رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الرئيس الحائر

اختار السيف الذي يفرضك ولكنه يعرضك.. أم القانون الذي يتحداك ولكنه يحميك.. هذه هي المعضلة أو المشكلة التي تواجه الرئيس محمد مرسي ولكنها جاءت علي لسان القاضي في مسرحية توفيق الحكيم الشهيرة «السلطان الحائر» عام 1960 التي تعرضت لقضية تاريخية كان بطلها قاضي القضاة وسلطان العلماء

الذي أتي من الشام إلي مصر فوجد المماليك الذين يحكمون مصر 1181 - 1262 مازالوا عبيداً لم يحرروا فقضي أن يباعوا في مزاد علني ثم يتم تحريرهم ليكونوا أمراء وملوكا يحكمون أحراراً فليس من المنطقي أن يحكم العبيد حراً، وفي مسرحية الحكيم كان السلطان عبداً مملوكاً فخيره القاضي بين حكم السيف ليخرس ألسنة الشعب والعامة ويفرض قوته وسطوته وبين حكم القانون الذي يقضي بأنه يجب أن يباع ثم يعتق حتي يكون حراً جديراً بحكم المصريين الأحرار وينصاع السلطان بحكم القانون ويباع للغانية التي تعتقه وتحرره علي الرغم من أن وزيره مازال يؤمن بالقوة والسيف والتضليل لدرجة أنه يأمر المؤذن بالأذان للفجر قبل موعده حتي تعتقه الغانية، لكن السلطان احتكم إلي القانون والشرع والدين ورفض أن يعتق قبل موعد الفجر الطبيعي.
إن ما يواجهه الرئيس محمد مرسي اليوم لهو أقرب ما يكون إلي سلطان الحكيم الحائر لأن الرئيس مرسي لديه مقومات الحكمة والمعرفة والسياسة بحكم علمه ووظيفته كأستاذ هندسة وأيضا برلماني سابق وعضو فاعل في جماعة الإخوان ورئيس حزبهم الحرية و العدالة ومن ثم من غير المنطقي أن يصل به الأمر لأن يصبح مجرد رئيس لجماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسي فينفذ قرارات السيد المرشد العام دون الرجوع الي مستشاريه ودون الرجوع حتي للقانون وللإعلان الدستوري الذي رفضناه في مارس 2011 ولكنه أتي به الي الحكم وأدي اليمين ثلاث مرات علي احترام القانون والدستور «يقصد الإعلان الدستوري الأول والثاني» مرة في التحرير ومرة أمام المحكمة الدستورية العليا ومرة في جامعة القاهرة وهو ما يؤكد أن شرعية الرئيس قد استمدها من الإعلان الدستوري والانتخابات وتحصين لجنتها وقراراتها من أي طعن في صحتها مما كفل للرئيس شرعية بحصانة قانونيا ودستوريا وشرعيا.
المفاجأة أن السيد الرئيس محمد مرسي قد أطاح بكل المقدرات الثانوية ومنح ذاته البشرية صفات تقترب من الألوهية والذات العليا بعد أن قرر في إعلان دستوري مكمل في 22/11/2012، بنص المادة الثانية أن قراراته محصنة ولا يجوز الطعن عليها أو مراجعتها سواء الماضية أو الحالية أو اللاحقة لحين صدور دستور وانتخاب مجلس شعب جديد؟!
أذكر السيد الرئيس بأن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم كان المولي عز وجل يراجعه في سورة التحريم وحين عاتبه علي عبوسه في وجه الأعمي وحين أمره بألا يكون فظا وغليظ القلب وإنما يدعو الي سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وأخيرا يؤكد الله لنبيه الكريم أن الرسول عليه البلاغ فقط وعلي الله الحساب، أما الخلفاء الراشدون فقد تمسكوا بالقانون والقضاء والشوري لدرجة أن الإمام علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين وإمام المتقين قد جلس أمام القاضي في خصومة مع يهودي وامتثل لأمر

القاضي الذي كان لصالح اليهودي ذلك لأن القاضي رفض أن يستمع لشهادة الحسين بن علي فأمر بأن يظل الدرع المتنازع عليها مع اليهودي.
هذه قصة أخري لخليفة المسلمين وهو من هو يخضع للقضاء ويرضي بالقانون حكما وعدلا وحقا فكيف لرئيس في القرن الواحد والعشرين جاء بالشرعية الدستورية لكن بعد ثورة أن يعود بمصر وبالمصريين الي عصور الظلام وحكم الفرد المنزه أو الملك الإله الذي لا يخطئ وهذا بدعوي حماية مكتسبات الثورة ولكأن الثورة هدف وليست مجرد وسيلة إلي غاية أسمي تسمي «الحرية» والعدالة والكرامة.
إن ما فعله نادي القضاة في جمعيته العمومية يوم السبت 24/11 لهو وقفة تاريخية لرجال مصر الشرفاء من قضاة ومحامين ورجال نيابة وحتي أساتذة القانون وفقهاء الدستور فقد أكدوا جميعا أن مصر بلد القانون وأن رجالها ونساءها أحرار وليسوا عبيدا يحكمهم رئيس دون قانون ودستور وطالبوا الرئيس بأن يلغي ذلك العوار القانوني والإنساني في حق الحرية والعدالة فالحق حق والعدل عدل رغم المغرضين والذين يلوحون بالقوة والسيف ويهددون كل من يعارض بالسجن والقتل في تصريحات مخيفة للنائب العام الجديد، الذي هو فرد من عائلة مستشار الرئيس محمود مكي ووزير عدله أحمد مكي، فهل من نصيب مصر أن تظل تدور في فلك العائلات والتوريث العلني للمناصب ومفاصل الدولة؟!
السيد الرئيس محمد مرسي أوجه لك خطابا ونداء من مواطنة مصرية أطالبك فيها بأن تعود الي أدبيات العمل الجامعي وتتمسك بسلوك أستاذ الجامعة والعالم والإنسان الذي يعرف أن البشر يصيب ويخطئ فليس من العلمي أو المنطقي أو الديني أن يصبح الرئيس إلها قراراته منزلة ،محصنة ضد أي قانون.. السيد الرئيس مصر تضيع بين سلطة السيف وسلطة القانون فاستمع لصوت العقل والحكمة والوطن وأكد لنا من لم يخترك أننا كنا علي خطأ وأنك حقا رئيس للمصريين جميعا وليس لمتظاهري الاتحادية وجماعة الإخوان ولتذكر دوما أن القوي هو من يحتمي بالقانون وأن خضوعك للعدالة مجد ورفعة وأن الرجوع للحق فضيلة تحمي مصر وتكتب تاريخكم من جديد.