رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مشايخ ومماليك وعسكر

عجباً لتاريخ يعيد قراءة أحداثه وشخوصه وأحزانه علي أرض مصر المحروسة البهية أم طرحة وجلابية التي يشيب الزمان وتظل شابة وعفية قادرة على الصمود والتحدى وتجديد دمائها وقهر أعدائها وأحزانها وإعادة الضحكة إلي وجهه الحزين، وهذا ما يستطيع أى مشاهد أو متلق أن يتابعه مع مسلسل «نابليون والمحروسة»

من إخراج شوقي الماجرى وحوار عزة شلبى في عمل فني درامي سياسي تاريخي يقرب من الملاحم العالمية وكلاسيكيات الإبداع الأدبى والدرامى لاعتماده على نصوص تاريخ الجبرتي وشهود العيان علي تلك الحملة وهذا الغزو الفرنسي لمصر المحروسة في نهايات القرن الثامن عشر 1798.. فقد عرض العمل في لغة درامية وسينمائية غير مألوفة لأحوال المصريين إبان الغزو الفرنسي سواء في المحروسة أو في القري المحيطة أو علي الثغور بالإسكندرية ودمياط ورشيد من خلال قصص إنسانية ارتبطت حكايات أبطالها بروابط المكان أو الزمان الذي عرضهم جميعاً إلى أهوال تلك الغزوة وهذه الهجمة الاستعمارية والتي قد يصورها البعض علي أنها نقلة حضارية لمصر ساعدتها علي الخروج من عصور الظلام والجهل في عهد المماليك والمشايخ وذلك علي يد عسكر الفرنجة وجنود بونابرت ذلك الديكتاتور الذي خطف الثورة الفرنسية وأذل وقتل ودمر المصريين باسم الحرية والمساواة والإنسانية مردداً شعارات الثورة الفرنسية.
المماليك في نهايات حكمهم أشاعوا الجهل والفقر والذل وتعاملوا مع الفرنجة في تجارتهم وحرموا شعبهم من كل مظاهر ومعاني التقدم فلا مستشفيات ولا علاج ولا تعليم سوي الكتاب ولا تجارة إلا من خلالهم ولا صناعة، والأخطر من كل هذا كانت مصر المحروسة بلا جيش وإنما كان المماليك يجوبون الأرض فساداً ويهجمون علي القري التي تعيش علي الكفاف وليس بها أمن أو أمان وحين يهاجمون الفلاحين البسطاء يخطفون أبناءهم ورجالهم وصغارهم ويتركون البيوت للنساء والعجائز والمرضي والشيوخ فيصبح هؤلاء لقمة سائغة وفريسة هينة لأي غاز أو عدو ومن يحاول الهروب من قدره تتخطفه عصابات البدو والعربان ليبيعوه في سوق النخاسة جواري وعبيداً، أما إذا دخل الفرنجة فإنهم يحرقون البيوت والأراضي ويسبون النساء ويقتلون الرجال ويلقون بجثثهم في البحر أو النهر وكل هذا تحت مرأى ومسمع المشايخ العظام الذين سمعنا عنهم في كتب التاريخ والتراث وكم حدثونا عن مشايخ الأزهر من الشرقاوي إلي المهدي ومكرم والجبرتي وهم يحاولون ويجاهدون في التصدى لغازي عسكر الفرنساوية ومع هذا فإنهم تركوا أهل المحروسة في الجهل والفقر والمرض فاكتفوا بالدعاء والصلاة وحسبى الله ونعم الوكيل يرددونها ويبكون ونبكي معهم وعليهم.
ولكل من نادي يوماً بسقوط حكم العسكر وكل المثقفين والسياسيين والليبراليين الذين مازالوا يتحاورون ويتباحثون في غرفهم المغلقة أو علي صفحاتهم الإلكترونية أو داخل مكاتب لجان تأسيسية الدستور وهم يتحدثون عن وضع الجيش المصري وصلاحياته ومكانته فإنهم مدعون إلي بعض القراءة المتأنية أو إن لم يسعفهم الوقت فيكفيهم المتابعة لهذا المسلسل الدرامي حتي يعرفوا ماذا يعني أن نسقط جيش وطن بعد أن دمرنا جهازنا الأمني بالحوارات واللقاءات وحقوق الإنسان والمنظمات المدنية الممولة من أبناء الفرنجة وأحفاد بونابرت أصحاب الحرية والإخاء والمساواة، فالمحروسة قبل جيشها الذي أسسه وكونه محمد علي باشا في بداية القرن التاسع عشر كانت نهباً

للغرباء والفرقاء والعربات والفرنجة حتي إن الصغار كانوا يعملون جنوداً في جيش تم خطفه من القري دون تدريب أو علم أو أسلحة أو خطط ولكن مماليك ظالمون ومشايخ معنيون بأمور الدين والفقه وبمكانتهم في المجتمع وعسكر فرنساوية حضروا بالأمس كحضورهم اليوم لإرساء مبادئ الحرية والديمقراطية وهم في واقع الأمر وحقيقته قتلة ومستعمرين يبحثون عن المال والتجارة والثروات التي تزخر بها أرض الشرق والكنانة المحروسة.
فهل لنا الآن أن نري المشهد المصري في ظل ما حدث في الماضي نعتبر لما يراد بنا فإذا كانت آخر الجيوش العربية في سوريا قد انقسمت في حرب تمولها دول الجوار كل يريد السيطرة علي أرض الشام وبدلاً من أن تدمر إسرائيل سوريا فإنها بكل هدوء ونعومة سياسية تركت المهمة لأهلها وجيشها، فالسعودية وقطر باعتراف أحد ثوار سوريا علي شاشة قناة النيل يوم السبت 28/7/2012 ذكر بالحرف الواحد أن ما دفعته السعودية وقطر هو مجرد 15 مليون دولار للجيش الحر في مواجهة الجيش النظامي السوري والذي بالقطع تموله إيران ومن هنا فإن الحرب والجيوش السورية تحارب للآخرين وتدمر ذاتها بذاتها والجولة القادمة يجب أن تكون المحروسة حتي تستكمل الصورة والخطة فلا جيش في العراق ولا سوريا ولا لبنان ولا السودان ولا ليبيا والأخطر مصر فإن جيشها يجب أن يهان ويحاكم ويتم تفكيكه سواء في دستور أو من خلال حرب نفسية وإعلامية وسياسية تضع العسكر في مواجهة الحريات وفي مواجهة الأحزاب خاصة الأحزاب الدينية السياسية والتي يفخر قادتها اليوم بأنهم قد شهدوا مقتل السادات وفرحوا وهللوا في الشوارع قبل اعتقالهم وهو ما ذكره «منتصر الزيات» في حوار تليفزيوني علي شاشة الثانية مع هويدا فتحي بكل فخر وسعادة.. فهل من المنطقى أن يفخر ويسعد مصري بقتل رئيس جمهوريته لاختلافه مع أفكاره السياسية؟! وهل يكون القتل في لحظة الاحتفال بنصر أكتوبر وهزيمة إسرائيل؟! من لا يعرف الإجابة عليه أن يقرأ المقال والتاريخ مرة أخري ومن يعرفها فإن عليه أن يبدأ في التصدى بقوة للمؤامرة الكبري والغزو الجديد وكفانا مماليك ومشايخ وعسكر مستعمرين.