رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رصاصة للبيــع

لم تعد الرصاصة فى جيب المصرى تعبيراً عن استعداده الدائم للحرب والقتال والدفاع عن وطنه ضد أعدائه الذين اغتصبوا أرضه يوماً واعتدوا على عرضه وسلبوه كرامته ورجولته حين انهزم الجندى المصرى ومات الحلم العربى فى 6 ساعات يوم 5 يونيو 1967، فانتفض الغضب والثأر داخل كل مصرى وكل عربى ليعود المصرى ويستعيد أرضه وكرامته وهو مصمم على أن الرصاصة ستستمر فى جيبه «الرصاصة لاتزال فى جيبى» مؤكداً أنه لن يغفل أو ينام أو يؤخذ على خوانة من أى زعيم أو رئيس أو عدو أو حبيب.

هذا ما سطره الكتاب وأبدعه المبدعون بعد نصر أكتوبر 73، ولكن وبكل غدر وخسة ونذالة انطلقت الرصاصة من يد مجموعات إرهابية ترتدى البدلة العسكرية فى يوم النصر لتقتل رئيس وزعيم وبطل حتى ولو كانت له أخطاؤه.
تلك الرصاصة التى قتلت رئيس مصر كانت الشرارة التى حولت الوطن إلى ساحة للإرهاب والعنف الممنهج والمبرر، والذى تخفى تحت عباءة المد الدينى وشرع الله الذى يبيح قتل النفس التى حرم الله قتلها، ومع تلك الرصاصة الغادرة المسمومة انتشر فى ربوع مصر شمالها وجنوبها ما يسمى بالحركات الجهادية والإسلامية والتى عملت فى الظلام وفى السر وتخفت فى القرى والأحياء الشعبية وطرقات الجامعة والنقابات، وتلونت ما بين أجنحة سياسية وأخرى دعوية وجهادية وإرهابية، المهم أن الدين هو الستار وهو المظلة، والفتاوى جميعها تأمر بجهاد ومقاتلة من يخالف شرع ليس الله عز وجل ولكن شرع وشريعة وقانون تلك الجماعات المنظمة الممولة من الخارج ومن الداخل، وكلما زاد القهر والظلم والفساد فى أرض مصر انتعشت تجارة الدين وحلقات الدعوة ودروس الأخوة والأخوات وتدريبات المجاهدين والميليشيات، ودولة الظلم تتابع وتشاهد وتعقد الصفقات وتوزع الأدوار، هناك من يعتقل وهناك من يصافح وهناك من يدخل المجالس النيابية وهناك من يظهر على الشاشات ليدعو إلى الفضيلة ويلقى بالفتاوى ويهيئ المناخ، وهناك من يترك فى الجبال والصحراء يتدرب ويجاهد مرة فى أفغانستان ومرة فى باكستان ومرة مع مقاومة لبنان أو الضفة أو غزة.
المهم أن تظل تلك الجماعات المتسربلة بعباءة الدين فى المشهد السياسى لترهب المصريين وتخيف الأوروبيين والأمريكيين فيظل الحاكم والنظام الفاسد يجثم على صدورنا.
«أنا أو الفوضى»، «أنا أو الإخوان» التوريث هو الحل للحفاظ على الدولة المدنية حليفة الغرب وحامية السلام وإسرائيل، ويصدق المصريون وتستمر ثلاثون عاماً ونحن نربى الوحش المارد داخل كل بيت وكل قرية وكل شارع ونقابة وكلية ومعتقل ووسيلة إعلام، حتى تنفجر ثورة غضب ضد الفقر والظلم والقهر فيخرج المارد الذى رباه النظام ورعته دول الجوار ودول العار ومنحناه نحن المصريين حق الانتشار وحق التواجد لأنه مارد يعرف ربنا ويخافه ويطبق شرعه وأيضاً مارد مظلوم مقهور عاش سنوات فى القمقم ومع هذا فهو مارد منظم لديه كوادر وميليشيات وأموال وأملاك وقوة وسطوة على الفقراء والنقابات والمتعلمين والبسطاء والنساء والرجال والأهم لديه أرضية سياسية فى الخارج ويتعمل له ألف مليون حساب.
الرصاصة لم تعد فى جيب المصرى ولكنها أصبحت للبيع، من يدفع أكثر يشترى ويضرب ويقتل، ليس

عدو الوطن ولكن ابن الوطن وشقيق الأرض والعرض بعد أن خرج المارد واعتلى الحكم، أصبح المصرى بلطجى وفلول وممول وله أجندات، أما المرأة المصرية فبعد أن كانت ست البنات ومن الحرائر إذا بها سافرة سبية مستباحة تضرب وتسحل ويتحرش بها لأنها ليست على دين وشرع، ذلك المارد الذى يرتدى عباءة الدين ويتمسح بمسح الشرع ويرهب الناس بالحلال والحرام والجنة والنار ويتوعد كل من يخرج على شريعتهم بالويل والبثور والحمأ المسنون.
لقد أصبح المصريون أسرى وعبيدا وسبايا لهذا المارد بعد أن سقطت شرعية القانون وضاعت هيبة القضاء وتكسرت الشرطة وانقسم الشارع فإذا بالرصاصة للبيع فى الشوارع والمحلات وعلى الأرصفة وإذا بالمصرى يستعد ليحشو سلاحه أو يمسك عصاه او يملأ مولوتوفه ليضرب ويقتل ويحرق وطنه وأرضه وأخاه كله باسم الشرع والدين والقصاص من مصر وأبناء مصر وأهل مصر وأرض مصر وأطفال ونساء مصر. لا بديل عن الرصاص ولكن ليس لقتل الوطن وأبنائه ولكن لحمايته من الضياع. الجيش المصرى يتابع والرصاص فى جيبه لكنه لن يطلقها على مصرى أياً كان حتى ولو كان ذلك المارد المستتر بعباءة الدين وشرع الله كما يدعون ولكن.. على القوى المدنية جميعها أن تطلق صفارة الإنذار للعالم أجمع ولمصر بأن القوة والإرهاب لن يرتعوا أحرارا فى غطاء من شرعية ديمقراطية كاذبة وخادعة وإنما تسقط الشرعية التى أسقطت الإعلان الدستورى وأقالت نائباً عاماً لتأتى بنائب خاص وأطلقت ميليشيات تضرب وتشعل وتحرق المنشآت والمصريين صغاراً وكباراً، وسقطت الشرعية بعد أن أصبح المصرى أسير حرب له 3 أرغفة و5 لترات بنزين وسولار وشارع يمشى به وآخر لا يقربه ووطن معروض للبيع فى صكوك إسلامية وطرق مقطوعة وأموال منهوبة وكهرباء مقطوعة ومياه ملوثة بالمجارى وعملة فقدت قيمتها، والأخطر جيش يقتل على أرضه ويهان ويسب من أهله وعشيرته وجيرانه.
الرصاصة أصابت مصر فى قلبها وعينها وروحها ولكن مازالت فى جيب الجندى المصرى تنتظر أمر الله لتحمى مصر من كل غادر وكل مارد حتى لو كان قد خرج من الصندوق.