رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ابحث عن المرأة

فتش أو ابحث عن المرأة وهو ما كان يردده الفنان القدير استيفان روستي بلغته الأجنبية «شرشاي لاڤام» عندما تقع جريمة أو جناية أو خيانة أو أي تغيير في سلوك البطل الهمام، فإن المسئولة الأولي عن كل هذا هى المرأة، تلك التي أخرجت آدم من جنة الخلد وغوته لأن يأكل من الشجرة المحرمة وهو ينصاع إليها دون أي تفكير مع أن الحقيقة الدينية

أن كليهما مخطئ وأن كليهما قد ارتكب الخطيئة الأولي في العصيان والغواية لكن الأساطير كلها تلقي باللوم علي «حواء» أو الحية الرقطاء التي جعلت البشر ينزلون من الفردوس الأعلي ليعيثوا في الأرض فساداً واستكمالاً لذلك الموروث البشري بصيغته الدينية المغلوطة التأويل نجد أن هيلين ملكة طروادة في أثينا هي التي أشعلت حروباً استمرت مائة عام وسجلها الشاعر الأفريقي الشهير هوميروس في ملحمة الألياذة والأوديسة، ولأننا منبع الغواية وأصل الخطيئة فإنه لابد من استغلال موقف سياسي وتجاوز أمني لصالح القوي السياسية ولضرب المؤسسة العسكرية وتحويل القضية إلي جسد امرأة تعري عمداً من قبل العسكر. ومن ثم يخرج رجال مصر ونساؤها ليرفضوا الانتهاك والتعري وإهانة المرأة؟! أي والله..
أين كان هؤلاء الشرفاء الغيورون علي المرأة وعرضها وجسدها حين التحرش بها نهاراً جهاراً في الشوارع وأمام أعين المارة ولا يحرك أحد ساكناً ولنا أن نتذكر فتاة العتبة التي فقدت عذريتها علي سلم الأتوبيس في شهر رمضان المبارك وصام الجميع وصلوا وكبروا وهللوا وأفطروا لكنهم لم يغيثوها!!
أما في شوارع مصر وآخرها حادثة شارع جامعة الدول العربية منذ أربعة أعوام فإن ذات الحادث تكرر ولم تطرف عين لأحد إلا أنهم اتهموا النساء بالتبرج والإباحية وعدم الاحتشام والحجاب أو النقاب وأرجعوا الأمر لأن الفتيات خرجن سافرات متبرجات في يوم العيد وكان أحري بهن أن يلزمن الديار.
أما بعد ثورة 25 يناير فإنه في يوم 8 مارس 2011 خرجت جمعيات نسائية وحركات شبابية ناشطة لتعبر عن موقف المرأة المصرية وحقوقها التي علي وشك الضياع وتؤكد أحقيتها في أن تمثل نيابياً وسياسياً سواء في لجنة الإعلان الدستوري أو في الوزارة أو في لجان الحوار والوفاق أو في قانون الانتخابات والقوائم النسبية أو في ترشيح الأحزاب أو في المجالس العرقية والعائلية ولجان تقصي الحقائق حتي المجلس الاستشاري واللجنة التأسيسية لوضع الدستور، في ذاك اليوم تعرضت نساء مصر «الحرائر» الشرفاء إلي التحرش والتعدى اللفظي والحركي والسب والقذف لدرجة إجبارهن علي الخروج من الميدان وكان كل هذا بدافع تيارات دينية سلفية متعصبة تجد مكان المرأة في البيت أو مجرد وردة أو زوجة فلان أو كائن مغطي بالسواد لا نعرف له ملامح أو هوية، المهم أنه في ذاك اليوم المشئوم تعالت صيحات بضرورة إعادة النظر في جميع القوانين التي اكتسبتها نساء مصر من خلال محاكم الأسرة أو المجلس القومي للمرأة من حق الخلع أو النفقة أو الرؤية أو الحضانة ومعظمها قوانين أقرها الشرع من قرآن وسنة والآخر تم إصداره بفتاوي شرعية ونصوص قانونية من فقهاء في الدين والشريعة والقانون وحقوق الإنسان والمرأة باعتبارها كائن حراً مساوياً للرجل في الحقوق والواجبات في ذلك اليوم الذي أهينت فيه الحركات النسائية واعتدي الجمع

علي النساء السافرات الخارجات علي الشرع كما في عرفهم لم نسمع عن الحرائر في مقابل الإيماء أو الجواري ولكأن الاعتداء بالتحرش والسبة والتطاول حق مشروع تحت عباءات تدعي امتلاك الحقيقة وإقرار الحلال والحرام.. والكفر والإلحاد.. ولأن الفتاة المصرية حين خرجت في ثورة 25 يناير جنباً إلي جنب مع الفتي والشاب لم تكن تتعامل من منطلق الاختلاف النوعي أو الجنسي وإنما لكونها مواطناً مصرياً وليس مجرد أنثي فإن التعامل معها في فض الاشتباك العنيف القاسي من جندي مصري يحمل شرف العسكرية، هذا التعامل كان باعتبارها مواطناً أو ثائراً أو مشاغباً وكأن حفظ الأمن أو الاعتداء غير المبرر يتساوي فيه الرجل والمرأة دون النظر للتعري أو لفكرة الانتهاك للعرض وللجسد.. حق التظاهر السلمي والاعتصام السلمي مشروع وأي تجاوز إنساني بدعوي الأمن غير مبرر وغير مقبول خاصة من جنود مصر الشرفاء الذين حولناهم من الدفاع عن حدود الأوطان إلي مجرد عساكر أمن مركزي ومرور وأفراد لحفظ أمن المنشآت والمرافق الحيوية ثم إلي منطقة خطيرة ألا وهي الاحتكاك اليومي مع المدنيين والتصدي لما يسمي فض الشغب أو رفض الاعتصام أو حماية المرافق والمباني.
القضية هي أن القوي السياسية والدينية تريد الصدام الفوري مع المؤسسة العسكرية ولم تجد خيراً من مشهد الجندي والفتاة التي تعرف حتي تكتمل صورة الصدام وتشتعل النخوة في النفوس ويخرج الرجال والنساء لحماية الشرف وصون العفة ولكأننا ناقصات شرف وعفة.. نساء مصر حرائر إذا كان رجالها أحراراً يدركون أن المرأة ليست مجرد جسد يتعري أو يتنقب أو يتعجب وإنما المرأة المصرية مواطن مصري لا ينقصها عقل ولا دين وليست تابعاً وليست مجرد أنثي، المرأة المصرية قد تكون ببصيرتها مدركة لأبعاد أخطر من إدراك الرجال فزرقاء اليمامة وذات الهمة وإيزيس وبلقيس وحتشبسوت وكليوباترا حتي شجرة الدر. كن ذوات فكر ورؤية وبصيرة يعجز عنها الكثير من أصحاب الشوارب والذقون.
ابحث عن المرأة تجد القلب والعقل يعملان بذات الكفاءة ومعهما حاسة خاصة لاستشعار الخطر ونحن علي المحك حين حولنا الصراع بين جيش مصر وفتيانها وفتياتها وهذا بداية الخراب والدمار.
د. عزة أحمد هيكل