رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إعلام الكبت الجنسى

لا يمكن لأحد أن ينكر على الإعلام حريته المطلقة في تناول مختلف القضايا والموضوعات بالمناقشة والنقد سلبا أو ايجابا، ولأن هذه الحرية ليست منه أو هبة من أحد أيا كان، فلا مجال للحديث عمن يمكنه منعها وحرمان المجتمع من أسمى حقوقه وهو الحق في المعرفة..ثورة الـ 25 من يناير أعطت لقيمة الحرية قدرها ومكانتها حين وضعتها في قائمة المطالب التي خرج الشعب من أجلها، وهو ينادي "عيش .. حرية .. كرامة اجتماعية" أدرك الناس وقتها أن العيش ليس بديلا عن الحرية، وأنه لا كرامة لإنسان بدون حرية أيضا.

البعض يخشى حرية الإعلام، ويخاف تأثيرها على الناس، وهؤلاء يدركون جيدا قيمة الإعلام ويعرفون سطوة تأثيره، ولكنهم في الوقت نفسه يجهلون قدر الناس، ويبخسونهم قدراتهم في تلقي ما يطرح عليهم من مضامين ومواد مختلفة التوجهات، والتفاعل معها أو تجاهلها..نظريات البحث في التأثير الإعلامي تجاوزت منذ عقود طويلة ما يظن المؤيدون أو الغاضبون لما تطرحه العديد من الصحف والفضائيات من انتقادات وتهكمات تتعلق بالأداء السياسي للنظام الحاكم، أنها قادرة على تحقيقه، فهذه الوسائل لم يعد يمكنها أن تغير أراء متابعيها بنفس الطريقة التي كانت تحدث في الماضي حين كانت هذه الوسائل قادرة على إحداث التحول في اتجاهات وسلوك الجمهور، كما هي الحقنة تحت الجلد، وقد أثبتت الكثير من الاحداث التي جرت في بحر العامين الماضيين هذه الحقيقة بوضوح تام؛ فحين شحن الإعلام بمختلف وسائله المقروءة والمرئية الناس ضد انتخاب أيا من المرشحين شفيق أو مرسي في انتخابات رئاسة الجمهورية، لم يرتقٍ لمرحلة الإعادة غيرهما، فيما خرج الجميع من الحلبة خاسرين، وحين حشد الإعلام الناس ضد التصويت بلا على الدستور الجديد، كانت الأغلبية بمايفوق الثلثين لصالح من قالوا نعم، وحين حشد الإعلام الناس ضد انتخاب أنصار التيارات الإسلامية في انتخابات مجلسي الشعب والشورى، لم ينجح غيرهم إلا قليلا..في مقال سابق قلنا أن خطبة جمعة واحدة قد تكون أكثر تأثيرا من مئات الحلقات التلفزيونية، وعشرات المقالات الصحفية، ومن ثم فإن الضجيج الحادث الآن حول تأثير الإعلام على الاوضاع السياسية في مصر، لا أراه في محله، إلا فيما يتعلق بمن يشاهد الصورة من الخارج، من يراها فقط من خلال الشاشة أو الصحيفة.. كثيرون من المصريين المقيمين في الخارج يشعرون بالذعر وهم يشاهدون الاشتباكات التي تحدث في المظاهرات، ويتصورون من

خلال الشاشة أن البلد صارت مرتعا للخارجين عن القانون وقطاع الطرق والبلطجية، وأن المصريين ينامون وفي أسفل وسائدهم كل أنواع السلاح التي يدافعون بها عن انفسهم وأموالهم وعيالهم..أما المصريون الذين يتابعون الاوضاع على أرض الواقع، فأعرف منهم الكثير الذي توقف عن المتابعة من الأساس.
اللافت للنظر بحق ليس هذا الضجيج المفتعل من جانب طرفي اللعبة السياسية حول قوة وتأثير الإعلام، إنما هذه النغمة الجديدة في أداء المذيعين ومقدمي البرامج، حيث أصبح الخروج عن آداب المهنة واللياقة اللفظية – إن صح التعبير _ بل واستخدام تعبيرات وتلميحات جنسية خارجة في طرح القضايا ومناقشتها أمام ملايين المشاهدين، هو عين التميز والابداع، هو من يجعل من المذيع نجما لامعا في سماء شبكات التواصل الاجتماعي حيث يتهافت المتصفحون على مشاهدة فيديوهاته والتعليق عليها، بغض النظر عن مضمون هذه التعليقات.. وللأسف فإن هذه المساحة من الخروج والتجاوز تتسع تدريجيا، وينضم إليها كل يوم مذيعون جدد، اصبحوا يتفننون في البحث عن هذه الكلمات بين خطابات الرئيس أو غيره من السياسيين.. مذيعة في قناة خاصة تحظى بمتابعة لا بأس بها، انضمت مؤخرًا إلى هذا الركب، وكان حديث الرئيس مرسي عن الأصابع التي تلعب في البلد، مادة خصبة لها، لتبدأ في وصلة من الكلمات والايحاءات والغمزات واللمزات الفاضحة، والغريب أنها قدمت هذه الوصلة بمقدمة تحدثت فيها عن المهنية والاحترافية في العمل الإعلامي! أي عبث هذا يا سيدتي.. عن أي مهنية تتحدثين، وأنت تقتطعين كلامًا من سياقه لتضيفي عليه ايماءات وايحاءات، أراها قد تجرح حيائك، قبل حياء متابعيك.