيها الخصمان والضدان ما هي الا غطاء لمصالح مشتركة من يدخل إلي

عرينها يصاب بالعض والجرح وقد يلقي مصيره المحتوم قتلا بدنيا أو معنويا ولم نختلف كثيرا عن الماضي فمازالت الحشرات والذباب تحوم حول أطباق العسل والسلطة، وكلما بذلت من انحناء ونفاق نلت الرضا والتقدير وحصلت علي المكاسب والمناصب والتلميع و«علشان ما نعلي ونعلي لازم نطاطي نطاطي».. رحمة الله علي بديع خيري وسيد درويش منذ مائة عام..
كيف الخروج من الأزمة إلا بالعلم والثقافة وتغيير السلوك وهذا لن يكون إلا بتنمية القري والعشوائيات من الداخل وبناء البشر وليس بناء الحجر.. بناء البشر دون ثقافة الشحاذة ومد الأيدي والتسول وتلقي الصدقات وما يسمي بالمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر لأن بناء البشر يعني قري نموذجي بها مياه شرب وصرف صحي ومستوصف حقيقي وليس جمعية شرعية إخوانية أو سلفية وأيضا مدرسة حكومية آدمية ومدرسة أزهرية وسطية برقابة حقيقية وكهرباء ومشغل صغير ومصنع يناسب البيئة وبنات يتعلمن فنون الحياة والمنزل مع الحقل أو الصحراء أو الساحل بعد أن يتلقين العلم والدراسة وقصور ثقافة مفتوحة بها سينما ومسرح صغير وموسيقي وإنشاد وتراتيل ورسم وإيقاع ومركز شباب للبنات والبنين وملاعب للكرة والسلة وكل ما يبني الجسم السليم.. التنمية ليست مشروعات متناثرة ولكنها خطة سريعة وحاسمة تجمع أموال الزكاة والصدقة والتبرعات في وعاء واحد يخصص لهدف قومي سريع ويشرف عليه أهل ثقة لا مصلحة لديهم ولا مشروع عندهم ولا هوي يغازلهم، وتكون الخطة الخمسية هي تطوير وتنمية ومراقبة قري مصر وعشوائياتها لأن هذا هو السبيل للإصلاح وللتغيير ولبناء الإنسان المصري حتي لا يشتريه تاجر دين وجمعية شرعية سلفية إخوانية وهابية أو شيعية ولا أن يقع في قبضة من يدعون الحرية والديمقراطية وجمعياتهم المشبوهة الممولة من الخارج لتدمير الشباب وخلق الصراع والفرقة وعدم الانتماء، وحتي لا ينجرف في تيار الإدمان والبلطجة والفهلوة بلا مهارة وبلا عمل وبلا هوية وبلا أخلاق، كما فعل بنا السفهاء من قبل وقدموا لنا فناً مسموماً باسم الواقعية الليمبية والسبكية والفوضوية نتاجاً لعصر وزمن الكلاب التي تعوي وتعض وعلينا أن نتعافي ونتشافي بالحقن والدواء لأن الإنسان لا يعض كلباً إلا في إعلام الاثارة وغابة السياسة وزمن «الدولار غلب كل الأبرار والشطار والأحرار» الذين يستغنون بنفوسهم الكبار..