رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بطاقة المرأة وسهامها

ما بين أسطورة إيزيس المصرية وبحثها عن الحبيب الضائع لتمنحه الحياة من جديد وسندريلا الجميلة وحذائها الذي يقودها للأمير الموعود وشهر زاد وحكاياتها للزوج الظالم المخدوع ليتركها تعيش كل ليلة حتي صياح الديك تطل علينا صور وأشكال ونماذج أخري لنساء وبنات مصريات من خلال الشاشة الصغيرة

والكبيرة هي أبعد ما يكون عن المرأة المصرية فما قدمته الدراما الرمضانية هذا العام كان وصمة عار في سجل المرأة وأسوأ تعبير عن حياة بنات مصر ونسائها وذلك تحت مسمي واقعية الفن وحقيقة الواقع ومصداقية الفنان في تقديم الحياة كما نعيشها وأن هذه النماذج المسيئة والمشوهة للمرأة وللمجتمع المصري ليست من نسج الخيال وإنما هي تجسيد درامي لحالة عشوائية وفوضوية نعيشها ولكننا لا نريد أن نواجهها أو نعرفها.. ولذا فإن تشكيل وعي وعقل المجتمع المصري الحديث لم يعد عبر الحكايات الشفاهية ومواويل أبوزيد الهلالي وحدوتة الجدة وأمثال العمة والخالة ولم تعد المدرسة هي المعلم الأول بعد الأب والأم وكذلك اختفي الكتاب وتوارت الأنشطة المدرسية من مسرح وموسيقي وإيقاع ورقص شعبي وأصبح عقل الأسرة المصرية وخاصة عقل المرأة والبنت يتم تكوينه وتشكيله وتوجيهه من خلال شاشة كبيرة أو صغيرة تدخل كل بيت عن طريق طبق هوائي أو وصلة لمجموعة قنوات مشفرة أو مدفوعة الأجر وجميعها تتنافس في عرض تلك الدراما المصرية التي أهانت وشوهت نساء مصر وبناتها أو دراما مدبلجة وارد تركيا أو المكسيك وتلك الدراما لا تعبر عن واقع أو عن عادات وتقاليد نعرفها وسلوك نقبله لكنها أيضاً دراما توجه وجدان المشاهد وسلوكه نحو تصرفات وأفكار تنحصر في الحب والزواج والعلاقات المشروعة أو غير المشروعة فتضيق الرحيب وتصبح الحياة بالنسبة للنساء مجرد سقوط أو استسلام للظروف في إطار الحب والزواج والإنجاب ولا شيء سوي هذا الفكر الذي لا يبني أمة أو ينشئ مجتمع سوياً وصحياً وسليم البنيان والفكر.. لقد تحولت الثقافة بكل فروعها وجوانبها إلي مفهوم شاشة واعلان ومسلسل يجذب أكبر عدد من المشاهدين لما يقدمه من مشهيات ومقبلات حسية ومادية تجمع بين الكباريه والبار وصالة القمار والقهوة والمولد والسينما وكل ما تشتهيه الأنفس من ملذات تنسي المشاهد قسوة الواقع وقبحه ليجد نفسه مرة أخري في واقع أشد قبحاً وأقسي سواداً وألماً من الذي يعيشه.
ولم تعد الثقافة في مسرح يتوجه إليه المصريون ويتواجد في جميع المحافظات والمراكز يقدم عروضاً فنية بعضها من التراث المسرحي والمحلي وبعضها من الكلاسيكيات العالمية والآخر إبداعات لكتاب مسرح ومبدعين شباب لتنمية الوعي والذوق العام تجاه أبو الفنون لأنه يحوي الكلمة والصراع والحوار والموسيقي والرسم والرقص والفكر والقيم والجمال  وإنما اختفي المسرح الذي يتبع الدولة لأن رغيف الخبز والغاز والبنزين أهم من تغذية العقول والقلوب فالدعم يذهب لماديات الحياة وأولويات أهل الاقتصاد والإدارة والأمن والسياسة لكن الفكر والثقافة لم يعد لهما مكان في البرنامج الجديد لمصر الجديدة، وبالتالي فان البديل للمسرح قد يكون السينما التي تدعمها الدولة لانتاج أفلام عن الوطن وعن شخصيات وتاريخ ونصوص ذات مكانة في ترسيخ مفاهيم الانتماء والعطاء

والوطنية والحفاظ علي الهوية المصرية لكن نصيب السينما ليس بأكثر من نصيب المسرح فقد اختفي تماماً جهاز دعم السينما وصندوق التنمية الثقافية في القيام بدوره لحفظ التراث وتشكيل الوجدان وتنمية العقل المصري من خلال السينما والمسرح وترك القطاع الخاص ومنتجين اللحوم والفراخ والمخدرات والسلاح يفرضون علينا فكرهم وقيمهم المادية التي دمرت جيلاً بأكمله تربي علي سينما مشوهة وصور متكسرة لكل المبادئ والأخلاق والسلوكيات وتحول المسخ إلي بطل والساقطة إلي النموذج وكل هذا لأن رغيف الخبز يحتاج بطاقة تموين ودعم بينما العقل لا يحتاج إلي رعاية الدولة ودعمها لأنه قد يكون قادراً علي تنمية ذاته بذاته.. وإن غاب أو تخلف فهذا هو المراد لأن الشعوب الجاهلة المغيبة تسهل قيادتها وحكمها.
وأخيراً كره المصريون رجالاً ونساء القراءة لارتفاع سعر الكتاب من جانب ولأنهم تعلموا أن الملخص أفيد لأن منه الامتحان ومن جانب آخر وأكثر من 40٪ من المصريين لا يعلمون القراءة والكتابة والباقي يعرفها بالشبه أو القرابة أو الجوار. وكثير ممن يكتبون يكتبون للخارج  حتي تتم ترجمة أعمالهم أو ترويجها لما فيه صالحهم وليس نفعاً لأهل بلدهم وحتي الكتب الدينية التي تباع علي أرصفة الشوارع وفي إشارات المرور فهي كتب تروج للتعصب والإرهاب مدعومة من الإرهاب الدولي وانتشارها ينعي دليلاً علي القراءة وإنما بديل عن المنشورات.. واختفي من الساحة دور الدولة في تشجيع القراءة من المدرسة إلي الجامعة إلي هيئة الكتاب.. وضاعت أموال الدعم مرتبات ومكافآت موظفين في وزارة الثقافة وقصورها ومراكزها ومسارحها وأصبح نصيب الفرد من الفكر والثقافة أقل من نصيبه في بطاقة التموين والزيت والسكر والأرز.
ومع هذا فمازالت بنات مصر وستاتها حاميات للثقافة وللتراث وأثبتن ان تراث الجدة والعمة والخالة هو ما حرك المرأة المصرية وجعلها شريكاً في البناء وحفر القناة لأنها أكبر مساهمة في الأسهم وهي عقل وقلب هذا الوطن العظيم... لا تنتظر الأمير ولا تحكي للملك وإنما تعمل وتجد وتبحث عن الوطن الحبيب... في بطاقة تموين أو سهم قناة السويس بلا دعم... وبلا هم.