رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإعلام فيروس الهوية

ظهر كتاب جديد للإعلام شبلي تلحمي في أواخر 2013 بعنوان «العالم في عيون العرب» وهو من أخطر وأهم الكتب التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الإعلام كان هو المحرك الرئيسي والمحفز الأساسي لإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط وأن هذا الاعلام الغربي - الامريكي

هو الذي حرك الشعوب العربية ضد حكامها وأنظمتها الديكتاتورية من خلال عدة محاور أهمها: الهوية العربية.. الفرقة والمذهبية والطائفية.. المرأة وأخيراً الديمقراطية والحرية .. تلك هي القضايا الرئيسية التي تناولها الإعلام الغربي ومنظمات المجتمع المدني ولعب عليها الإعلام العربي سواء المقروء أم المرئي والذي رعته قناتا CNN الامريكية الصهيونية منذ عام 1990 إلي الجزيرة العربية القطرية الصهيونية.. عام 1996 والتي كانت القناة الأكثر شهرة ومصداقية في بدايتها حيث انها كانت القناة الوحيدة القادرة علي الحوارات والنقاش وعرض وطرح القضايا الشائكة في البلدان العربية فيما يخص أنظمة الحكم والفساد والمرأة والمذهبية والطائفية عدا دولة قطر الممولة ودول مجلس التعاون الخليجي.. أي أن تلك القناة مهدت للإعلام العربي لان يبدأ مرحلة اعادة تشكيل ليس فقط الخريطة العربية ولكن لاعادة تشكيل الخريطة الدماغية والهوية العربية وترسخ كل مفاهيم الفرقة والمذهبية حتي وصل الحال إلي أن فقد العالم العربي عقله وأصبح مجموعات متناحرة متفرقة من جماعات متطرفة أو حركات أيضاً متطرفة وجيوش أهلية وعقائد مختلفة في التوجه والتفكير والاعتقاد بلا هوية وبلا فكر وبلا رؤية تمنع الشعوب العربية من أن تكون كيانا مثل فيروس الايبولا تأكل أعضاءها وأهلها وتنزف دماً حتي تنتهي وتتلاشي فكرة وقضية القومية العربية في مقابل ذلك الكيان الاخطبوطي الصهيوني الذي نجح علي المستوي الإعلامي والثقافي في أن يمحو من الخريطة الجمع العربي والهوية العربية التي تلتف حول شعوبها وزعمائها وحكامها كل الطوائف والفئات والمذاهب وتنصهر جميعاً في وطن عربي كبير كان قادراً يوماً علي الوحدة التي جمعته تاريخياً وجغرافياً ولغوياً ودينياً واقتصادياً فأصبح في الألفية الثالثة مجرد دويلات وجماعات وفرقاء وأعداء كل يحمل سلاحاً أو مدفعاً أو عقيدة أو فكراً متطرفاً في وجه أهله وجيرانه وأصدقائه.
الإعلام العربي ساهم أيضاً في أن فقد العرب أو من كانوا يوماً كتلة واحدة.. فقدوا بوصلة التواجد علي الساحة العالمية لأنهم لم يعودوا فاعلين أو منتجين ولكنهم تحولوا إلي بؤرة صراع دموي مستهلك لأسلحة الغرب ولمعداتهم وللتكنولوجيا وللموارد والمنتجات الصناعية والعلمية ودخل العرب في هويةجديدة تسمي الجماعات الدينية أو الجماعات الغربية التي تنتهج الفكر الأمريكي الغربي وضاعت من العرب لغتهم وتاريخهم وأفكارهم وتجاربهم الخاصة وسقطت الشعوب العربية بسبب الربيع العربي والإعلام الموجه

في بئر سحيقه لن تخرج منها بسهولة ولن تعود الدول العربية متحدة متماسكة مرة أخري فاليمن وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين والسودان وليبيا وتونس ومصر حتي البلدان الخليجية فهي أيضاً في فرقة بين العائلات المالكة ورجال المال والجماعات التي تنتهج عقائد سنية أو ارهابية أو اخوانية أو شيعية أو كردية أو ايرانية أو تركية أو صهيونية امريكية..
أما قضايا المرأة فقد انحصرت في الاعلام الموجه والجمعيات الأهلية التي تمول الكثير منه إلي طرح قضايا الختان وزواج القاصرات وأخيراً التحرش وكلها تتعلق بالجسد والمحرمات ولا تتطرق إلي تعليم او تثقيف أو دور المرأة في بناء المجتمعات مع التركيز علي النقاب والحجاب وجهاد النكاح وغيرها من المفردات التي تمزج بين المرأة والدين في تضاد وصراع يفتح الباب لدخول الفوضي والانحلال والابتذال كنوع من الرفض المتطرف للدين ورجمه للنساء وقتله لهن باعتبار أن المرأة مجرد متاع للرجال وكل ذلك بسبب الفتاوي والتأويلات الخاطئة للدين.. وفيما يخص الديمقراطية والحرية فإن الإعلام أيضاً قد حول الأمر إلي شعارات ومظاهرات وحركات تنشر الفوضي أكثر مما تحقق الحرية والحياة الكريمة لمن يعتنقون تلك الشعارات، وظهرت كارثة جديدة في حالة الحرب الان عندما صار الاعلام شريكا في المعركة يستدعي المدنيين لان يعلقوا علي استراتيجية الحرب ويمنعوا ويرفضوا وينقدوا ويتدخلوا في الخطط العسكرية والاستخباراتية.. ويرفضوا نقل السيناوية والبدو من علي الحدود ويشجبوا هدم الانفاق وبناء الجدار.. ويهاجموا العسكريين ويتهموا الأمن بالتقصير وبضعف القدرة القتالية.. إنه الاعلام فيروس العصر الإيبولي.. الذي سوف يدمر البقية الباقية من العقل العربي ويمحو من الخريطة الهوية العربية وما كان يسمي القومية العربية.. الدواء.. في تعليم جديد.. وثقافة حقيقية.. وإعلام له نكهة عربية خالصة المذاق..