رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخوان المصريون

عندما ظهرت نظريات شارلز داروين عن الانسان وفكرة النشوء والارتقاء تلك التي هدمت الفكر الكنسي والديني في أوروبا وحطمت الملكية والدماء الزرقاء وقضت على كل أنواع السلطات الأبوية بمعنى أي سلطة تغطي ذاتها وتمنح نفسها الحق في فرض الرأي بقوة التواجد الديني أو الملكي

أو الأبوي، فإن هذه النظرية في مجملها تطرح رأياً جريئاً أو مغايراً عن أن الانسان ذلك المخلوق الراقي الذي نفخ فيه المولى من روحه وشكله على أحسن صورة وجعل الملائكة تسجد له ورفض ابليس وأعوانه فكان خروجهم من جنة الخلد والحضرة الالهية عقاباً على العصيان والكبر وعدم الاحترام والامتثال للأمر الإلهي بأن ذلك المخلوق الجديد من طين ونار وحمأ مسنون وروح إلهية والمسمى انسان فهو المخلوق الذي أودعه الله سره وعلمه الأسماء كلها وجعله خليفة في الأرض، هذا المخلوق السامي يستحق من الجن والملائكة أن يطيعوه ويسجدوا لخلق الله العظيم، فإذا بداروين العالم الانجليزي يفجر كل تلك المعاني السامية ويقول ان الانسان مجرد حيوان أو قرد، تطور في الخلقة والنشأة حتى ارتقى ووصل الى تلك الصورة الآدمية الجديدة في صورة بشر أصله حيوان أو بمعنى آخر ان الانسان تتنازعه مشاعر وسلوكيات وجينات حيوانية قد تؤكد تلك النظرية الدارونية التي قلبت موازين الفكر الديني الكنسي والملكي والأبوي في أوروبا والعالم الحديث في نهايات القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا..
فهل لنا في مصر أن نذكر ثورة 25 يناير ونربطها بهذه النظرية الدارونية ونعقد مقارنات جديرة بالملاحظة والدراسة في أن الانسان المصري بعد الثورة قد تخلي عن الكثير من صفاته المصرية الأصيلة وبعد أن حطمت الثورة فكرة السلطة بكل أشكالها خاصة سلطة الدولة ومفهوم المؤسسات الثابتة مثل الشرطة والجيش والقضاء وبالقطع قبل كل شىء سلطة الفرد أو الرئيس، فشعار ثورة 25 يناير كان الشعب يريد اسقاط النظام «فهل كان النظام مطلقاً أم خاصاً أي هل كان المعني نظاماً فاسداً لرئيس فاسد وحاشية فاسدة ومؤسسات فاسدة أم أن النظام كان يعني كل أشكال وأنواع الأنظمة المتعارف عليها في العالم والتي تضمن ألا يتحول المجتمع الى غابة يستطيع القوى أن يفرض فيها نظامه وفكره ودولته عن طريق القوة بكل اشكالها وصورها فإذا كنا في الشارع فالذي يحمل سلاحاً أبيض أو مسدساً أو بندقية أو حتى يركب ميكروباص قادر على أن يفرض سطوته وقوته على الشارع فلا عجب من فوضى مرورية وباعة جائلين وخطف وسرقة في وضح النهار وذلك الخوف المستمر في الشارع ليل نهار لأن النظام قد سقط بالفعل، ليس نظام مبارك ولكن نظام الدولة بكل مؤسساتها.
حتى القضاء لم يسلم من التعليق والتعقيب والرفض والثورة والاعتصام من حكم أصدره قاض لا يملك إلا أدلة ومعطيات لا يمكن ألا يحكم الا من خلالها ومن خلال قانون يحكمه ويحكمنا فإذا مطالبة الثوار والساسة الأفاضل بمحاكم ثورية فانها قد تأتي عليهما يوماً ويصبحون هم في

قفص الاتهام حيث لا مرجعية ولا دستور ولا قانون الا ذلك الصوت العالي الهادر المخيف الذي قد يدمر أو يحرق أو يخرج عن شعوره الانساني الى جيناته الداروينية الحيوانية مثلما يحدث بين المرشحين للرئاسة وانصارهم فكل فريق يكيل للآخر الاتهامات ويتعصب لموقفه ولمرشحه وقد يصل الأمر الى أن يقاطع الأخ اخاه والابن أباه والجار جاره والصديق صديقه لمجرد الاختلاف حول المرشح الرئاسي القادم.
أما الخطر الحقيقي فهو ذلك الاتجاه الى تخوين الآخر وليس احترامه فاذا كان المرشح هو شفيق فانه يوصف بالفلول ومن يتبعه خائن للثورة وللثوار.. فلا أمل في الاصلاح ولا التغيير أما إذا كان المرشح مرسي فإنه هو الآخر يوصف بالمتعصب المتشدد الذي ينتمي الى جماعة الإخوان المسلمين التي أرهبت المصريين والعالم بالفكر الدموي الارهابي ومن ثم فلقد تحول المصريون الى فرقاء وإلى أعداء كل يتربص بالآخر والساسة والاعلاميون ينفخون في النار ويشعلونها فتنة مصرية وليست فتنة طائفية، فتنة تدمي وتجرح وتحول المصريين جميعاً لأن يدخلوا في حرب نفسية وسياسية وفكرية قد تصل بنا الى حرب أهلية وبهذا ننسى آدميتنا وانسانيتنا ومشاعر البشر الحقيقية من حب وتسامح وعطف ومودة وأخوة ويخرج ما بداخل كل منا من حيوانية وعدوانية تؤكد نظرية داروين وتجعل من ثورة 25 يناير نقطة فاصلة في تاريخ مصر الحديث غيرت من الجينات فلم نعد نحن المصريين إخوة وإنما فرقاء وأعداء نتخفى خلف أقنعة الانسانية والثورية ونلبس قميص عثمان بينما الواقع والحقيقة أننا فقدنا معنى الانسان وعظمته التي دعت المولى لأن يأمر ملائكته والجن بأن يسعدوا له تعبيراً عن مكانته وجلال خلقه ورفعة قدره عند الله لكنه في النهاية انسان يحن دوماً الى طين الأرض التي أتى منها وإليها يعود.. فهل كان داروين منصفاً أما زنديقاً؟ وهل الثورة تصلح نظاماً أم تسقط كل الأنظمة؟ وهل نحن إخوة مصريون أم أعداء وطنيون؟ الإجابة في السؤال والحل في الإنسان.