رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رجال وعبيد

لك الله يا مصر فيما تعيشه الآن بعد أن اختلط الحابل بالنابل وبهتت الصورة وأوشكت الرؤية علي الظلام الدامس تحت دعاوي ومسميات كاذبة خادعة عن ديمقراطية وحرية فإذا بنا في عصر يقترب من عصور العبيد وتجار النخاسة وقراصنة الحكم والسلطة وعملاء الخارج وملوك الطوائف الذين باعوا ملكهم وأرضهم وعرضهم من أجل حكم وسلطة وقوة سرابية لا تدوم ولم تدم لأي خائن لوطنه ولأي بائع لأرضه ولأي قاتل لأهله ولأي مفرط في عرضه وتاريخه وقيمه.

مصر اليوم تبحث عن رجالها الحق ورجالها الأقوياء الشرفاء في زمن العبيد الذين صاروا يحكمون ويتحكمون ويقررون مصير أقدم وأعرق حضارة فليس العبيد إلا مماليك ذلك العهد الجديد من يخرجون علينا نجوما في الساحات والميادين وعلي الفضائيات والصحف بل ويهرعون الي الخارج يتحاورون علنا وسرا بغية مصالحهم وأهدافهم ويفقدون كرامتهم ورجولتهم وبقية باقية من حمرة خجل تجعلهم ينتمون الي ذلك الجنس أو النوع البشري وليس الإنساني المدعو «رجل».. فالرجولة كلمة وشرف وقوة وكرامة وليست مجرد تراث إنساني وشرعي تربينا عليه ودرسناه وتعلمناه لكنه في الحقيقة ما هو إلا موروث شعبي وفلكلور تاريخي أسطوري يذكرنا بأمنا الغولة والنداهة وأبوزيد الهلالي والزناتي خليفة والغول والعنقاء والخل الوفي، عدة وجوه وشخصيات أرسمها بالقلم دون أن أصنفها في قائمة الرجال أو العبيد ولكل تأويله وتفسيره وتحليله لها فإما أن تكون رجالا أو أنها عبيد.
الوجه الأول: رجل يعيش في الألفية الثالثة يستخدم الموبايل ويركب الطائرات وينام في التكييف ويشرب مياه الصنبور ويتعاطي أدوية في قوالب أجنبية ويظهر علي الفضائيات ويتمتع بكل مظاهر الحياة الحديثة والتقدم والتكنولوجيا ومع ذلك يرتدي جلباب صنع الصين ويطلق لحية ملونة وينتعل قبقابا أو مركوبا صنع تايوان ولا يعمل ولا يكد ولا يتعب ولكنه يعيش حياته العملية والفكرية في كهوف العصور الجاهلية يتحدث بلغة الضاد ويعطش الچيم ويتفاخر بأنه حافظ للأحاديث الشريفة ودارس لعلوم السلف الصالح ويقرر أنه هو من يستطيع أن يقرر ويحكم ويفتي ويقيم دولته القديمة العتيقة باسم الدين وباسم الشريعة، دولة تتمسح في الإسلام ولكأنه قد حصل علي توكيل حصري لا ينازعه فيه أي مسلم آخر.. هذا الوجه وذاك البشر يتعامل مع العملاء ويهادن الشياطين والكفرة، يستخدم عملهم ومنتجاتهم وأموالهم ويوقع اتفاقيات سرية ويفرط ويوقع صكوك البيع وسندات القروض ولا يغفل في مسيرته المباركة ورحلته المقدسة نحو كرسي الولاية وملك الإمارة وسلطانية الخلافة أن يقتل ويظلم ويسجن ويكفر كل من يقف في طريقه نحو القمة الغالية حتي ولو كان هذا أخاه أو جاره أو مجرد إنسان منحه الله نعمة الوجود في كون فسيح يجمع كل الألوان والأطياف من مؤمن إلي كافر بأمر الله وقدره ورحمته.
الوجه الثاني: رجل في مظهر عصري حديث يمسك القلم والقرطاس ويضع نظارة علي وجهه الصارم ويتحدث حديث الفكر والعلم والثقافة ويفخر بأمجاده وصولاته وجولاته وشهاداته في محراب الفكر والعلم والبحث والدراسة فإذا بالجميع في حضرته ساكن ساكت متبتل صامت أمام فيض العلم والمعرفة.. راسبوتين الكلمة يسحر ويأسر فيسمع ويطيع كل من يقف في محيط علمه وهو يوجه ويقرر ويعظ ويحفز ويتمسك بآرائه وأفكاره في تعالٍ

وتكبر لا يليق بالعلماء والمثقفين الحقيقيين الذين لا يزيدهم العلم إلا تواضعا وخضوعا لله وللبشرية وللحق وللسماحة ولتقبل الرأي والرأي الآخر من رقة وإنسانية حقة لكنه بما لديه من علم وفكر تعصب وحقد وعارض وأخطأ في حق الكثيرين ممن صدقوه وأحبوه ووثقوا في معطيات عقله وخبراته وعلمه.
الوجه الثالث: سياسي وثائر ومناضل يرتدي رداء الحرية ويتشح بوشاح الثورية ويقف في وجه الحاكم الظالم وينادي بالعدالة والكرامة وتنتفخ أوداجه ويتحشرج صوته في صراخ متصل وعصبية لا تهدأ فإذا به جمرة من نار ولهيب من ثورة تحرك الشباب وتلهم الصغار وتبهر الكبار فيصبح أيقونة للحرية وللمعارضة وللقوة ولكنه ما يلبث إلا أن يؤدي دوره علي خشبة المسرح الميداني الثوري ثم يختفي في ظروف غامضة تاركا علامات استفهام وتعجب، والأخطر غرقة ووكسة ومصيبة علينا أن نعيشها ونشربها ونتحملها، أما الشباب الذي صدقه فقد تركهم لأقدارهم من سحل وسجن وقتل وتهديد ووعيد، فهل كان هذا الثوري مجرد كومبارس في التمثيلية الممولة للربيع العربي الكاذب المخادع؟ أم أنه بطل خانه النص وصدقه الجمهور؟!
الوجه الرابع: وجه له ملامح مصرية تحمل التاريخ بين خطوطها ورائحة النيل تنبع من عيونها وصوت الأجداد يدوي في ضلوعها، ذلك الوجه واثق صامد في كبرياء فرعوني وسماحة قبطية وإيمان إسلامي وشهامة عربية ومع هذا يقف الوجه وحيدا في مقابل تيارات وتوجهات ولا يحيد ولا يلين ولا يبيع ولا يرضي بغير الوطن بديلا بغير الحق رفيقا وبغير الإنسان صفة ودليلا.. وجه تبحث عنه في كل الوجه وتحلم به في الليل والنهار وتأمل إن وجدته ألا يكون مجرد قناع أو كومبارس مؤقت أو بطل فاشل أو مدع فاجر.. ذلك الوجه المصري الأصيل والرجل الإنسان وليس العبد المملوك قد أصبح عزيز المنال صعب الاحتواء مستحيل الوجود.. لكنه أكيد موجود ومتواجد بيننا ظاهر أو غائب، فلابد أنه مولود في زمننا هذا أو في زمن قادم.. وجه من بين ملايين الوجوه يعيد إلينا مصرنا وحلمنا وعمرنا وقد سلبه منا أشباه رجال وعبيد سلطة ومال وكابوس مأفون ملعون.. أضاعنا وأي وطن أضاعوا!!!