رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مليم نجيب.. ومليارات السيسى

فى كتابه أصداء السيرة الذاتية كتب نجيب محفوظ خاطرة بعنوان «المليم» وجدت نفسى طفلاً حائرًا فى الطريق.. فى يدى مليم، ولكنى نسيت تمامًا ما كلفتنى أمى بشرائه، حاولت أن أتذكر فشلت، ولكن كان من المؤكد أن ما خرجت لشرائه لا يساوى أكثر من مليم..»

انتهت كلمات نجيب محفوظ التى تتسم بمنتهى البراءة وهو يثقل ذكريات طفل صغير كلفته أمه بمهمة ما لكنه أدرك بعمق الفلسفة البشرية وقمة الفكر الانسانى أن ما خرج لأجله لا يساوى إلا مليما أى أن عظمة المهمة وسبب الخروج والعناء والشراء لا يتساوى فى قيمته مع ذلك المليم البسيط القليل، انها البراءة مع الحكمة فى قصة كما الومضة السحرية التي تكشف أحد أسرار الحياة فى أن رحلة الحياة علي أهميتها وصعوبتها ومشقتها هى فى النهاية لا قيمة لها لأنها مجرد «مليم» فى ناموس الوجود وهذا تفسير فلسفى وجودى، أما التفسير البشرى المادى فهو أن ما نتعب ونشقى من أجله قد يكون أقل بكثير مما نظن.
فالشباب والنشطاء والثوار الذين مازالوا يطنطنون بشعارات كبرى وكلمات عميقة عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية قد بذلوا الدماء والأرواح وفقدوا حريتهم وذويهم وأصدقاءهم، بل وفقدوا أعمالهم ومستقبلهم الآمن وضحوا بالغالى والنفيس من أجل تلك الشعارات التي نكتشف يومًا بعد الآخر أنها مجرد تصدير غربى أمريكى صهيونى لبلادنا وشبابنا لتقسيم المنطقة وتدمير الجيوش والحدود لصالح أصحاب شركات السلاح والبترول ولاعادة تدوير أموال الخليج فى بنوك أوروبا وأمريكا واجبارهم علي شراء الأسلحة لمواجهة حالة الفوضى والارهاب التى خلقتها وغذتها أمريكا الصهيونية تحت مسمى هذه الشعارات والمفاهيم والنظريات التي هى سامية ورائعة فى جوهرها وحقيقتها لكن ما تم هو مجرد «مليم» أضاع الكثير وهدم وحرق ودمر ليس مجرد البناء والطوب والمبانى والمتاحف ولكنه بكل أسف دمر نفوس وعقول الكثير وأثار حالة الانقسام والفرقة داخل المجتمع المصرى بل والأسرة الواحدة وكسر ليس حاجز الخوف ولكن كسر القانون والعرف والتقاليد حتي وصلنا إلى إهانة الأهل والأساتذة والتباهى بالعنف واللا أخلاق والتجاوز.. فوصل بنا الحال إلي تأجيل الدراسة بالجامعات ليكون ما يحصل عليه الطالب فى محراب العلم أقل القليل، بالرغم من أن هذا الطالب هو مستقبل مصر القادم والذى يقع علي كاهله عبء بناء مصر بتطويرها وتقدمها..
أما الإخوان وجماعتهم فهم أيضًا مثل ذلك الطفل الذى خرج لشراء شىء ما ونسى سبب الخروج وما خرج لأجله لكنه أدرك بفطنته الساذجة أنه شىء لا يساوى إلا القليل جدًا وهو المليم.. شباب الإخوان وحرائرهم والكثير من البسطاء الذين مازالوا يحاربون أهلهم ويخربون بلدهم فى كل المؤسسات بداية من التعليم نهاية بالكهرباء مرورًا بالمحليات والشرطة وجميع مؤسسات الدولة المصرية بما فيها القضاء الشريف والرياضة والاعلام وكل مكان فى هذا الوطن الحزين، هؤلاء يعملون بكل همة ونشاط وخسة ونذالة لتدمير وتكسير عظام بلدهم وذويهم.. فى التعليم نجد المناهج والمدرسين والسادة المديرين ووكلاء الوزارة وهم يتخبطون فيما يقدمونه ويقررونه على التلاميذ بكليات التربية التي تفرخ أنصاف متعلمين ليقفوا فى فصول يعلمون أشباه تلاميذ يتجاوز عددهم الـ80 طفلاً أو شابًا نكذب جميعًا عليهم وندعى اننا نعلمهم ونربيهم وهم يحصلون على تعليم غير آدمى وغير علمى أو أكاديمى فى تلك المدارس التى تنفق عليها الدولة مليارات الجنيهات وكتب مدرسية ومطابع يتكسب من ورائها الحيتان الفاسدون فى الوزارة ومنهم الإخوان بكل تأكيد وليس فقط الفلول كما كانوا يدعون ويصرخون فى مظاهراتهم الدموية.. التعليم فاشل فى بلادى

لأن الإخوان وشركاءهم لا يقفون فى الشوارع فى مسيرات هزيلة ولكنهم تمركزوا فى تلك الوزارة وغيرها من الوزارات  لتخريبها من الداخل وكذلك النقابات خاصة المهندسين والأطباء.. مستشفيات متهالكة وأطباء يفخرون بهذا ولا يحركون ساكنًا إلا للكادر.. ومهندسون يعملون فى الأحياء يمنحون تراخيص مخالفة ويتركون عقارات حتى السقوط والكوارث ويفتحون محلات وكافيهات لبيع المخدرات والدعارة ولا يقومون بواجبهم فى المنع والغلق ولا يبذلون أى جهد للتغيير والاصلاح.
وشباب الإخوان وحرائرهم يلعنون الحياة ويهاجمون الكبار ويدمرون ويحرقون جامعاتهم ومعاملهم ومكتباتهم فلا يتلقون علمًا ولا تعليمًا ويحرمون أنفسهم وأقرانهم من فرص ضئيلة للوصول إلى حياة أفضل بالعلم والعمل.. أنه المليم الوضيع الحقير.. أو القيمة التى من أجلها نضيع جميعًا ونضيع مستقبلنا وأولادنا وأهلنا فى مصر أخرى بدون فلول أو إخوان أو فساد يحجب عنا ضوء الشمس والأمل ويشيع المزيد من اليأس والاحباط وقد يدفع العديد إلي الهجرة الداخلية والغربة الخارجية أو الإلحاد والإنكار لكل الثوابت والقيم والمبادئ.
كيف نبدأ ومتي نبدأ هي المشكلة والمعضلة ومرة أخري لن ينفع الإصلاح أو التصالح مع الفساد والإخوان ولكنه البتر والتغيير الجذري للمفسدين والخونة والخارجين علي الأعراف والقيم والوطن حتي ولو كلفنا الأمر أن نضحي بالكثير لكنها الحرب الكبري وهي جهاد النفس وجهاد المفسدين في الأرض الذين يحرموننا من حق الحياة الآمنة وحق الأمل وحق الفرح والاستمتاع بهذه الدنيا وهذا البلد الأمين..
حتي نبدأ في التغيير الشامل الكامل علي الإرادة السياسية في المقام الأول والأخير أن تستجيب لنبض الشارع المصري الذي وثق فيها وآمن بقدراتها علي حماية الموطن والهوية المصرية والحفاظ علي مقدرات تلك الدولة العظيمة والوقوف أمام الطاغوت الأعظم أمريكا وشركائها من الناتو إلي الأوروبي إلي قطر وتركيا وحلفائهم من الإخوان والإرهابيين.. إن الشعب المصري يطالب رئيسه السيسي الذي خرجنا من أجله بالملايين في 30 يونية و3 يوليو و26 يوليو ومايو 2014 لاختياره رئيسا وزعيما محبوبا لمصر وللمصريين أن يعرف أنه حين دفع المصريون 8 مليارات حتي الآن لشراء أسهم قناة السويس أنهم قد خرجوا من أجل قيمة أكبر من أي انتخاب أو استفتاء.. خرجوا ليس من أجل «مليم» ولكن من أجل وطن وحياة ووجود وأنت يا سيدي الرئيسي عليك مسئولية أن تبدأ بالتغيير السريع الحاسم الباتر.. وربنا معك وقلوبنا ودعاؤنا لك..