رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إبداع.. الفساد


وصل الفساد في البر والبحر والتعليم والسياسة والاقتصاد وأكيد وصل إلي الفن والاعلام حين اختلط مفهوم الإبداع والخلق الفني الذي يرتقي بالمشاعر والأحاسيس ويثقف وينمي ويحفز التفكير ويطهر النفس البشرية من الآثام والشرور إلي أن أصبح الفن فوضي وحرية بلا ضفاف وجنونا يكسر كل الحواجز والقيود والأعراف ويعود بالانسان إلي مصاف الحيوانية

والغرائزية بدعوي ان هذا هو الواقع وأن الواقعية الحيوانية الجنسية أو الهمجية البشرية ما هي إلا ظواهر انسانية اجتماعية يرصدها من يدعي الفن والفنون ليصل برسالة إلي مجتمعه وأهله بعد أن يدمرهم تماماً لأن الطريق إلي الجنة مليء بالصعاب، بينما طريق جهنم مفروش بالحسيات والملايات وكل ما تهواه النفس الأمارة بالسوء مخلوقة الطين قبل أن يهذبها ويزكيها الانسان بعد نفخ الروح الالهية ليرتفع من دونية الأرض إلي مخلوق جديد اسمه انسان.
أزمة فيلم «حلاوة روح» ليست أزمة فنية أو دولة قمعية يتدخل فيها رئيس الوزراء ليمنع عرض فيلم بدلاً من تدخل وزير الثقافة أو المسئول عن الرقابة علي المصنفات الفنية وتطبيق معايير قانون الرقابة لعام 1976 والذي عدل في عام 2004 لتنظيم الرقابة علي الأشرطة والمصنفات السمعية والبصرية... لكن الأزمة الحقيقية التي نعيشها هي أزمة أخلاق وثقافة وتعليم... ذلك لأن تدخل رئيس الوزراء في منع أو وقف عمل فني هو تدخل صريح في سلطة وزير الثقافة وكذلك عمل هيئة ومؤسسة الرقابة علي المصنفات الفنية وبداية الحدوتة من تعيين مخرج في منصب الرقيب وهو منصب بجانب كونه فنياً وإدارياً ووظيفياً إلا انه منصب تقني ونقدي ويقترب من منصب رئيس محكمة لأنه يتحكم نقدياً في المعايير الفنية والمهنية وأيضاً يطبق أحكام قانون الرقابة بحيادية وبما لا يمثل أو يشكل تهديداً للسلم الاجتماعي وللأخلاق والأعراف العامة ولا يحض علي الرذيلة أو إشاعة الفاحشة في المجتمع، كما تتضمن المادة الثامنة من القانون المصري رقم 1620 لعام 1993 الآتي: لا يجوز الترخيص بأي مصنف إذا تضمن أمراً من الأمور الآتية (3) المشاهد الجنسية المثيرة وما يخدش الحياء والعبارات والإشارات البذيئة.
(4) عرض الجريمة بطريقة تثير العطف أو تغري بالتقليد أو تضفي هالة من البطولة علي المجرم.
هذه هي مواد القانون ولائحة الرقابة التنفيذية والتي تجاهلها السيد رئيس الرقابة لأنه أحد مخرجي أفلام «السبكي» ولأنه لم يلتفت إلي تقرير اللجنة الفاحصة للعمل ولأنه ثائر مبدع حر لا يجب أن يمنع الست «هيفا» ولا المنتج محمد السبكي ولا الطفل من صناعة وتجارة وملايين تدخل خزينة المنتج والفنانة وأهل الطفل لكن أن يطبق مواد القانون فإن هذه أزمة أخلاق وثقافة وتعليم لأن مفهوم الحياء والعبارات والإشارات البذيئة وهذا الكم الهائل من السباب والقذف واللعان في عرف المبدعين قد صار واقعية سحرية جهنمية لأنها لغة الشارع والعشوائيات ومن ثم فإنها لا تخدش الحياء ولا تسيء إلي الناس ولا تلوث الأخلاق وتفسدها فكله عند المبدعين صابون يغسله الإسفاف والبذاءة باسم الإبداع الواقعي؟!
أما المشاهد الجنسية والعري وجرائم الدعارة والمخدرات وممارسة الرذيلة والبلطجة وتبرير الهوس الجنسي لدي الطفل واستخدامه للمطواة وللمولوتوف لحماية العفيفة الشريفة الست «روح» أو «هيفا» مما يغري بقية الصغار والمراهقين ممن يشاهدون الفتي الطفل وهو يتلصص علي جارته الأرملة ثم يحلم بها أحلام المراهقة الجنسية ثم يغتصبها في النهاية كل هذا يدخل ضمن مادة (4) من القانون والتي تتعلق بالجرائم ويعتبر من يقدمها بطلا وضحية ظروف وأهل وأب فاسد لا يخجل من مهنته الوضيعة الحقيرة ولهذا فإن من سخرية الأقدار أن والدة الممثل الذي قام بدور الطفل... في مداخلة هاتفية حوارية فضائية تقول انها أستاذة جامعية وأن ما

قدمه طفلها هو رسالة تربوية؟! فساد أخلاق وثقافة وتعليم... الخطأ يقع علي عاتق الآتي وظائفهم:
1- السيد الدكتور صابر عرب وزير الثقافة، لأنه عين ذلك الرقيب ولأنه لم يقم بدوره في التدخل بمهنية وحرفية لوقف ذلك الجدل حول هذا الفيلم والذي لم يلتزم بالقانون ولا بالرقابة ومن ثم كان من الممكن إعادته إلي الرقابة أو البحث عن التقرير الذي أصدرته اللجنة وإيقاف رئيس أو مدير الرقابة عن العمل والتحقيق معه في مخالفته للمواد ولقانون الرقابة ولوجود شبهة فساد في تداخل المصالح مع العمل والمهنة.
2- مدير الرقابة أحمد عواض لأنه لم يلتزم بمواد قانون الرقابة ولأنه لم يراع التقرير الذي أصدرته اللجنة ولأنه أصر علي كسر القانون وعدم الالتزام بالمهنية طالما رضي بأنه يعمل وفق تلك القوانين واللوائح إلي أن يغيرها أو يهدمها ويجد من يوافقه الرأي باسم حرية الإبداع!
3- السيد رئيس الوزراء إبراهيم محلب لأنه تدخل في سلطة وزير ورقيب وأثار جدلاً ولغطاً وأساء إلي الفن وإلي الحكومة وإلي المرحلة القادمة باعتبار أن كل هذا بوادر سلطة قمعية ديكتاتورية فاشية عسكرية لا تختلف عن السلطة أو الفاشية الدينية التي ثار الشعب ضدها في يونية 2013 ومازال يدفع من دمه وأمنه يومياً ثمناً لهذه الحرية المسئولة وليست حرية الاناركية الهدامة.
4- أخيراً فإن المسئول الأخير هو الشعب المصري والأسرة المصرية التي أهملت تربية صغارها ولم تراقبهم ولم تلتزم بالعادات والتقاليد والدين الصحيح وليس المظاهر والطقوس بعد أن فقدت الدولة دورها في تطبيق معايير التعليم وقيمه الثقافية والأخلاقية فضاع الصغار في خضم الفوضي والعشوائية والنفاق الذي نعيشه وندعي أن لدينا تعليما وثقافة وأخلاقا ونحن نكذب علي أنفسنا.
ولا ننسي أن كلمة أو عبارة «للكبار فقط» لا وجود لها قانوناً لأن كل دور العرض لا تطبقها ولا تمنع الصغار من مشاهدة أو متابعة الأعمال التي تكتب عليها تلك العبارة الاعلانية وإذا طلبنا تطبيق القانون ومنع الصغار نجد أصواتا تتعالي بأن الأمن مشغول ومهموم بالإرهاب والمظاهرات واستعادة الدولة، وكذلك فإن دور العرض تعاني ضائقة مالية واقتصادية وعليها التزامات وموظفون وإيجار شرائط ومصروفات وضرائب والأطفال الصغار هم الجمهور الأكبر للسينما، ولهذا فإن منعهم يسبب خسائر اقتصادية وقد يزيد من نسبة البطالة.
إذاً القضية في مجملها قضية دولة وهيبة وقانون لا يطبق وأخلاق ضاعت وثقافة انتهت وتعليم يعاني سكرات الموت... حقاً إن الفساد لإبداع متجدد.