عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تمثال العجوة

يساور الانسان الشك احيانا في أن اناس من هذا الشعب قد قاموا بثورة ، ونجحوا في ثمانية عشر يوما في التخلص من نظام حكم فاسد ظل جاثما على قلوبهم سنوات طويلة ، القوا برأس هذا النظام وعددا كبيرا من ذيوله خلف القضبان، وهبوا يصطفون في صفوف طويلة يمارسون حقوقهم الديمقراطية

في اختيار نوابهم ودستورهم ورئيسهم، ثم بدءوا يأكلون كل ما صنعته ايديهم وكأنها تماثيل عجوة عشقوها حتى جاعوا فقرروا التهامها.. البعض يأكل تمثاله لأنه لم يحقق له رغباته التي اشترطها عليه وهو يبنيه، والبعض الاخر يأكله لأنه ليس على هواه، لا يحب أن يراه في هذه المكانة العليا، ويرى نفسه أحق منه بهذا المقام الرفيع.. كيف أصنعك وارقيك واضع التاج على رأسك، ثم اجدني متوسلا اليك كي اتحصل منك على موعد أو تلبي لي طلبا؟ والبعض الثالث لا يحب العجوة نفسها، ومهما صنعت له منها من أشكال وأحجام ، فلن يرضى عن سقوطها وزوالها وأكلها بديلا، يريد تمثالا على السكين، قلبه أحمر وطعمه طيب.. والبعض الاخر يريد أن يكون هو نفسه التمثال، ولما لا .. ما الذي ينقصه؟  لقد كان على بعد خطوات قليلة من هذا الحلم، لكن ويال الاسف الشديد لم تكن كمية العجوة تكفي لصنع تمثال كامل، لم يكن الرأس موجودا.. وتمثال بلا رأس لن يجد من يعشقه.
ثائران رفضا أن يتشاركا في كمية العجوة .. كل منهما رأي نفسه في التمثال، وظن أن ما يمتلكه كافيا لهذا الغرض.. لكنه الطمع وسوء تقدير الامور، والزعامة الوهمية التي رسمها كل منهما في خياله.. عاشا في الحلم حتى استيقظا على كابوس الهزيمة، فجن جنونهما، وأقسما أغلظ الايمان على أكل التمثال وصاحبه مهما كلفهما ذلك من ثمن... الدعوة الى انتخابات رئاسية مبكرة تبدو حلا نموذجيا للدخول في الحلم من جديد لعله يكتمل هذه المرة .. كان حمدين صباحي وحده هو من يتبني هذه الدعوة .. كان حمدين واضحا ومباشرا منذ البداية، منذ أول كلمة خطت في الدستور الجديد، وهو يطالب بانتخابات رئاسية مبكرة تماشيا مع الدستور الجديد الذي يجب معه أن يعاد بناء مؤسسات الدولة جميعها من جديد بما فيها رئاسة الجمهورية، لم يسأل أحد حمدين إن كان هو من يسكن القصر، فهل يغادره طواعية راضيا مرضيا ليدعو الى انتخابات رئاسية جديدة؟!! .. وبمرور الوقت ومع الموافقة على الدستور الجديد، ومع فشل محاولات رفضه واسقاطه ، عاد حمدين وتياره الشعبي للتأكيد

على أن مرسي فشل في إدارة الدولة ووجب اسقاطه، ولكن لأنه لا يجوز اسقاط رئيس منتخب، وحتى لا تصبح سابقة تطول الجميع، أخذت الدعوة شكلا أكثر شياكة، وهو أن يدعو الرئيس نفسه لانتخابات رئاسية مبكرة للتأكيد على شرعيته التي فقدها بسوء ادارته للدولة طوال الشهور السابقة ، ومازال حمدين يدعو .. مؤخرا عاد عبد المنعم أبو الفتوح للظهور من جديد ، وكان يجب أن يكون ظهورا مدويا يعوضه غياب الفترة الماضية التي فقد فيها الكثير من البريق والوهج ، ولم يجد أنسب من تبني سياسة الهجوم العنيف ضد الدكتور مرسي وجماعته، مطالبا بضرورة اجراء انتخابات رئاسية مبكرة لانقاذ البلاد من الانهيار والسقوط .. كانت الدعوة غريبة على أبو الفتوح لأنه لم يرتدي ثوب حمدين منذ البداية، وكان رافضا بشدة مسألة اسقاط رئيس جمهورية منتخب، بل وظل يردد كثيرا أن الرئيس محمد مرسي يجب ان يستكمل فترته الانتخابية.. ما السر وراء انقلاب ابو الفتوح على الجماعة؟ هل تجاهل الرئيس لمبادراته للحوار أم رغبته في اللحاق بالركب الثائر أم شعوره أن مركب الاخوان بدأت تميل نحو احد جوانبها، وأن المياه بدأت تتسرب اليها، ولم يتبق على غرقها الكثير ، فقرر النجاة بنفسه ومناصريه، والعودة الى الظهور الفاعل في الساحة السياسية من جديد تمهيدا لانتخابات رئاسية قادمة؟ .. تبدو جميعها أسباب قابلة للتفكير والنقاش  .. ولكن واقع الحال أن أبو الفتوح وحمدين سقطا طوال الشهور الماضية، كما يسقط مرسي، وفقدا من أنصارهما، كما فقد مرسي، وأن انتخابات رئاسية جديدة لن تأتي بأي منهما مرة أخرى، كما أنها لن تأتي بمرسي ..والأيام بيننا.