رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا مبارك.. ولا رجاله

في مسرحيته الشهيرة «كلهم أبنائي» للكاتب الأمريكي آرثر ميلر طرح العمل قضية  جوهرية  عن المسئولية وتبعاتها وهل الأب الذي يخطئ ويتسبب بفساده وحبه للمال في مقتل 21 طياراً ملأ أسطوانات غاز فاسد لطائرتهم فسقطوا قتلي ومنهم ولده ولم يدرك ذلك إلا متأخراً فقرر أن يعاقب نفسه وينتحر

لأنه عرف انه مسئول ليس فقط تجاه أسرته وولده ولكن تجاه المجتمع بأكمله.. ولهذا فان من قتلوا كلهم أبناؤه وهو قاتلهم بإهماله أو خطئه  المقصود أو غير المتعمد.. لهذا فان القضية التي يحاكم من أجلها مبارك ورجاله ليست قتل متظاهرين وليست  تربحاً أو أموالاً وقصوراً وليست أيضاً تزوير انتخابات أو توريثاً ولكنها قضية المسئولية تجاه المجتمع الذي وصل إلي تلك الحالة من الانقسام والفوضي والعنف وأيضاً الفساد الذي ضرب في عصب الجهاز الإداري والتنفيذي للدولة المصرية والشعب بكل أسف.. لكن لم يعد مبارك مسئولاً عما يحدث  من قتل أطفال في مدارس أو حالات وفاة في مستشفيات أو سيدة تضع  مولودها في الطريق العام أمام مستشفي بكفر الشيخ أو أن يفتتح السيد ابراهيم محلب رئيس الوزراء والسيد  وزير التعليم العالي والصحة ومحافظ الاسكندرية مستشفي سموحة التعليمي الوهمي لنكتشف بعد هذا أن المستشفي لم يكتمل وانه لا يعمل وأن هذا الافتتاح  كان خدعة أو خديعة للشعب... إن فوضي الشارع المصري وغياب المحليات وبلطجة سائقي الميكروباص والتوك توك وعنف وإرهاب الباعة الجائلين وأصحاب المحال التجارية والمقاهي ومحلات الأكل الفاسد وسطوة أصحاب التعليم الخاص وتجار الدم والمخدرات وانتشار خطاب الكراهية والفرقة والتعصب في المعاهد الأزهرية وعلي منابر الزوايا ومساجد العشوائيات كل هذا الفساد والضياع  الإداري والمجتمعي ليس السبب فيه  مبارك إلا إذا كان هذا بأثر  رجعي أو أن علينا أن نلقي بالأخطاء علي رداء الماضي ونلبس الحاضر عباءة التاريخ... ثم نخرج بكل فخر وننفض أيدينا  ونغسلها من دماء وتلوث ما نفعله جميعاً بمصر الآن ولا نعترف بتحمل المسئولية... ماذا فعل السيد رئيس الوزراء  حتي الآن لتغيير الجهاز الإداري في الدولة...؟ وهل بدأ الدكتور أشرف العربي بإعادة هيكلة الوزارات والإدارات  والهيئات المختلفة؟
حتي الجامعات عندما بدأ العام الدراسي كان شغلهم الشاغل  هو توفير شركات أمن خاص لحماية الجامعة ولم يطرح أي رئيس  جامعة أو عميد أو مجلس أعلي للجامعات أو السيد الدكتور وزير التعليم العالي لم يقدم أحد أي فكرة أو مشروع  قومي سريع كحل  لهذا الاحتقان الطلابي الذي يستغله الاخوان والنشطاء الممولون لتكدير صفو العملية التعليمية وإظهار الدولة المصرية بصورة العاجزة عن حماية أبنائها واستمرار  بناء المستقبل الجديد لمصر... المسئولية اليوم  تقع علي عاتق من يدير البلاد ومن يحكم بالسلطة التنفيذية والتشريعية  والرقابية المعطلة مما يعني أن أي خطأ وأي تأخير في الاصلاح هو المسئولية الكاملة  لمجلس الوزراء والسادة المحافظين ومن اختارهم وكل لحظة تأخير وتراخ  واختلاق للأعذار لن  تفيد في التطور والتغيير.. وليس  معني هذا أن الصورة سوداء وقاتمة ولكن هناك من يحاول أن يغير ويطور ولكن الغالبية في  دوائر صنع القرار مازالت تعمل بالأسلوب القديم ومازال العديد من الموظفين والعاملين في المحليات والوزارات  خاصة التعليم والصحة والداخلية والكهرباء يتعاطون مع المشكلات بذات التعاطي أيام مبارك  وحكمه وفساده لأن الهيكل الاداري  واللوائح والقوانين والمتابعة والثواب والعقاب لم يتم تغيرها أو  تعديلها وانما عادت ريما لعادتها القديمة... ولن تفلح شماعة إلصاق كل الموبقات بالاخوان أو الارهاب أو جماعة مبارك والحزب الوطني

والدولة العميقة والغميقة  وكل هذه المبررات والاعذار التي تحاول أن تنفي عن ذاتها المسئولية وتلقي بها علي رئيس قيد الحبس هو ورجاله ونظامه الذي سقط في يناير  2011 مما يعني قمة الفساد والكذب.
أكثر من عام  ونصف العام علي ثورة 30 يونية 2013 وحقاِ قاومنا الارهاب وتصدينا شعبا ودولة لهؤلاء المجرمين الدوليين  واستطاع رئيس مصر أن يهتف داخل قاعة الأمم المتحدة «تحيا مصر» ويؤكد أنها دولة ترسي قواعد الديمقراطية الحديثة وأننا نسير علي طريق التقدم والعلاقات الدولية المتوازنة وأن مصر درع للأمة العربية وحائط صد ضد التقسيم واعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لصالح الصهيونية العالمية، ولكن علي المستوي المحلي فان الرئيس لن يعمل بمفرده ولن يستطيع أن يكون  مسئولاً عن كل الوزارات والمحافظات والهيئات لأن هناك سلطة تنفيذية عليها ان تقوم بالاصلاح الجذري السريع والمتابعة  المستمرة واعادة هيكلة الدولة من الداخل  وتفعيل القوانين بسرعة وجدية.
المسئولية تقع علي السلطة وعلي كل مصري في كل مكان و موقع يري الخطأ ولا يكلف نفسه بالتغيير والإبلاغ عن مواطن الفساد والخلل في كل مكان... من يعمل في التعليم والأبنية التعليمية ويصمت علي الفساد والأخطاء والمباني مسئول عن موت الطالب أو جرحه، ومن يعمل بالصحة والطبيب في المستشفي الذي ترك مريضة دون رعاية حتي تلد في الشارع مسئول عن جريمته، ومن افتتح مستشفي وهمياً ولم يبلغ الوزير أو رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية شريك في الخديعة والكذب ومن يترك محلاً مخالفاً أو سائقاً بلطجياً أو عمارة مخالفة أو طالباً دون رعاية ثقافية واجتماعية ورياضية فانه شريك في الفوضي والارهاب والموت.. لا عودة  لمبارك حتي ولو أجري حوارا لأنه ماض ثار عليه الناس ولكنهم لم يغيروا ما بأنفسهم حتي الآن... ولا عودة لرجال مبارك لأنهم أفسدوا ودمروا حياتنا ومستقبلنا ولن نقبلهم لحكم الدستور والقانون حتي وان برأتهم المحاكم لجرائم المال والاحتكار ولا عودة لمرسي أو لاخوانه الارهابيين ولا عودة لأي ممن دمروا حياتنا ولا عودة لأي تيار  ديني يتمسح بمسوح التدين لاكتساب أصوات وناخبين... المسئولية اليوم هي مسئولية من يحكم ومن ينفذ ومن يعمل ومن يراقب.. كلهم أبناء مصر وهم جميعا شركاء في الجرم أو شركاء في البناء والتغيير... لا عودة لماض حتي نبدأ المستقبل.