رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجيل الضائع والسفارة

ما نراه الآن من فوضى وعنف وعبث أخلاقي وعشوائى ما هو إلا نتاج منظومة التعليم الفاشل الذي أفرز وأخرج هؤلاء الصبية والصغار إلى الشارع دون علم أو فكر وتركهم نهباً لخطباء

ووعاظ الزوايا والمساجد وشيوخ الفضائيات وأيضاً مدعى الحريات والليبرالية الخادعة، نظام التعليم الذي لا يجرؤ أى سياسي أو وزير أن يقترب من أسواره ويخرجه من حالة التردي والهوان التي وصل إليها حال المدرس والتدريس والفصول والكتاب المدرسي وحتي الكتاب الخارجي. كل هذه السلسلة المتصلة من الإخفاقات أدت وسوف تستمر في إغراق مصر وجيلها القادم من براثن الجهل والعنف وقد يصل الأمر إلى الاحتلال والاستعمار.

مجانية التعليم
اسأل أي عاملة أو فلاح أو موظف بسيط عما يدفعه في الدروس الخصوصية لطالب في المرحلة الابتدائية سواء في الحضر أو قرى مصر سوف تكون الإجابة أن التلميذ الواحد يتكلف من 50 إلى 150 جنيهاً شهرياً في مجموعة أو درس خاص وإذا كانت الأسرة مكونة من 3 إلى 5 أطفال فإن متوسط الإنفاق على الدروس الخاصة يتراوح ما بين 500 و800 جنيه شهرياً لهذا فإن العديد من الأسر تعلم الصغار حتي الابتدائية وبعد هذا تنتقي الصبيان وتترك البنات في البيت أو ترسل الصبية إلي الشارع ليتعلموا حرفة أو تجارة مناديل أو شحاذة، المهم أن النتيجة هي أن تكلفة الطفل في المدرسة تدفع خارج إطار التعليم العام لهذا فإن المدارس الابتدائية وصل عدد تلاميذ الفصل الواحد بها إلى (80) تلميذاً في غرفة ضيقة ومدرس أو مدرسة لم يتلق علماً أو تدريباً كافياً، بالإضافة إلى أنه فى بعض المدارس قد يتقاضى من 50 إلى 115 جنيهاً شهرياً لكن بعد الثورة وصلت الزيادة إلى 175 جنيهاً!!، فهل بعد هذا يتم تعليم أو تربية هؤلاء الصغار الذين ما أن يعودوا ديارهم إلا ويجدوا مجاري وصرفاً صحياً مخلوطاً بمياه الشرب وكهرباء مقطوعة ورغيف عيش مخلوطاً بالرمال؟
القرار الجريء لأى وزير تعليم يبدأ بأن التعليم مجاني حتي المرحلة الجامعية ثم بعد ذلك يكون وفق القدرة المالية أو الذهنية حتي تستقر أموال التعليم العالي في بناء مدارس وإصلاح أحوال المعلمين وذلك كمرحلة انتقالية يبدأ بعدها في أن توفر الدولة التعليم الابتدائي والإعدادي مجاناً ثم يكون الثانوي مثل الجامعي، وهو نظام يتم اتباعه في أكبر الدول الديمقراطية والتي تمر بما نمر به الآن من تدهور اقتصادي بدلاً من حكاية الشحاذة من رجال الأعمال للإسهام في التعليم.

المعلم وأحواله
إذا بدأنا بإصلاح التعليم والمدارس من الخارج بتوفير الأماكن المناسبة والفصول الصحية والبيئة التعليمية السليمة فإنه قبل تغيير المناهج وتعليم الطلاب عبر الكمبيوتر أو الإنترنت علي الوزير أن يطالب كليات التربية

بتغيير المناهج وأساليب التعليم وأن يكون تعيين المعلم وفق اختبارات تخضع لمعايير دولية وعلمية وكل هذا لا يدخل في إطار الكادر ورفع الأجور لأنه في الأصل لا تعيين إلا للكفء والقادر علي تعليم وإنشاء جيل صحي، ولكن الكارثة أنه في العديد من المدارس مرتب الفراش والدادة يتجاوز مرتب المدرس حديث التعيين ومكافأة الامتحانات توزع على عمال النظافة والبوفيه بذات القدر كما علي المعلم والأستاذ في تكافؤ غريب للفرص والعمل والعدالة الاجتماعية لهذا فإن المدرس ينفر من المدرسة ويكره التلاميذ ويقرر أن سبيله الوحيد لتأكيد تميزه العلمي هو من خلال الدروس والمجموعات والكتب الخارجية حتي يشعر أن علمه وتعبه يستحقان العناء فكيف لمن لم يعمل بالتدريس أن يتصور (80) طفلاً من بيوت مختلفة وأسر غريبة قد اجتمعوا في حيز ضيق لتلقي العلم والتعرض للمعرفة والثواب والعقاب وعلى المدرس الغلبان أن يدرس ويربي ويعلم وهو ذاته فاقد لكل معاني الإنسانية وسبل العيش الكريم.

التعليم والكتاب
أحدث تصريحات وزير التعليم الجديد أن التعلم علي طريقة الكتاتيب هو خير وسيلة للتعليم وهو تصريح سمعته بأذني عبر شاشات القنوات المصرية الرسمية وإذا أراد أي قارئ التعليق فإن عليه تذكر العصر الحديث الذي نعيشه والفضاء الفسيح الذي يحوطنا والتكنولوجيا المبهرة المخيفة التي دخلت حياتنا جميعاً والتطور غير العادى في أساليب وطرق التعلم للصغار عبر وسائط تعليمية بصرية وسمعية وإلكترونية تتفق وعصر الصورة والاتصالات التي نحياه ويتنفسه صغارنا ومن هنا لا تعليق علي تصريحات الوزير لأنها بكل أسف وأسي وحزن وخوف تعكس فكر ومنظور الوزير وحكومته تجاه التعليم والمناهج وبناء الدولة الحديثة التي تستطيع أن تقف أمام سفارة أمريكا وهي تملك قوت يومها وقمعها وسلاحها وبنزينها ومن ثم إرادتها.. التعليم هو السلاح الحقيقي للجيل الضائع.