رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سوريون في مصر

لا تخطئهم العين .. تجدهم منتشرون في الشوارع ، والمولات ، وأمام المساجد ، والجمعيات الخيرية .. تتشابه ملامحهم الجميلة رجالا ونساء ، وتختلف أحوالهم وظروفهم .. قليل منهم رأيتهم في المولات يبتاعون جميع احتياجاتهم بكميات كبيرة ..

وفهمت من بعض أحاديثهم أنهم يستأجرون مساكن مرتفعة الثمن .. أكثرهم لا يجد قوت يومه .. بمعنى أدق يتسولون هذا القوت من أمام المساجد ، وينتظرون في قوائم طويلة أمام الجمعيات الخيرية .. بعضهم يحصل على مواعيد للدخول بعد شهر، وهو لا يجد مأوى أو طعام .. قد يكون من بينهم أطفال صغيرة أو فتيات في سن حرجة ، لا يمكنهم الانتظار في الشارع ولو لساعات ، وليس شهرا كاملا .. الخالق لا ينسى أحد، ولا يطلب من محتاج لجأ اليه، طالبا ستره ، ورحمته ، ومقدرته في خلقه، أن ينتظر .. يسخر له من عباده المخلصين من يساعد هؤلاء ، ويمد لهم يد العون ، ويقدم لهم المأوى والطعام، بحسب قدرته وامكانياته .
الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين .. صدقت يا حبيب الله ، الناس في بلدي قلوبهم رقيقة .. رحيمة .. عطوفة على من ضاقت بهم الحياة من فرط تجبر وتكبر مخلوق ضعيف ، فضل أن يعيش حياته الدنيا سلطانا غاشما ظالما قاتلا ، لا يعي أن الدنيا بكل ما فيها ومن فيها، أهون عند الله من جناح بعوضة .. الحياة العسرة التي يعيشها المصريون الان ، لم تمنعم من أن يقفوا صفا واحد إلى جانب أشقائهم في العروبة والدم والحرب .. الحكايات هنا كثيرة.. في كل منطقة سكنية عشرات الحواديت التي تؤكد جميعها على نفس المعنى .. جميعنا في الهم عرب.. فاجأني كثيرا أن اعلم أن بعضا ممن ضاقت عليهم بلادهم في سوريا المذبوحة .. قد وصلوا إلى أقصى الصعيد .. يتنقلون بين قرى صغيرة في محافظة

أسيوط .. ولكنها كبيرة بناسها وأهلها الكرماء رجالا ونساء .. عرضوا عليهم البقاء بينهم .. أخوة وأهلا .. رفضوا .. فضلوا السفر إلى تركيا للالتقاء بذويهم وأهلهم ممن سبقوهم في الهروب من جحيم الطاغية بشار الاسد .. جمعوا لهم ما استطاعوا ، وما يمكنهم من شراء تذاكر السفر، ويعينهم على مواصلة رحلة البحث عن الضنا والأهل .
هذه واحدة من قصص وحكايات لا تنقطع عن معاناة السوريين الفارين من بطش الاسد .. هنا وهناك عشرات غيرها .. يعلم الله وحده كيف كان يعيش هؤلاء في عز وكرامة عرفت دوما عن السوريين .
لم يزل العالم من حولنا يشاهد هذه المأساة صوتا وصورة وكأنها فيلم سينمائي طويل ، ينتظر الجمهور نهايته مع أخر قطرة دم في الجسد السوري العليل.
شاهدوا الدماء تنزف .. والأطفال تقتل وتشوه .. والنساء تغتصب وتذبح .. والبيوت تهدم وتحرق .. ثم مصمصوا شفاهكم .. والعنوا بشار ومن ورائه .. وقوموا إلى أعمالكم أو سهراتكم .. شاهدوا فيلما كوميديا ينسيكم هذه الصور المرعبة قبل أن تذهبوا إلى أسرتكم ، تتلحفون بغطاء وثير، يقيكم شرد البرد القارص هذا الشتاء .. حينها تذكروا أن عرب مثلكم لا يجدون ما يقيهم شر القنابل والرصاص ، وليس شرد البرد القارص.