عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحرائر وبائعة الفجل

يخطئ من يظن أننا نرى ونعرف كل الحقيقة عما جرى فى مصر منذ يناير 2011 حتى اللحظة الراهنة، وذلك لأن التاريخ المصرى وتاريخ العالم الحديث والاستعمار الجديد والحروب الإعلامية مازال يكتب ولن يستطيع أحد أن يتوقع النتائج لهذه الحقبة المحورية والمفصلية فى ذاكرة الأمة المصرية والوطن العربى

ومستقبل الصراع العربى الإسرائيلى من جانب وأيضًا الصراع الاستعمارى مع دول النفط ومنابع النيل والثروات الطبيعية حيث المخزون الطبيعى للمعادن والطاقة المتجددة حتى الصحراء الجرداء فهى الأمل المقبل لتوليد الطاقة التى تدفئ صقيع أوروبا وتستغل ماكينات مصانعها وتمنحها قبلة الحياة لتستمر فى السيطرة الاقتصادية والصناعية هى وحليفتها الكبرى أمريكا.. إن ما حدث فى مصر والوطن العربى من ثورات تسمى الربيع العربى وهى فى الواقع ثورات مولتها المخابرات العالمية الأمريكية الصهيونية والأوروبية لإعادة تشكيل الخريطة الشرق أوسطية، تلك الثورات التى استغلت حالة الفقر وتفشى الأمية والجهل وأيضا توغل الفساد فى ظل الحكومات الديكتاتورية والتى كانت أكبر حليف ونصير لأمريكا وأوروبا وإسرائيل بالاضافة إلى تلك الجماعات الدينية والتى هى فى واقع الأمر حليف قوى للقوى الاستعمارية الغربية من أجل توازن الشرق الأوسط الجديد فى ظل تيار متطرف متعصب يقيم الخلافة الإسلامية فتصبح لإسرائيل شرعية التواجد على أساسى دينى ويتحول الصراع من صراع عسكرى على الحدود إلى صراع مذهبى وطائفى داخل الأوطان فيكون التقسيم إلى دويلات وإمارات بمباركة الاستعمار الأمريكى الصهيونى الأوروبى.
محنة مصر اليوم فى شبابها ونخبتها السياسية وإعلاميها ومنظمات المجتمع المدنى:
1- شباب مصر الذى مازال يعيش مرحلة الضياع والرومانسية أو المراهقة السياسية فلا يريد أن يعترف بالخطأ وأن ما حدث فى يناير هو مؤامرة كبرى على الأوطان والبلاد العربية بتمويل وتخطيط وأيضًا مساعدة من التيارات الدينية المتطرفة التى تسعى إلى السلطة والحكم ولا تعترف لا بشرعية أو شريعة أو ديمقراطية أو صندوق أو انتخابات وإنما هى تتبع الغرب لتصل إلى سدة الحكم وكرسى الخلافة ومازال الشباب مغيبًا لأنه خائف ضائع لا يجد طريقًا واضحًا لمستقبل مشرق آمن يوفر له عملاً وسكنًا وحياة كريمة ولأنه أيضا فقد العائلة ودفئها وحبها وبعد أن تحول الأب لبنك متنقل والأم إلى امرأة مطحونة مستهلكة خائفة من فقدان الأسرة والبيت والأبناء والمدرسة لم تعد تقوم بأى دور سوى ملء فراغات اليوم حتى يخرج الشباب للدروس والمجموعات ليحصلوا على درجات وليس ليحصلوا على العلم والمعرفة، أما الجامعات فأنها صارت جراجًا كبيرًا يؤوى الطلاب والأساتذة الذين نسوا فى غمار قسوة الحياة ولقمة العيش والكتاب الجامعى والحافز والساعات الزائدة عن النصاب أن الأستاذ قدوة وأن الطالب مسئوليته تعليم وتربية وتدريب يستقبل الحياة العملية متسلحًا بالمعرفة والأخلاق ولكن أول ما قامت الثورة توجه طلاب إعلام القاهرة إلى عميد كليتهم وأهانوه وسبوه وساعدهم أساتذة آخرون وعمال وإداريون وصمتت الدولة والنخبة وصفق الإعلام وهلل واعتبروا ما يفعله الطلاب صحوة وشجاعة وهو فى واقعه مجرد بداية لخراب كبير لمستقبل مصر العلمى ولجامعاتها يحتاج إلى سنوات عدة من الإصلاح والترميم.
2- النخبة السياسية والتى هى أحد معاول هدم هذا البلد وتلك الأمة لأنها نخبة عجوز تسعى للمصلحة وللتواجد وللمكاسب السياسية فتسير وراء الرائجة والورقة الرابحة فى أول اللعب ولا تنظر إلى الصورة الكاملة وتحدد المؤامرة بصدق وموضوعية لأنها بكل أسف نتاج سنوات الفساد السابقة والتحالفات السياسية مع الحكم الديكتاتورى الموالى للاستعمار ليضمن بقاءه واستمراره، تلك النخبة تضلل الشعب المصرى ولا تساعده وحتى فى أقصى مراحل القهر فى ظل حكم التيار الدينى الفاشى لم تكن مؤثرة ولم تقف موقفًا صلبًا قويًا ضد الممارسات القمعية ولم تطالب المجتمع الدولى والمنظمات الأهلية بالوقوف أمام محاولات طمس الهوية المصرية ولم نر أيًا منهم فى تلك المرحلة يخرج إلى الخارج ليوضح حال مصر والمصريين وبوادر الهلاك والإرهاب بل على العكس كثير من النخبة تحالف مع الإرهابيين والتكفيريين والجهاديين وظهر معهم على الفضائيات والمناسبات واللقاءات وتصافحوا جميعًا وهم يعرفون أن هذا الحكم الفاشى هو حكم الخلافة وليس حكم الديمقراطية والصناديق والأكثر ألمًا أن بعض قضاة مصر وحارس الميزان العادل لعبوا سياسة وتحالفوا مع ذلك التيار لأنهم نسوا وتناسوا أنهم منزهون عن الهوى وأن كلمة الله فى ميزان أعمالهم وليست كلمة المخلوق لهذا فإن حتى منصة القضاء شابها العوار وطالتها آثام المرحلة والمحنة التى تعيشها مصر على يد نخبتها وأهل الحل والرأى.
3- إعلام مصر محنته كبرى وعظيمة وجليلة لأنه إعلام إما لرجال أعمال لديهم مصالح اقتصادية وشبكات علاقات متعددة مع الدولة ونظام الحكم ومن ثم عليهم أن يراعوا التوازن بين حرية الإعلام ومصلحة صاحب رأس المال أو أن الإعلامى ذاته

والإعلامية يخشيان الجمهور الذى كان فى بداية الثورة لا يقبل أن يرى أو أن يسمع ألا ما يريد هو وكل ما دون ذلك يعتبره تعديا على الثورة والثوار وبهذا تحول الإعلام إلى بوق يردد ما ينطق به التحرير وما ينادى به الساسة والشباب والتيار المتشدد المتطرف بعد أن أصبح الجمهور لا يرى إلا الناشط والثائر والخبير وعضو الحركة أو المنظمة الحقوقية والذين شكلوا الرأى العام ووجهوا جموع الشعب إلى الضلال بعد أن صوروا لهم أن كل ما ينتمى إلى الماضى يجب حرقه وهدمه ليؤسسوا دولة جديدة قائمة على الدين والحرية وأن الثورة هى مرادف الفوضى وأن أى محاولة لإعادة القانون هى محاولة لإعادة الماضى بفساده وظلمه وأصبح الصراع بين الدولة واللا دولة وأيضا بين الطبقات فمن يطالب بالتروى والتأنى هو من الفلول أى النظام الرأسمالى الفاسد المستفيد وأن الطبقات البسيطة العاملة أو الفقيرة ملاذها الوحيد فى أن تساند الثوار والحركات والتيارات الدينية لأنها تلك التى ستوفر لهم العدالة الاجتماعية وتجعل الرؤوس تتساوى وهى فى الواقع تزيدهم فقرًا وجهلاً ولا تبنى مصنعًا أو مدرسة أو جامعة أو تزرع أرضًا أو تعالج مريضًا أو تمنح العاطلين فرصة عمل كريمة.. ذلك الإعلام الذى إذا حاول أن يقف ضد ذلك التيار الفوضوى فإنه يتهم بالفساد والضلال وأنه إعلام مفبرك لا يقدم الحقائق ولا يأخذ بيد الوطن إلى الاستقرار ومازال بعض الإعلاميين يمارسون ذات الدور فى تدمير النفوس والإرادة وتضليل الجمهور ولا يعملون إلا لصالح أهوائهم وأغراضهم ومموليهم.
4- أخيرًا المنظمات الحقوقية والمدنية وهى الاستعمارية بكل ثقة وفخر لأنها ممولة من الخارج وتعمل لهدم الوطن كل بطريقته ويكفى أن مندوبى الاتحاد الأوروبى وأمريكا يحضرون للدفاع عن أعضاء الحركات الثورية التى مولوها ودربوا شبابها على كيفية هدم هذا الوطن من الداخل وعرقلة أى محاولة للاستقرار حتى قانون التظاهر والدستور والانتخابات كلها أوراق على الثوار وأعضاء الحركات الغربية أن يحرقوها ويحرقوا قلب الوطن ولا مانع من هدم الجيش والشرطة والقضاء والتعليم ليبنوا وطنًا جديدًا وحدودًا أخرى يرسمها الاستعمار وفق ما يراه ووفق مصلحته الكبرى.. تلك المنظمات المشبوهة الممولة لم تمح أمية النساء فى مصر ولكنها أقامت مؤتمرات وندوات لاشعال الفتنة بين الرجال والنساء ولتصوير المجتمع على أنه مجتمع الانحلال والعلمانية، وأن المرأة فى خروجها للعمل أو فى ممارستها للسياسة سوف تدمر الأسرة. بينما التيارات الدينية حولت نساءها إلى بلطجية يحملن الشوم والعصى والاسبراى والمولوتوف ويذبحن بدم بارد سائق تاكسى مسالمًا لمجرد الاختلاف فى الرأى وتكون المكافأة من السفير الأمريكى والبرلمان الأوروبى دعوة للغداء لفتيات 7 الصبح اللاتى خرجن لتعطيل الحياة فى الإسكندرية وتكسير المحال والعربات وترويع المواطنين.. إن بائعة الفجل المصرية لهى أولى وأحق من الحرائر بمأدبة الغداء الأمريكى تكريمًا لامرأة مصرية تكافح بشرف وكرامة من أجل لقمة العيش البسيطة. إن محنة مصر فى أبنائها ونخبتها وإعلاميها وشبابها المضلل.. ويالها من محنة وكبوة سيذكرها التاريخ على أنها أصعب ما واجهت مصر على مر العصور فعدوها ابنها وهو عمل غير صالح.