عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دستور.. كلمات.. كلمات

ارحموا المصريين من هوجة الانتخابات والاستفتاءات والقصة المملة لما يسمي الربيع العربي وخارطة الطريق والاستحقاق الديمقراطي وشعارات أهل الساسة والفكر والسادة النشطاء والشباب الثوري وإعلاميي الفضائيات وخبرائهم ومفكريهم، مصر علي فوهة بركان من الانقسام والفوضي والانهيار الاقتصادي بعد أن هرب المستثمر الأجنبي والعربي وخاف وارتعد المستثمر ورجل الصناعة المصري من غياب الأمن وضعف الشرطة وإرهاب الثورة وتهديد الأخوة وارتعاش يد الوزراء وتنحي السادة القضاة للحرج والمرج والهرج..

الدستور والاستفتاء قصة في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ولكأن هذا الدستور هو المنقذ للشعب المصري من ويلات الفوضي والانقسام وأنه سوف يأتي بالفرج والفرح والسعادة والهناء ويشفي الأكمه والأبرص ويعيد النور للأعين ويقضي علي الفقر والجهل ويفتح كل أبواب الرزق وتنهال الاستثمارات وتفتح المصانع وتجري مياه النيل تروي المزارع والغيطان وإذا بالحريات قد ملأت ربوع الصحف والفضائيات فلا قمع ولا قهر ولا منع، أما الشباب فالوظائف تنادي والمساكن بأرخص الأسعار والحياة بمبي بمبي وكلها كلمات نغنيها ونرقص عليها مذبوحين وحين نعود إلي حياتنا لا نجد معنا سوي كلمات ومواد في الدستور الرائع المذهل الذي علينا جميعاً أن نقول له نعم ونعمين وعليا النعمة بالتلاتة موافقين وباصمين بالعشرة دول..
ما قيمة دستور ومواد كتبت بعناية وصياغة رفيعة وشارك خبراء وفقهاء في إخراجها علي النحو المتميز وفي ذات الوقت لا توجد مؤسسات في الدولة قادرة علي تفعيل تلك المواد الدستورية خاصة السلطة القضائية والجهاز الأمني والوزارة التي سوف تتابع التنفيذ، القضاء المصري الشامخ العظيم تم اختراقه ونجح المتآمرون عليه داخلياً وخارجياً في انقسامه ليس بين استقلال وغيره ولكنه صراع خفي بين هيئات قضائية إدارية ودستورية ومجلس دولة والكل يبحث عن مكاسب ومصالح فئوية ولا يراعي الوطن ولا هيبة القضاء وهيئاته والدليل:
1- يتم إلقاء القبض علي مخربين ومجرمين إرهابيين يقطعون الطرق ويحرقون الزرع والمحال ويحطمون العربات ويجرحون ويضربون المارة المسالمين وقد يصل الأمر إلي قتل طفل في شرفة منزله أو شاب مر بالطريق أو امرأة أو فتاة أو شيخ وكثيراً ما يقتلون الجنود الذين قادهم حظهم العثر إلي معسكر أمن مركزي لتأدية الخدمة العسكرية الوطنية فإذا بهم يعودون جثثاً هامدة إلي ذويهم في قري مصر ووصل الوضع السيئ إلي حد أن تخرج فتيات محجبات منتقبات إلي منزل عميدة كلية بجامعة الأزهر ليروعنها ويسببنها ويتوعدنها بالضرب والقتل وحين يتصدي لهن أهل الشارع يقذفن الرجال بأقذع أنواع السباب ويصبغن وجه أحدهم بالسبراي الملون ويرشقنهم بالحجارة في سلمية واضحة، أما في الجامعات فالطلبة الحلوين لا يألون علي جهدهم جهداً في الحرق والتدمير والترويع والتعدي علي القوات والمنشآت والأساتذة والمعامل ومع كل هذا حين يذهبون إلي النيابة يخرجون سالمين آمنين مطمئنين إلي نزاهة القضاء المصري؟!!!
2ـ في أغرب واقعة من نوعها علي الحياة القضائية والحديث عن أحكام القضاء والتعليق عليها سلباً أو إيجاباً نجد أن رؤوس الفتنة ومديري الاغتيالات والاعتقالات ومعذبي المتظاهرين ومنظمي اعتصامي رابعة والنهضة والذين وضعوا خطط الإرهاب في سيناء وتحويلها إلي ساحة حرب بين جيش مصر الوطني وبين التكفيريين والإرهابيين بين القاعدة وبقية التنظيمات الإجرامية الدولية في خيانة عظمي لسيادة مصر علي أرضها وسمائها، كل هذا الإجرام والإرهاب وهيئة القضاء الموقرة تتنحي.. تتنحي لاستشعار الحرج.. كنت أظن أن الحرج صفة أنثوية حين يسأل ولي الأمر ابنته عن زوج فتحرج وتخجل وتحمر وجنتاها وتصمت وتنسحب فإذا السكوت علامة الرضا، أما أن يتحرج قضاة عتاة يحملون ميزان العدل الإلهي ويرفضون النظر في القضية فإنهم بكل أسف وخزي وعار يرسلون عدة رسائل سلبية للمجتمع المصري والمجتمع الدولي فهم يقولون ضمنا إنهم يخافون هؤلاء ويخافون بطشهم كما حدث واغتالوا الخازندار القاضي أيام حكم الملك.. لأنه خالفهم الرأي فحكم علي أحدهم حكماً يخالف حركتهم الدعوية الإرهابية، ومعني هذا أن المواطن المصري

لن يأمن في حياته أو عيشته حتي ولو كانت كل مواد الدستور في صالحه طالما أن قضاة مصر لا يأمنون علي حياتهم من المجرمين والإرهابيين، أما الرسالة الثانية لمصر فهي أن القضاة غير مقتنعين بالقضية من الأساس وأن هؤلاء الذين يقفون خلف القضبان ليسوا مجرمين ولا يجب حبسهم ولا محاكمتهم لأنهم أبرياء وثوار ومخلصون لأفكارهم التي هي ضد مصر وضد الوطنية والإنسانية وهذه رسالة محلية ودولية تؤكد أن ما يحدث في مصر ليس ثورة وإنما هو انقلاب علي شرعية؟!!.
3ـ أين نادي قضاة مصر الذين وقف فيه القضاة وقفة شامخة بقيادة المستشار أحمد الزند في وجه الحاكم الظالم وجماعته التي هدمت دولة القانون بالإعلان الدستوري الديكتاتوري في نوفمبر 2012 والذي خرج به علينا الرئيس المعزول بأن أصبح هو الحاكم بأمره الذي لا ينطق عن الهوي والذي يحكم وفق قانونه الشخصي ولا يتبع أي دستور أو قانون.. حينها وقف نادي القضاة وقضاة مصر وقفة قوية حاسمة ورفضوا كل أنواع التدخل في السلطة القضائية وتصورنا أن قضاة مصر أقوي وأشجع من جميع مؤسسات الدولة الأخري سواء مدنية أو عسكرية.. واليوم لا نسمع لنادي القضاة ولا نري لهم وقفة ولا اجتماع الصالح الوطن سواء بإعلان الجماعة إرهابية أو اتخاذ مواقف حاسمة تجاه ما يحدث من محاكمات والنيابة والتنحي للحرج وغيرها من ظواهر سلبية تصب في صالح الإرهاب والفوضي والمؤامرة الدولية ولا تدعم مستقبل الدستور المصري لأنها بكل أسف لا تعمل من أجل إعمال دولة القانون الذي لا يخشي في الحق لومة لائم ولا إرهاب ولا إجرام ولا مصلحة شخصية لأنه قضاء منزه  عن المقاصد والمآرب والهوي..
صمت الإدارة السياسية والوزارة التنفيذية عن الحالة القضائية يثير القلق من المستقبل الذي قد يدفعنا إلي أن نكتب دستوراً ولا نعمل به فيتحول الأمر إلي حكم غير مدني حتي ولو كان القادم بطلاً شعبياً له مكانة عالية ورفيعة في قلوب المصريين وعقولهم إلا أن القضية ليست فرداً وإنما منظومة كاملة لدولة عريقة وليست  عميقة، في دولة المؤسسات المستقلة ولكن المؤسسات المتصلة لصالح الوطن والمواطن وأخطرها القضاء ثم الداخلية فإن لم يعملا سوياً لإرساء دولة القانون فإن كل مواد الدستور لن تغني أو تسمن من جوع وإنما سيضيع المال والوقت والجهد في سلسلة من الاستفتاءات والانتخابات والاستحقاقات ولا نصل الي استقرار وحرية وكرامة وعدالة لأن يد السلطة مرتعشة وعين القاضي مفتوحة وميزانه مكسور وبندقية الجندي فارغة وصوت المجرم عالٍ وسيفه حام وقلم الكاتب صناعة أجنبية..